«يابيه يابيه الحق نعمة يابيه ماتسيبهاش لوحدها، خالتى مظلومة يابيه الجوازة زور فى زور».. هذه العبارة الشهيرة التى قالها الطفل «على» ابن شقيقة نعمة فى فيلم «أفواه وأرانب»، كانت محورًا مهمًا من محاور الفيلم وظهرت معها براءة نعمة اللى عاد لها حبيبها.
لا ينس الكثيرون هذا المشهد المهم فى الفيلم الذى قامت ببطولته سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والفنان الكبير محمود ياسين، وشارك فيه عدد كبير من الأطفال الذين قاموا بأدوار أبناء شقيقة نعمة، ومنهم الطفل محمد عبدالواحد.
وجهه مألوف للجميع، فصورته وهو طفل محفوظة فى أذهان أجيال الثمانينات والتسعينات والأجيال الحالية التى استمتعت بأفلام «عالم عيال عيال، والاحتياط واجب، ولست شيطانا ولا ملاكا، وامرأة بلا قيد، وليالى ياسمين ولا تظلموا النساء»، ومسلسلات «أحلام الفتى الطائر، وصيام صيام، والشهد والدموع، وعم حمزة، وغيرها»، كما شارك فى عدد كبير من مسلسلات وبرامج الأطفال.
التقينا بالفنان محمد عبدالواحد الذى أدى كل هذه الشخصيات حتى أصبح وجهه أحد أشهر وجوه أطفال السينما والتليفزيون وشارك فى العديد من الأعمال مع عمالقة الفن، ومنهم عبدالوارث عسر، عمر الحريرى، يحيى الفخرانى، ورشدى أباظة، ونور الشريف، وحسين فهمى، محمود ياسين وعادل إمام ومديحة كامل وأحمد زكى، واستعان به عمالقة الإخراج ومنهم بركات وحسن الإمام ومحمد فاضل.
فسر الفنان محمد عبدالواحد غيابه عن الشاشة، بعدما شارك فى فيلم الاحتياط واجب، بطولة أحمد زكى ومديحة كامل، قائلا «اتربينا فى بيئة وبطريقة معينة، واشتغلت فى الفن منذ كان عمرى 7 سنوات وابتعدت كما ابتعد أطفال كثيرون من أبناء جيلى الذين عملنا معًا بعدما وجدنا أن الجو مش بتاعنا وبيئة العمل تغيرت».
وتحدث عن جيله، قائلا «كنا حوالى 40 – 50 طفلا أكبرنا ممدوح عبدالعليم، ومن جيلنا أحمد سلامة ومحسن محيى الدين، وهالة أنور ومدحت جمال وعمرو سهم، اتربينا واتدربنا واتعلمنا سوا وكنا أصحاب ونعرف بعض ويتواصل الكثيرون منا حتى الآن، وأولادنا دلوقت يعرفوا بعض».
يحكى عن هذا التجمع من أطفال الزمن الجميل وكيف تم تدريبهم «كنا جميعا ننتمى لفرقة أطفال التليفزيون التى كانت تقيم مسابقات لاختيار الأطفال الموهوبين وكانت أختى الأكبر منى سبقتنى فى الالتحاق بالفرقة وهى تعمل الآن مذيعة، وكانت الفنانة إنعام الجريتلى هى التى تتولى تدريبنا وهى التى صنعت هذا الجيل، فكانت تدربنا على الموسيقى على يد الدكتورة رتيبة الحفنى وعلى الفنون الشعبية على يد الفنان حسن السبكى والفنان أحمد نديم، كما كنا نتدرب على اللغة العربية والشعر والتأليف والإخراج ونعمل كمساعدى إخراج ونحن فى هذا السن الصغيرة، وهو ما جعل كل من تدرب فى مدرسة إنعام الجريتلى يمتلك قدرات الفنان الشامل».
وتابع «جميعنا شارك فى برامج الأطفال فى التليفزيون والإذاعة ومع أبلة فضيلة فى برنامج غنوة وحدوتة، وكانت تستضيف فيه عمالقة الأدب والفن ليطرح عليه الأطفال أسئلتهم ويعقد معهم نقاشا مفتوحا، ومنهم الأديب العالمى نجيب محفوظ، والعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ».
يحكى عن لقاء الأطفال مع عبدالحليم حافظ، قائلا «كلنا أصابتنا الدهشة حين رأيناه أمامنا فى الأسانسير ولم ننطق لأننا لم نصدق أننا نرى العندليب الأسمر فضحك وكان بسيطًا ولطيفًا جدًا وأجاب على جميع أسئلتنا فى اللقاء بكل حب وكان ودودًا معنا جميعًا».
يحكى محمد عبدالواحد عن بداية عمله بالتمثيل واختياره فى أول عمل فنى وهو فيلم «عالم عيال عيال»، مشيرًا إلى أنه تم اختياره هو ومجموعة من أطفال التليفزيون للمشاركة فى الفيلم الذى قام ببطولته الفنان رشدى أباظة والفنانة سميرة أحمد التى أنتجت الفيلم.
وعن أجواء العمل مع هؤلاء العمالقة، قال «كنت أقوم فى الفيلم بدور الابن الأكبر للفنان رشدى أباظة، واستطاع هذا العملاق بضحكته وبساطته أن يذيب كل خوف ويتعامل معنا كأب حقيقى، فكان يفرد ذراعيه حين يرانا ويأخذنا فى حضنه، ولم يثور أو يغضب إذا أخطأ أحد منا».
وتابع «استمر تصوير الفيلم لمدة شهرين وصورنا جزءًا منه فى شهر رمضان، فكان الفنان رشدى أباظة يحرص على أن يحضر الطعام من بيته ويجلس على الأرض ليأكل مع العمال، ولا أنسى أننا حين كنا نصور أحد المشاهد فى عمر أفندى أعجبنى طقم ملابس ولاحظت الفنانة الكبيرة سميرة أحمد ذلك، فطلبت من مدير الإنتاج أن يشتريه وفوجئت بأنها وضعته فى حقيبة هدايا وأهدته لى».
وأضاف «كانت أجواء العمل طيبة والكل يتعامل بحب وود حتى أن كبار النجوم شاركوا فى الفيلم فى مشاهد قليلة مجاملة لبعضهم البعض ومنهم الفنان سمير غانم الذى قام بمشهد واحد وهو مشهد الطبيب، وكذلك الفنان عبدالمنعم إبراهيم الذى ظهر فقط فى مشهد ناظر المدرسة».
يستكمل طفل السينما والتليفزيون الذى أصبح مؤلفًا ويعمل بالتسويق حديثه عن رحلته مع الفن، قائلًا «بعد فيلم عالم عيال الذى شاركت فيه وأنا فى الصف السادس الابتدائى، شاركت فى فيلم أفواه وأرانب مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة».
وعن اختياره فى هذا الدور، قال «ذهبنا مع مجموعة من الأطفال وكانت الفنانة الكبيرة فاتن حمامة تجلس مع المخرج الكبير بركات ومعهم المؤلف سمير عبدالعظيم وكانت تتكلم معنا لترى طريقة حديثنا ومخارج الألفاظ وتختار الأطفال المشاركين، وهى التى اخترتنى لأقوم بدور ابن شقيقتها الذى يحاول تهريبها من البيت، والذى يجرى وراء حبيبها ليقول له «يابيه خالتى مظلومة» فى نهاية الفيلم».
وعن سبب اختيارها له قال محمد عبدالواحد «كانت سيدة الشاشة تتابع كل مشاهد الفيلم وفى أحد المشاهد كان مفترض أن شقيقى سرق دجاجة وجلست أمى لتنظفها وجميع الأبناء فى الكادر يتابعونها وينتظرون أن تنتهى من طهيها، فأعجبها تعبيرى فى هذا المشهد الذى لم نتكلم فيه وقالت عاوزة الولد ده يعمل مشهد محاولة الهرب والمشهد الأخير الذى أجرى فيه وراء الفنان محمود ياسين لأخبره بالحقيقة».
يشير إلى أن أسرته لم تصدق أنه سيمثل أمام سيدة الشاشة العربية حتى تم عرض الفيلم، مؤكدًا أن الفنانة فاتن حمامة كانت تتعامل معهم وكأنها أم، وتخاف على مصلحة الأطفال فى الفيلم فكانت توقف التصوير فترة الامتحانات وتتعامل معهم بعطف وحنان، كما أنه تعلم الكثير من التقنيات الفنية رغم صغره، حيث كان مدير التصوير وحيد فريد يقول له «اسرق إضاءتك» ليعلمه كيف يستقبل الإضاءة ويتعامل مع الكادر، مشيرًا إلى أن هذا التدريب جعل عددا من أبناء جيله يتجهون للعمل فى الإخراج والصوت والإضاءة والتأليف.
وأكد أن المخرج هنرى بركات استعان به فى عدد من الأفلام بعد نجاحه فى فيلم أفواه وأرانب فاختاره للمشاركة فى فيلم «لست شيطانا ولا ملاكا فى دور شقيق الفنان نور الشريف، الذى كان ينصحه دائما بالقراءة حتى ينمى موهبته، كما قام بدور شقيق حسين فهمى فى فيلم «امرأة بلا قيد»، وشاركت فى الفيلم الفنانة نيللى، وفيلم «ليالى ياسمين» مع نادية الجندى وكل هذه الأفلام إخراج هنرى بركات، وبعدها اختاره المخرج حسن الإمام للمشاركة فى فيلم «لا تظلموا النساء».
وشارك محمد عبدالواحد فى فيلم الاحتياط واجب مع الفنان الكبير أحمد زكى ومديحة كامل وإخراج أحمد فؤاد، وعن هذا الفيلم، قال «كان العملاق أحمد زكى يتقمص الشخصية وفى الأيام الثلاثة الأولى للتصوير لم نختلط به لأنه كان يقوم بدور مشرف فى الإصلاحية وكانت علاقته بالشباب والأطفال بها فى بدايتها على غير مايرام، وبعدها اندمج معنا وتقرب منا، أما الفنانة مديحة كامل فكانت بونبوناية العمل وفى غاية الطيبة واللطف، وكانت تصطحبنا لنخرج بعد التصوير وكان الفنان أبو بكر عزت يقوم بتوصيلنا إذا تأخرنا فى التصوير، حيث كنا نعيش فى جو عائلى خلال العمل وكان الجميع يتعامل معنا بود شديد».
يحكى عبدالواحد عن تجربته فى العمل مع الزعيم عادل إمام فى مسلسل «أحلام الفتى الطائر»، حيث قام بدور صبى الترزى الذى كان يعلم إبراهيم الطائر فى طفولته، وقام بدور الترزى الفنان الكبير عبدالوارث عسر، قائلا «كنت أضحك أثناء التصوير كلما نظر لى الزعيم الذى ارتبط فى أذهاننا بالأدوار الكوميدية وهو ما تسبب فى إعادة المشهد أكثر من مرة، ورغم ذلك لم يغضب الزعيم بل كان يضحك معنا ويتعامل بود شديد».
وتابع «أتذكر جيدًا أن الفنان الكبير عبدالوارث عسر كان يحتفظ بقطعة قماش فى جيبه وبمجرد أن يسمع الأذان يسرع للصلاة، وعلمنى أهمية الصلاة فى وقتها، وكنا طوال الوقت نتعلم قيم ومعان جميلة».
وأوضح أنه ابتعد عن التمثيل بعد فيلم «الاحتياط واجب»، حيث التحق بكلية الآداب قسم لغات شرقية، وبعدها التحق بأكاديمية الفنون ودرس النقد الفنى،قائلا «لقيت الوسط اتغير فاتجهت للكتابة وإعداد برامج الأطفال وعملت مساعد إخراج فى بعض البرامج، وبعدها اتجهت للتأليف والإخراج المسرحى وكونت فرقة مسرحية بنادى الزمالك، وعملت فى مجال التسويق».
وأشار الفنان محمد عبدالواحد إلى أنه مؤخرًا قام بتأليف وإخراج مسرحية بعنوان «ماحدش يقدر علينا» يقوم ببطولته رفيق عمره وصديقه منذ أيام الطفولة الفنان محسن محيى الدين، مفسرًا عن مشاركته فى التمثيل بها، قائلًا «لم أجد فيها دورًا يناسبنى، وأفكر فى العودة للتمثيل قريبًا».
طفل السينما الشهير محمد عبد الواحد أصبح الآن أبًا لطفل اسمه مهاب يبلغ من العمر 16 عامًا ويهوى العزف على البيانو والرسم.