وقالت كانج، إن "وضع أحمر الشفاه أمر لا يمكن تصوره فى كوريا الشمالية"، وأضافت: "اللون الأحمر يرمز إلى الرأسمالية، وهذا هو السبب وراء عدم السماح به فى المجتمع الكورى الشمالى"، وتعيش كانج، الآن فى العاصمة الكورية الجنوبية، سيؤول، وهربت الشابة، التى تبلغ من العمر 22 عاما، من كوريا الشمالية، فى عام 2015، بسبب نظام يُقيّد حرياتها الشخصية، مثل ما ترتديه وتسريحة شعرها.
ولم يُسمح لمعظم الأشخاص من مسقط رأس "كانج" سوى بوضع أحمر شفاه خفيف، وكان يجب ربط الشعر الطويل بشكل مرتب، أو تصفيفه على شكل ضفيرة، وكانت كانج تعبر الأزقة بدلاً من استخدام الطرق الرئيسية من أجل تجنب الـ"Gyuchaldae"، أو ما يُشار إليهم بشرطة الموضة فى كوريا الشمالية.
ووفقًا لما ذكرته هاربتان من كوريا الشمالية، فى مقابلة مع CNN، بعد هربهما من بلدهما بين عامى 2010 و2015، فإن ارتداء الملابس التى تُعتبر "غربية جداً" قد يعرّض المرء لغرامات صغيرة، أو الإذلال العلنى، أو حتّى العقاب.
وتتضمن تلك الملابس التنانير القصيرة، والقمصان التى تتزين بكلمات باللغة الإنجليزية، وسراويل الجينز الضيقة، وأوضح نام سونج ووك، وهو أستاذ الدراسات الكورية الشمالية فى جامعة كوريا، أن العديد من النساء تُعطى التوجيهات لهن لارتداء ملابس أنيقة تعطى انطباعاً بالترتيب.
ورغم عيشهنّ فى أحد أكثر البلدان تقييداً فى العالم، إلا أن "كانج"، تؤكد أن الكوريات من جيل الألفية كنَ يواكبن أحدث صيحات الأزياء خارج بلادهن، ويُعد "Jangmadang"، الذى يُترجم إلى "سوق"، هو الاسم الذى مُنح للأسواق الكورية الشمالية المحلية التى تبيع كل شىء، مثل الفاكهة، والملابس، والمنتجات المنزلية.
ولا يزال العديد من الكوريين الشماليين يزورون هذه الأسواق بحثاً عن ضرورياتهم اليومية، ولكنها تُعد أيضاً مصدر المنتجات غير القانونية التى يتم تهريبها إلى البلاد، مثل الأفلام، والموسيقى، والمسلسلات الأجنبية، ويتم نسخ هذه المحتويات الأجنبية إلى أجهزة "USB"، والأقراص المضغوطة (CD) فى كوريا الجنوبية، أو الصين، ليتم تهريبها إلى كوريا الشمالية.
من جهته، أشار سوكيل بارك، وهو مدير البحث والاستراتيجية لمجموعة حقوق الإنسان التى تُدعى "Liberty in North Korea"، إلى أن شباب كوريا الشمالية الذين يعيشون فى المدن يتأثرون بثقافة العالم الخارجى، ومن شأن ذلك التأثير على صيحات الموضة، وتسريحات الشعر، إضافةً إلى معايير الجمال فى البلاد.
وقبل هربها من كوريا الشمالية فى عام 2010، قالت جو يانج، التى تعمل حالياً كمصصمة مجوهرات، إنها اعتادت على زيارة سوق "Jangmadang" مع صديقاتها للعثور على أجهزة "USB" تحتوى على أفلام، إضافةً إلى أشهر الأغانى المصورة من كوريا الجنوبية، كما كانت مستحضرات التجميل الكورية الجنوبية أغلى بمرتين أو 3 مرات من المنتجات الكورية الشمالية والصينية الصنع بحسب ما قالته.
ورغم عدم وجود علامات تجارية خاصة بالمستحضرات التجميلية معترف بها دوليا فى كوريا الشمالية، إلا أن وكالة أنباء كوريا الشمالية "KCNA" زعمت أن صناعة مستحضرات التجميل لديها مزدهرة، وفى نوفمبر الماضى، استضافت بيونج يانج، عرضا دوليا لمستحضرات التجميل، حيث تم تقديم أكثر من 137 ألف منتج تجميلى تضمن مستحضرات تعزز الدورة الدموية، ومنتجات مضادة للشيخوخة، وفقاً للوكالة.
وتأتى الموجة الأخيرة لتطوير صناعة مستحضرات التجميل المحلية فى ظل العقوبات الدولية المتفاقمة على البلاد، وهو أمر زاد من صعوبة استيراد كوريا الشمالية لمكونات ومنتجات عالية الجودة، بحسب ما قاله "نام".
وقد تكون مستحضرات التجميل المصنوعة محليا متوفرة بسهولة فى كوريا الشمالية، ولكن ليس لديها التنوع ذاته الذى تتمتع به العلامات التجارية الأجنبية، وقال بارك، إن الأشخاص الذين يستخدمون مستحضرات التجميل المُهربة لا يقومون بالتجربة بما يتعلق بمظهرهم، فهم يحاولون أيضاً دفع حدود ما هو مقبول فى كوريا الشمالية.
وفى كوريا الجنوبية، تقول كل من، يانج، وكانج، إن لديهما القدرة على التعبير عن أنفسهما بطريقة لم يُسمح لهما بها من قبل، وأكّدت كانج: "بالنسبة لى، الجمال هو الحرية"، فيما يتوقع بارك، الذى يعمل مع الكثير من الهاربين الجدد فى كوريا الجنوبية، وجود تغيير أكبر يمكن للجمال أن يجلبه فى المجتمع الكورى الشمالى، وأوضح بارك أن الحكومة أصبحت على علم بالجيل الأصغر سناً الذى يتمرد ضد الثقافة التى وافقت عليها الدولة، ما يدفعها إلى التكيّف والسماح بقدر من المرونة من أجل الحفاظ على السلطة.