رسموا الابتسامة على شفاه الملايين رغم أنهم تجرعوا أحزان اليتم ولم تكن حياتهم سهلة، انتزعوا الإبداع من رحم المعاناة، ونشروا البهجة رغم الأحزان، وأكسبتهم الآلام قدرة ومناعة ومنحتهم خفة ظل سخروا بها حتى من آلامهم وأحزانهم.
لا يتخيل الكثيرون أن ملوك الكوميديا الذين أضحكونا ورسموا البسمة على وجوه الملايين من كل الأجيال وفى كل أنحاء العالم العربى عانى عدد كبير منهم من أحزان وآلام اليتم وعاشوا طفولة بائسة ذاقوا بعد أن حُرموا من حنان الأم أو عطف واحتواء الأب.
فلا يمكن حين ترى ابتسامة الضاحك البرىء يونس شلبى أو تستمع إلى إيفيهاته الشهيرة التى يحفظها الملايين، من منصور ابن الناظر فى "مدرسة المشاغبين"، وعاطف ابن رمضان السكرى فى "العيال كبرت"، أو حين ترى حلقات بوجى وطمطم التى أمتعت ملايين الأطفال، وغيرها من أعمال استطاعت أن ترسم الضحكة والابتسامة على وجوه الملايين أن تتخيل حجم ماعاناه صاحبها مع اليتم سواء الذى عايشه فى طفولته أو ما عاناه أطفاله من بعد وفاته.
وفى حوار مع أرملة الضاحك البرىء لـ"عين" تحدثت عن طفولة يونس شلبى التى تتشابه كثيرا مع طفولة أبنائه، حيث ولد فى 30 مايو 1941 بمدينة المنصورة، وهو ابن وحيد على بنتين هو أصغرهما.
وكان والد يونس شلبى يعمل تاجرا كبيرا فى بورصة القطن وخسر أمواله ومات من الحزن وترك زوجته شابة ومعها ابنتان فى عمر 15، 17 عاما، بينما كان يونس شلبى لم يتجاوز 3 سنوات.
وأوضحت أرملة يونس شلبى: «والدته جوزت البنتين وعاشت باقى عمرها مع يونس، كانت روحه وكان روحها، وبعد حصوله على الثانوية العامة فى المنصورة اتنقلت معه ليعيشا بالدراسة، ثم حدائق القبة فى القاهرة بعد التحاقه بكلية التجارة جامعة عين شمس، وكانت مواهبه الفنية ظهرت فى فرق التمثيل بالمدرسة والجامعة».
كان الفنان يونس شلبى يعمل خلال فترة دراسته الجامعية فى الحسابات بمستشفى أبوالريش وبجامعة عين شمس، لينفق على نفسه ويساعد والدته على أعباء الحياة، كما أشارت أرملته.
وعن زواجهما قالت: «يونس كان مرتبطا بوالدته جدا، لأنها عاشت حياتها ليه ورفضت الزواج، رغم أنها كانت صغيرة وجميلة جدا وقت وفاة والده، وكان بيدور على عروسة تراعى والدته وتستوعب ارتباطها بيه، وعلشان كدة اتأخر فى الزواج حتى سن 45 سنة، بعد أن حقق شهرته فى عالم الفن».
وتابعت: «يوم وفاة أمه صرخ، شرايينى ماتت معاكى يا أمى، وفعلا بعدها تدهورت حالته الصحية والنفسية، وأصيب بجلطات فى القلب والمخ".
عانى الضاحك البرىء معاناة طويلة مع المرض وأجرى العديد من العمليات وأنفق مبالغ كبيرة على العلاج حتى وفاته تاركا 6 أبناء أكبرهم فى الصف الثانى بكلية التجارة وأصغرهم فى الصف الرابع الابتدائى، وعانى أبناؤه مع اليتم كما عانى والدهم الذى أسعد الملايين.
أما ناظر مدرسة الضحك الفنان علاء ولى الدين الذى أضحك الملايين واستقرت كلماته وإيفيهاته فى وجدان كل الأجيال ومنها: "كله ضرب ضرب مفيش شتيمة.. واكلة كرنب وهابهدلك.. ياعينى عالحلو لما تبهدله الأيام.. يعيش الوطن واحنا مش مهم.. لف وارجع تانى.. اعمل نفسك ميت»، فقد عانى مع اليتم وتحمل مسئولية أكبر من طاقته وهو فى سن الصبا.
وعلاء ولى الدين هو الابن الأكبر للفنان سمير ولى الدين الذى جسد دور الشاويش حسين فى مسرحية شاهد ماشفش حاجة، والفراش جابر فى مدرسة المشاغبين.
ولعلاء شقيقان أصغر منه هما خالد ومعتز، ولم يكد علاء ولى الدين يبلغ سن 14 حتى بدأت أولى صدمات العائلة بوفاة الوالد بشكل مفاجئ، كما أشار شقيقه معتز ولى الدين فى حوار لـ عين.
وقال شقيق ناظر مدرسة الضحك: «كان والدى سهران فى عيد ميلاد ابن مدير إنتاج بالتليفزيون وشعر بتعب مفاجئ حيث كان مريضا بالسكر، ونقلوه للمستشفى وتوفى ولم يعد للمنزل وكان عمره 48 عاما، وتركنا وكان عمر علاء وقتها 14 عاما بينما كان عمر خالد 11 عاما وكنت انا لم أتجاوز سن 9 سنوات، وكانت والدتى وقتها لم تتجاوز سن 38 عاما".
وتابع معتز ولى الدين: "علاء شال المسؤولية وبقى راجل البيت وعائل الأسرة رغم صغر سنه وأخذنا تحت جناحه وأصبح الأب والأخ، وعندما وصل لسن 16 سنة واستخرج بطاقة اشتغل علشان يساعد والدتى، اشتغل فى مطاعم وأمن فى أوتيلات واتنقل فى شغل كتير، كان فى معاش للوالد ولكن طبعا مسؤولية 3 أولاد وأمهم كانت كبيرة».
يحكى الشقيق الأصغر عن العلاقة الخاصة بين علاء ووالدته: «كانت علاقة قوية جدا، كانوا كيان واحد هدفه رعاية عيلة، وبعد وفاة أبويا تقدم كثيرون للزواج من أمى وكان ردها: أنا متجوزة 3 رجالة علاء وخالد ومعتز».
وعن حلم التمثيل قال شقيق علاء ولى الدين: «كانت وصية أبويا لعلاء الحصول على شهادة جامعية قبل أن يتجه للتمثيل، ورغم رغبة علاء فى الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، إلا أنه التحق بكلية التجارة، وكانت له بعض محاولات التمثيل فى الجامعة ولكن لم يبدأ محاولاته لاحتراف التمثيل إلا بعد التخرج».
عانى علاء ولى الدين من مرض السكر منذ ن كان عمره 16 عاما وكان يتعامل حتى مع المرض بالضحك وحقق خلال عمره القصير شهرة وجماهيرية ومحبة كبيرة فى قلوب الملايين حتى توفى بشكل مفاجئ قبل أن يكما 40 عاما فى أول أيام عيد الأضحى وبعد أن ذبح الأضحية عام 2003.