لا ينكر أحد أن شاشة التلفزيون بعد الإفطار فى شهر رمضان المبارك لها أهمية بالغة تكاد تصبح أهم مظاهر الشهر الفضيل فى عصرنا الحالى.. فسابقا كانت الموالد والمقاهى الشعبية والمسحراتى من أهم المظاهر المصاحبة لشهر الصيام حتى احتلت شاشات التليفزيون مساحات كبيرة من دائرة اهتمام المواطن المصرى والعربى.
وكانت فوازير رمضان أهم ما ينتظره ويتابعه الجمهور قبل عقود من الآن.. ولأسباب كثيرة ظلت الفوازير هى الوجبة المفضلة للمشاهد بعد الإفطار فقد كانت خليط عبقرى من الدراما والأستعراض والغناء.. وقد بدأها المخرج أحمد سالم مع ثلاثى أضواء المسرح سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد عام 1967 فكانت خفة الظل المعروفة عنهم أحد أسباب نجاحها الساحق لأعوام حتى قدمتها الفنانة الشاملة نيللى فكانت نجومية نيللى الكبيرة وموهبتها الفذة فى الغناء والأستعراض سببا فى وصول فوازير رمضان لقمة هرم برامج رمضان المحببة للمشاهد كما كان للمخرج الكبير فهمى عبد الحميد دورا هاما فى تجديد شكل الفوازير واستمراها لعقود.. ثم تلاها فوازير فطوطة للقدير سمير غانم ثم فوازير شريهان صاحبة الخلطة السحرية من التمثيل والغناء والأستعراض وتوالى نجوم كبار على تقديم الفوازير منهم يحيى الفخرانى بالمشاركة مع صابرين وهالة فؤاد وصولا لنيلى كريم.. حتى توقفت الفوازير فجأة وبفعل فاعل.
فبعد أن كان المشاهد يخرج كل ليلة بمعلومة تاريخية أو سياحية أو علمية أو حتى عن أشهر العشاق والشعراء وغيرهم.. أصبح أسيرا لبرامج المقالب التى كان هدفها فى البداية الضحك وإن خرجت عن النص والمعتاد قليلا فيما عرف ببرامج الكاميرا الخفية.. لكنها سرعان ما خرجت عن النص والعادات المصرية المحافظة تماما.. فصارت برامج تتسلى بالسخرية من طيبة وبساطة الناس وتصل إلى حد امتهان الكرامة والسادية أحيانا.. لتغير هذه البرامج بطريقة غير مباشرة طباع الشعب المصرى والعربى فصار يتلذذ بالسخرية والتشفى من الآخر مهما كان وتلاشت الحدود الفاصلة بين الفن والمتعة وبين السخرية والسماجة والتلذذ بإيذاء الناس.
وكانت قمة هذه البرامج السمجة التى ليس لا أى هدف سوى تسطيح الفكر ونشر ثقافة الضحك الهيستيرى حتى على خوف الناس وعلى خيبات الناس برامج رامز جلال وما شابهها من برامج المقالب التى تخلو من أى هدف اللهم إلا جمع أموال الأعلانات وإلهاء الجمهور عن أى قضايا حقيقية تستحق المتابعة والحماس.