فى مثل هذا اليوم عام 634 هجرية نجح جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد فى هزيمة جيش الروم وتمكنوا من فتح مدينة بصرى بالشام، بعد أن حقق خالد بن الوليد انتصارات عظيمة فى فارس كان الموقف لا يزال متأزما فى دمشق بالشام، فقرر أبو بكر الصديق أن يرسله إلى الشام، فأرس له خطابا قال فيه "والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد، والله لا أشيم سيفا سله الله على الكفار".
بعد أن أرسل خالد الرسالة، انطلق بجيشه وتحرك إلى الشام، ولكنه سلك طريقًا مختلفًا تمامًا عبر منطقة وعرة جدًّا هى (صحراء السماوة) التى لم تكن تعبر فيها أية قوافل، وكان الطريق المعروف إلى دمشق بالنزول منها جنوبًا إلى دومة الجندل ثم غربًا حتى جنوب البحر الميت حتى تصعد شمالاً إلى دمشق، وهو طريق آمن ومأمون بالنسبة للمسلمين.
وصل منطقة قبل (الشجرة العظيمة) التى ذكر له الدليل أنه إن لم يقطعها فى يوم واحد هلك هو وجيشه، لقلة الزاد فيها، فاستطاع فعلاً أن يتجاوزها فى يوم واحد وقطع 100 كلم فى يوم واحد، وصَبَّح القوم عند الشجرة العظيمة.
أراد خالد أن يزيد من حصار الجيش الإسلامى لمنطقة الشام؛ لأن المسلمين كانوا قد حاصروا الجنوب والشرق، وهو يزيد من دخوله شمالاً فى الحصار. كان بن الوليد يعلم أن الروم لا يمكن أن يتوقعوا أن يأتيهم جيش من الشمال أو الشرق وإنما كان كل ظنهم أن المدد سيأتى المسلمين من الغرب أو الجنوب، فمجيء خالد بجيشه من الشمال يُعَدُّ مفاجأة للروم، إذ إنهم لم يتوقعوا أبدًا أن يعبر أحدٌ صحراء السماوة بجيش كبير كجيش خالد!
مجىء خالد بن الوليد من الشمال كان مفاجأة للروم فلم يتوقعوا أن يعبر أحد صحراء الشمال بجيش كبير كجيش خالد بن الوليد وبمجرد أن علم الروم بتجمع 33 ألف جندى خرجوا مباشرة لقتالهم وبادر خالد بتنظيم الجيش فجعل نفسه فى قلب الجيش وجعل رافع بن عمرو فى الميمنة وضرار بن الأزور على الميسرة وقسم المؤخرة إلى نصفين المسيب بن نشبة يمينًا، ومذعور بن عدى شمالاً، وجعل المؤخرة بعيدة عن الجيش، لتأخذ أطراف المعركة، نلاحظ أن قادة الجيش كانوا جميعًا من جيش خالد القادم من فارس.
خرج جيش بُصرى من الحصن، وبدأ يواجه الجيش الإسلامي، وكان خالد قد أمر المؤخرة ألا تشترك فى القتال إلا بعد أن يأمرها بذلك، وقام بالهجوم على جيش الروم بالمقدمة والميمنة والميسرة فقط، فحمل جيش الروم عليه حملة عظيمة، فصبر خالد على هجماته الشديدة المتتالية، ثم نادى على الجيش بقوله: "يا أهل الإسلام الشدة الشدة، احملوا -رحمكم الله- عليهم، فإنكم إن قاتلتموهم محتسبين تريدون بذلك وجه الله، فليس لهم أن يواقفوكم ساعة"، كل ذلك والمؤخرة لا تحارب، يقول قيس بن أبى حازم: " لقد كنا مطمئنين لما يفعله خالد؛ لأننا كنا نعلم أن القليل من العدو والكثير عنده سواء، فإنه لا يملأ صدره منهم شىء".
واستمر القتال على أشده حتى ظن الفريقان أن صبرهما قد نفد، فأمر خالد فرقتى المؤخرة المتأخرتين، فهجمتا من بعيد والتفَّتا من أعلى القوم، ثم انقضتا على جيش الروم من خلفه، فكانت هزيمة داحرة لجيش الروم، وقتلوا مقتلة عظيمة، وهرب بقيتهم إلى داخل حصن بُصرى، وأعلنوا الاستسلام ودفع الجزية، فقام خالد بن الوليد بجمع غنائم الحرب التى خلَّفها الرومان خارج الحصن.