"المرأة القوية" لقب تستحقه بجدارة، فكم من امرأة تمنت لو كانت غادة عبد الرازق، بسبب قوتها وتمردها الدائم وقوة شخصيتها وذكائها وكونها شخصية قيادية، فالحقيقة كل ذلك يتضح وضوح الشمس من خلال تلك الشخصيات التي قدمتها عبد الرازق خلال مسيرتها الفنية، وكأن ملامحها الحادة والجميلة في نفس الوقت تجذب لها مثل هذه الأدوار التي يراها الكثير من السيدات متنفسا لهم وكأنهم يتمنوا في بعض المواقف التي تقدمها غادة في أعمالها لو أنهم مكانها ويقوم بنفس فعلها.
غادة عبد الرازق هي نجمة من العيار الثقيل، وكأنها قد ولدت لتكون نجمة، نعم ؛ ففي وسط كل الفنانات من جيلها أستطاعت أن تحلق بعيدًا وأختارت لنفسها شكلاً مختلفًا وبعيدًا عن زملائها لتخرج من المنافسة معهم، ولكن المفارقة هنا أن غادة لم تكن تخطط أن تكون ممثلة من البداية ولكن كان لديها هدف واضح وصريح تسعي إليه وبشخصيّتها القوية العنيدة كانت لابد وأن تصل إلي ذلك الهدف وهدفها هذا كان "الشهرة"، نعم فهي كانت تحلم بها منذ أن كانت طفلة، حتي أنها في مدرستها كانت تدعي بأنها ابنة الراقصة سهير زكي وقد شهرت في المدرسة بسبب ذلك حتي أكتشف والدها ذات مرة الأمر أثناء زيارته لها في المدرسة ونفي ما تردده غادة لدي أساتذتها وزملائها.
حب الشهرة جعلها تبدأ مسيرتها بأغنية، قدمت أغنية في وسط شريط كاسيت يضم العديد من الأصوات الجديدة والذي فشل فشل كبير فليس أغنيتها فقط التي فشلت بل كل من غنوا معها في الشريط، وهنا وقفت مع نفسها وقفة أخرى وقد أدركت أن الشهرة لن تأتي بالغناء، فقررت أن تكون ممثلة، كل ذلك وهي لا تدري بأن لديها موهبة جبارة، وبعد شهرتها الكبيرة فاليوم أدركت أن الشعر بالنسبة لها مؤذية على حد قولها.
بدأت غادة علي مسرح الدولة وبالتحديد في مسرح البالون حيث قدمت مسرحية استعراضية من إخراج العظيم الراحل حسن عبد السلام، وللمفارقة فهي تري أن المسرح هو سبب رئيسي في شهرتها وفي بداية نجوميتها، تحديدًا مسرحية "حودة كرامة" التي قدمتها مع الفنان أحمد آدم، فتلك المسرحية كانت "فتحة خير عليها" كما يقولون، فمن بعدها حصلت غادة علي أول بطولة لها، وليس أي بطولة حيث كانت أمام العظيم محمود يس في مسلسل "سوق العصر" التي توالت الأعمال القوية بعده.
نعمة الله في "الحاج متولي" دور يعد مختلفًا عن شخصية غادة الحقيقية، ولكنها قدمته ببراعة، تلك الزوجة الثانية للحاج متولي والتي وافقت علي زواجه بعدها من اثنين آخرين وكان كل همها أن تحافظ علي بيتها وعلي زوجها، وظل الناس يذكرون نعمة الله لوقت طويل حتي أن في البداية عرفت بهذا الاسم وليس باسمها الحقيقي، قدمت غادة بعدها دور جريء في "زهرة وأزواجها الخمسة" وجرأته في طرح موضوع مثله، جديد علي الدراما المصرية حينذاك ولكنها قدمته بجدارة والتف الجمهور حول المسلسل ليعرف مالذي سيحدث لزهرة بعد زواجها لخمس رجال سويًا.
مغامرة كبيرة خاضتها غادة عبد الرازق حين قررت تقديم "الباطنية" وتكمن المغامرة هنا في تعلق الناس بفيلم الباطنية لنادية الجندي ، لكن في الحقيقة قدمته عبد الرازق بشكل مغاير تمامًا عما قدم في الفيلم وكان يعد كذلك من المسلسلات الناجحة فبرغم أننا كنا نعرف قصة المسلسل ونهايته إلا أنها بأدائها الرائع المحكم جعلتنا نبكي معها ونقف بجانبها ونرتبك في مواقفها وهذا هو النجاح الحقيقي.
في لحظة قررت غادة أن تغير جلدها، تقدم مواضيع بعيدة كل البعد عما قدمته بالرغم من نجاح ماسبق إلا أنها أعطت لنفسها فرصة لتقديم الجديد، والحقيقة أنها راهنت علي ذلك وكسبت الرهان، فكان أول تغير في مسلسل "مع سبق الإصرار" قدمت فيه دور فريدة الطوبجي تلك المحامية التي عانت طويلاً مع زوجها المدمن وعندما توفي ظنت أن الحياة قد أبتسمت لها، ولم تكن تعرف أن حبها الجديد سيكون لعنة حياتها ودمارها، اعتمد غادة في هذا المسلسل علي المفاجأت التي جعلت الجمهور ينجذب له وينتظر الحلقة تلو الأخرى.
ويبدو أن نجاح المسلسل جعلها تُقدم دون تفكير علي "حكاية حياة" بنفس فريق العمل تقريبًا، كان عملاً متكاملا قدمت فيه دور مريضة نفسية تخدع الجمهور من أول حلقة بأنها مظلومة وضحية وكل من حولها خانها واستقوى عليها، إلي أن نكتشف في النهاية أنها مريضة وكل ماكانت تظنه هو في مخيلتها فقط فكانت الصدمة لجمهورها الذي بالمناسبة يعشق مثل هذه الصدمات في الأعمال الدرامية، والتي تكون سببًا كبيرًا في نجاح المسلسل .
وبعد عدة تجارب منها من كان ناجحاً ومنها من لم توفق فيه غادة، تعود لنا من جديد في الموسم الرمضاني بمسلسل من أقوي مسلسلات رمضان وهو "صيد العقارب" الذي أظن أنه ينتظره الكثير، وينتظر ماذا ستقدم لنا غادة جديد، ولكن يبدو من البرومو أنها ستقدم موضوعاً جديداً ولكن بشخصيّتها القوية التي اعتدنا عليها، "أنا مش هرحم حد" جملة تحمل معاني كثيرة قالتها غادة خلال الإعلان التشويقي للمسلسل، فيبدو أننا سنغوص في صراعات جديدة تواجه غادة في صيد العقارب .