أحمد مالك وطه الدسوقي في أدوار مختفة وتألق مينا أبو الدهب

ولاد الشمس ولاد الشمس
 
أميرة مكاوي
يشهد الموسم الدرامي الرمضاني زخما لا يمكن إغفاله، وتنوعا في الموضوعات المطروحة دراميا ما بين الأعمال التي تناقش قضايا شديدة الحساسية مرورا بالموضوعات الاجتماعية إلى الكوميديا.
 
بالطبع لا يمكن الحكم بشكل مكتمل على عمل من الحلقات الأول، ولكن براعة الاستهلال وسلاسة الحكي يمكن أن تنبئ بجودة العمل الدرامي وتحفز المشاهد على قرار المتابعة اللصيقة وربما تفضيل عمل على آخر. 
ولا أنكر أن كاتبة هذه السطور وقعت في حيرة عما تكتب أمام عدد لا بأس به من الأعمال جدية الصنع شبه مكتملة الأركان مما يقدم هذا العام على المائدة الدرامية المصرية.
 
من أبرز المسلسلات اللافتة للنظر "ولاد الشمس"، الذي يشي من حلقاته الأولى  بأننا أمام عمل متميز حقا، فهو دراما مختلفة تقوم على جيل صاعد موهوب، وتعطيه الفرصة الكاملة لإظهار تميزه وطرح أفكاره التي تستهدف الشباب في المقام الأول، وبالنظر إلى انتاجات WAtchit الأصلية السابقة مثل “ريفو” بجزئيه و”بالطو” و”حالة خاصة” و”دواعي السفر”، يمكن الجزم أنها تستهدف جمهور شاب بالأساس وتطرح قضاياه التي لا يتم تناولها في الدراما المعتادة كما أنها تستهدف جمهور له ذائقه خاصة تتذوق الفن الجيد والموضوعات المختلفة غير عابئة بأن يكون مقدميها من نجوم الصف الأول بتصنيفات السوق التجاري.
 
"ولاد الشمس" تأليف مهاب طارق، يقدم عالم لم تقترب منه الدراما كثيرا، كما أنها لم تقترب منه إلا وهي تقدم الوجه الجميل منه، فدار الأيتام وأولادها الذين يتجاوزون السن ويظلوا داخلها بالمخالفة للقانون لأنهم لا يعرفون مكانا غيرها ولا أهلا سوى من فيها، وفساد مديرها الذي يستغل أبناء الدار في أعمال غير شرعية.هذا الوجه القبيح الذي لا ننعرف عنه إلا حين تحدث مخالفة نقرأها في صفحات الحوادث بين الحين والآخر . 
 
استطاع المؤلف أن يقدم لنا في الحلقات الأولى سردا لقصه شديدة القتامة في إطار لا يخلو من انسانية، فعادة ما يستسهل مؤلفو الدراما في تقديم تلك الفئة بصورة إما تميل الى العنف أو قبيحة الروح ، لكن المؤلف قدم الجانب الإنساني الذي يحمله بطلي العمل ولعه ومفتاح أبناء الدار الذين يحملان على عاتقهما رغم تخطيهما السن مسؤولية أبناء الدار مجتمعين، وقصص حب حتى على غرابتها إلا أن لها بعد نفسي يبررها.
 
واستطاع المخرج شادي عبد السلام أن يقدم تلك القصة بعين مخرج يجيد فهم العالم الذي يتحدث عنه ويبدو ذلك جليا في الديكور الذي صممه أحمد أشرف ومنة راضي، في الدار التي يبدو بها برودة العواطف أو انتقاله إلى أماكن حية في شوارع القاهرة.
 
كما أنه استطاع أن يدير ممثليه بشكل مميز، وقدم منهم شخوصا واقعية وأداء مختلف ، ومنهم طه دسوقي موهبة كبيرة تتقدم بثبات وأداءه لشخصية مفتاح لافت للنظر، قادر على الحفاظ على ثباتها وعدم الوقوع في فخ الاستسهال وتقديمها بالصورة النمطية.كذلك أحمد مالك في شخصية ولعة المتسرع الغضوب.
 
 لكن أكثر من لفت انتباهي من ممثلي العمل هو مينا أبو الدهب الذي يقدم شخصية عبيد لاعب السيرك الذي يحمل ولاءا شديدا لمدير الدار، فهو شخصية مركبة قدمها بعذوبة فائقة .
 
 
مسلسل قلبي ومفتاحه 
 
لا شك أن تامر محسن اسمه فقط أصبح علامة على أننا سنشاهد عمل خاص يناقش قضية جاده لها بعد انساني عميق بنعومة فائقة ، إذ يقدم لنا تامر محسن في "قلبي ومفتاحه" أزمة اجتماعية أخلاقية انسانية وهي أزمة المحلل التي يواجهها العديد من الأسر بعد حدوث الطلقة الثالثة بين الزوج وزوجته، ولكنه يقدمها لنا من خلال شخوص تحمل تراكيب انسانية معقدة.
 
الثلاث أبطال المحوريين الذين تدور حولهم أحداث العمل نجحوا في خطف الأنظار بأدائهم، إذ نرى أسعد أو محمد دياب في ظهور مختلف عما قدمه من قبل، شخصية مركبة معقدة تملك عديد من الطبقات داخلها ما بين السبحة التي لا تفارقه وبره لوالدته وفي نفس الوقت صرامته مع أخته وقسوته مع زوجته التي أباح لنفسه أن يتزوج عليها، ولكن لا يستطيع أن يفارقها ويتحكم بحياتها. 
 
ومحمد عزت الذي يقدمه آسر ياسين، ذلك الشاب الخجول الدمث الذي يخضع لوالدته فينتهي به الحال أعزب، وميار التي تقدمها مي عز الدين التي لا تريد أن تستكمل حياتها مع زوج قاسي ولا تستطيع أن تعيش حياة تتمناها ولا مناص من أن تجد محلل كي لا تفقد ابنها. 
 
تلك الشخصيات التي يطوف حولها الكاتب مستعينا بشخصيات تخدم بنائها الدرامي وتسلط الضوء على تعقيدات أخرى في حياتهم، في صورة واقعية رومانسية وسرد سلس غير صارخـ، يجعل من مسلسل قلب ومفتاحه مسلسل ممتع مشوق، وعمل مميز يسابق في الدراما الرمضانية بثبات.

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر