لدى النجم أحمد بدير مشوار فني ثري يحمل الكثير من النجاحات في عالم الفن ما بين المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، فهو فنان متنوع وشامل وكان ولا يزال له بصمته الخاصة التي لا تشبه أحد.
يبرز اسم أحمد بدير كممثل استثنائي استطاع أن يترك بصمة لا تنسى في ذاكرة المشاهدين، من خلال أدواره المتنوعة، واستطاع أن يقدم شخصيات تاريخية واجتماعية ببراعة نادرة، جعلته واحدًا من أبرز الممثلين الذين ارتبطت أسمائهم بأعمال درامية خالدة.
من أبرز أدواره تجسيده شخصية الزيني بركات في المسلسل التاريخي الشهير "الزيني بركات"، وهي الشخصية التي لها مكانة كبيرة في قلب الجمهور وأحمد بدير نفسه حيث قال الفنان القدير أحمد بدير عنها خلال ندوة تكريمه بالمهرجان القومي للمسرح، "النقلة المهمة في حياتي كانت في مسلسل "الزيني بركات"، فعندما علمت أن المخرج يحيي العلمي رشحني في دور الزيني شعرت بالخوف الشديد والتوتر ولم استوعب تلك اللحظة لأن الجمهور عرفني بالأدوار الكوميدية، فكيف سأتحول لشخصية بعيدة تماماً مثل الزيني بركات.
وأضاف: أتذكر أن أول مشهد كان مع نبيل الحلفاوي وبعد المشهد سألته عن رأيه فأشاد بي، وبعدها لم يتحدثوا إليّ فاتصلت بالأستاذ يحيي العلمي وبكيت وقولت له "مش مفروض لما تستبعدني من الدور تقولي"، ليرد علي: "أنت عبيط، أنا لم أغيرك، وكل يوم اتلقى انتقادات وشتائم والناس تقول لي انت جايب أحمد بدير بتاع (أديلوا أدي) يعمل الزيني بركات!"، ولكن هذا الدور جعلني أتنوع في الأدوار بعد ذلك فالفضل يعود ليحيي العلمي ".
المسلسل الذي يُعدّ من كلاسيكيات الدراما، مأخوذ عن رواية "الزينى بركات"، إحدى أهم الروايات البارزة فى الروايات العربية، التى صدرت عام 1974، حيث كانت تدور حول شخصية تدعى "الزيني" فى عهد السلطان الغورى أوائل القرن العاشر الهجرى، وهى فترة كان الشعب يعانى فيها من صراع الأمراء واحتكار التجار. وترجمت رواية "الزينى بركات" إلى الألمانية والفرنسية عام 1985 بعد أن حققت صدى طيباً فى وسط الدوريات الثقافية فى العالم.
في هذا المسلسل، جسد بدير شخصية الزيني بركات، إذ تجمع الشخصية بين الذكاء والحكمة واستطاع بدير أن يقدمهها ببراعة نادرة، حيث نقل للمشاهدين كل تفاصيلها النفسية والاجتماعية، ما جعلها تبدو حية وواقعية وهو ما جعل دور الزيني بركات يتربع على عرش الأدوار التاريخية في الدراما العربية، ويُعدّ حتى اليوم واحدًا من أفضل الأدوار التي جسدت على الشاشة.
ما يميز أداء بدير في هذا الدور هو قدرته على تجسيد الشخصية بكل تفاصيله، من نبرة الصوت إلى الحركات الجسدية، ما جعلها تبدو من لحم ودم، فهو لديه القدرة الفريدة على التحول بين الشخصيات المختلفة، سواء كانت تاريخية أو اجتماعية..
هذه القدرة على التحول بين الشخصيات تعكس مدى عمق موهبة بدير الفنية، وقدرته على فهم كل شخصية وتقديمها بأسلوب واقعي ومؤثر. فلم يكن مجرد ممثل يؤدي دورًا، بل كان فنانًا يبحث دائمًا عن الجوهر الحقيقي للشخصية، وهو فنان استطاع أن يقدم التاريخي والإجتماعي والكوميدي وتعتبر أدواره مرجعا في فن الأداء وبإتقانه التمثيل، ويحرص على الجودة والدقة، واستطاع أحمد بدير أن يرفع شعار "السهل الممتنع" في أدواره، وبفضل إبداعه، وإبداع غيره من كبار الممثلين في مصر اصبح لدينا أرشيف كبير من الأدوار والشخصيات والمسلسلات الخالدة.
ومن التاريخ إلى عالم الأساطير والتراث تبرز شخصية "الشيخ عبد الأحد" في مسلسل "جودر"، فبعد 30 عاما من نجاحه الكبير في تجسيد "الزيني بركات"، يسجل هدفا جديدا بشخصية "الشيخ عبد الأحد" في ملعب دراما التراث من خلال مسلسل "جودر" الذي يعد من أهم الأعمال التي قدمت في السنوات الأخيرة و استلهم قصته من التراث الغني لعالم "ألف ليلة وليلة"، حيث يجمع بين السحر والخيال في قالب درامي مشوق.
يعد المسلسل تحفة فنية مستوحاة من التراث العربي، حيث يتناول قصة جودر الصياد ابن عمر المصري، وهي واحدة من أشهر القصص التي وردت في كتاب "ألف ليلة وليلة"، ومن خلال هذا العمل، استطاع صناع المسلسل أن ينقلوا المشاهدين إلى عالم مليء بالأساطير والحكايات الشعبية التي تزخر بها الثقافة العربية، وخاصة شخصية الفنان أحمد بدير والذي لعب شخصية الشيخ عبد الأحد.
واستطاع أحمد بدير أن يأخذ الجمهور في رحلة إلى هذا العالم الساحر، مستغلا قدرته على تلوين صوته الرخيم في جعل المشاهد يستمتع بالأداء الصوتي قبل البصري، معبرا عن مشاعر الشخصية بكل اخلاص لمهنة التمثيل، بكل التطورات التي حدثت في سياق شخصيته بالمسلسل ، خاصة عندما يتحالف الخادم عاكف "مجدى بدر" مع شواهى "نور" ملكة الشمعيين مع جوهرة "تارا عماد" ابنة الشيخ عبد الاحد حتى تنتقم من جودر، ليعيش الشيخ بعد الأحد في وضع صعب ما بين حرصه على استكمال مهمته مع جودر وحمايته، وفي نفس الوقت التعامل مع غدر ابنته والخادم.