مصر مليئة بالتاريخ والتراث الشاهد على عظمة الأحداث والتقدم والتطور الذى شهدته على مر العصور، أحد أبرز هذه الشواهد هو المعمار القديم والمميز لمصر مع تعاقب العديد من العصور عليها مثل الرومانى واليونانى والبطلمى وغيرها.
وتعتبر مدينة الإسكندرية زاخرة بالعديد من الشواهد، وتمتلئ بالرموز التاريخية التى يقدرها العالم وتعود لآلاف السنوات، من بينها أقدم شارع فى العالم، وهو شارع فؤاد – حاليًا – والذى تم إنشاؤه فى العصر البطلمى.
شارع فؤاد بالإسكندرية
أطلق البطالمة على الشارع اسم "الطريق الكانوبى"، حيث كان مصفوفاً بالأعمدة الرخامية من بدايته وحتى نهايته، كما سمى بعد ذلك بشارع ميناء رشيد، لأنه كان يبدأ من بوابة رشيد فى الأسوار العربية القديمة ثم يتجه شرقاً ناحية ضاحية أبى قير.
يقع شارع فؤاد بمنطقة محطة الرمل وفى بداية الشارع يوجد حالياً قسم شرطة كان يمثل مركز الحراسة البريطانية الرئيسى بالإسكندرية، والذى كان يجاوره معبد صغير لـ"سيرابيس" مكان نادى "محمد على"، قصر ثقافة الإبداع حالياً، أكبر نوادى الإسكندرية أوائل القرن التاسع عشر، والذى كان الكاتب والروائى البريطانى أ.م.فورستر عضواً فيه، فقد كان نادى محمد على ملتقى الجاليات الأجنبية وبالأخص اليونانية التى كانت تقطن المدينة.
يتقاطع شارع فؤاد مع شارع النبى دانيال، وهو نفس التقاطع الرئيسى لطرق المدينة القديمة والذى وضعه المهندس "دينوقراطيس" على الطراز الشطرنجى الشائع فى المدن الإغريقية، وصفه الأسقف "أخيلوس تاتيوس" مؤلف رواية «كليتوفون ولوسيب» عام 400 م قائلا "أول شىء لاحظته بدخولى الإسكندرية من بوابة الشمس "بوابة رشيد" هو جمال المدينة، وقد ربط صف من الأعمدة بين طرفيها. وبالتقدم بين هذه الأعمدة، وصلت بمرور الوقت إلى الميدان الذى يحمل اسم الإسكندر، هناك استطعت أن أرى النصف الآخر من المدينة، والذى كان على نفس الدرجة من الجمال. بمجرد رؤيتى للأعمدة الممتدة أمامى، ظهرت أعمدة أخرى مكونة من زوايا حادة مع الأعمدة السابقة".
فى هذا الشارع سكن الشاعر اليونانى كفافيس، كما فرض الشارع نفسه فى أحد أهم روايات الأدب العالمى وهى «رباعية الإسكندرية» التى كتب فصولها الروائى الإنجليزى لورانس داريل حيث كان يعمل بالقرب منه.
مركز الإبداع بشارع فؤاد
شهد الشارع إحدى صالات طوسون باشا أول عرض سينمائى فى مصر فى 15 نوفمبر عام 1896. وتزداد حركة العمران فى القرن العشرين وتبرز مجموعة عمارات «عاداه» وهو من التجار اليهود، وكان لهم أنشطة متعددة فى الزراعة وأعمال البنوك بالإضافة إلى التجارة.
لم يكن للمصريين وجود ملحوظ فى شارع فؤاد، فقد كان الشارع ينتمى للحى اللاتينى الذى كان يعرف بحى التوفيقية، وتعود تسميته بهذا الاسم لأن الخديوى توفيق قد منح المهندس الإيطالى "فيلبو بينى" مهمة تخطيط هذه المنطقة عام 1880.