مصر زاخرة بتراثها القبطى والفرعونى الشاهد على حضارات وأديان منذ آلاف السنوات، كانت وستظل القبلة الأولى لمحبى التراث والتاريخ الفرعونى المصرى القديم، خاصة نشأة الديانة المسيحية فيها، ولعل أحد أبرز هذه الوجهات هى منطقة "أبومينا" الأثرية التى تقع فى غرب الإسكندرية.
فى عام 1979 قررت لجنة اليونسكو إدراج هذا المكان ضمن (قائمة التراث العالمي) وبذلك أصبح واحدا من أهم الأماكن التاريخية بمصر؛ لكن عادت اليونسكو وأدرجتها ضمن القائمة المهددة بالإندثار ما حدى بوزارة الآثار لوضع خطة لإعادة ترميمها وسحب المياه الجوفية من أسفلها. كانت المنطقة تضم مدفن القديس مينا وكانت حتى العصور الوسطى المبكرة أهم مركز مسيحى للحج فى مصر والمنطقة، اكتشف هذا المكان فى عام 1905 على يد عالم الآثار الألمانى (كوفمان) حيث تمكن فى صيف عام 1907 من الكشف عن أجزاء كبيرة منه.
بنى الكنيسة القديس أثناسيوس الرسولي في ذلك الموضع ووضع فيها رفات القديس. كتب البابا ثاوفيلس لأركاديوس بن ثيؤدوسيوس الكبير يشكوا له من ضيق المكان بسبب كثرة الزائرين فسمع له الملك، وبُنيت كنيسة عظيمة جميلة ملتصقة بكنيسة البابا أثناسيوس السابقة.
أما عن وصف المدينة فهي يتوسطها فناء متسع على شكل ميدان محاط بصفوف من الأعمدة كان يتجمع فيه المقدّسين المسيحيين وهو محاط بعدة مبان لأغراض مختلفة وفى الشمال تقع دور الضيافة الخاصة بإيواء المسيحيين وفى الجزء الجنوبي تقع الكنائس التي كان مبناها الرئيسي هو كنيسة المدفن التي تضم قبر القديس مينا.
كما أن هناك قارورات تعرف باسم "قارورات مار مينا" مصنوعة من الفخار كان بعضها صغير الحجم لوضع الزيت للتبرك والبعض الآخر كبير الحجم ليحفظ فيه الماء المباركة التى نبعت من عين بجانب القبر ومجموعة أخرى نُقش عليها شكل القديس مار مينا بشكل جانبي وبملامح نوبية وهذا الشكل موجود في المتحف القبطي أما المجموعة الأخيرة فقد رسم على أحد وجهي القارورة القديسة تكلا لارتباط المقدّسين المسيحيين بزيارة ديرها الواقع بالقرب من منطقة أبو مينا.