"زى النهاردة" 26 يوليو من عام 1987، رحل عن عالمنا الأديب والمفكر والكاتب توفيق الحكيم الذى أثرى الحياة الأدبية فى مصر بمختلف الروائع فى مجالات الرواية والقصة القصيرة وله مؤلفات لا تزال رغم مرور عشرات الأعوام عليها تحظى بإشادة النقاد وقراءة ومتابعة من جمهور القراء مثل "حمار الحكيم" ومسرحية "أهل الكهف" و"يوميات نائب فى الأرياف".
توفيق الحكيم
"إن عقل المرأة إذا ذبل ومات فقد ذبل عقل الأمة كلها" هكذا كان يرى الحكيم المرأة وكان له بعض المواقف العدائية تجاهها ظهر ذلك فى مواقفه العدائية تجاه القضايا النسوية والتحررية، وبسبب خلافه مع إحدى الرائدات فى مجال حرية المرأة، هدى شعراوى.
وروى صلاح منتصر فى كتابه "شهادة توفيق الحكيم الأخيرة" أن عداء الحكيم للمرأة يرجع إلى السيدة هدى شعراوى بسبب مهاجمتى أسلوبها فى تشكيل عقلية المرأة المصرية خاصة البنات، بأن حذرتهن من الاستمرار فى حياة الجوارى وخدمة الرجال والأزواج فى البيت لأنهن مساويات للرجل فى كل شىء واشتكى لى بعض الأزواج من البنات والزوجات، اللاتى يفكرن بطريقة شعراوى وفهمهن لرقى المرأة وأنه استعلاء على الرجل وعدم الخدمة فى البيت فكتب فى ذلك، ونصحت الزوجة الحديثة بأن تعرف على الأقل أن تهيئ الطعام لزوجها وأن أسهل صنف يمكن أن تطبخه له هو صينية البطاطس فى الفرن.
ومن الطرائف التى رويت عن الحكيم أنه فى الوقت الذى اشتهر عنه عداؤه للمرأة وعزوفه عن الزواج، تزوج الحكيم أثناء عمله فى "أخبار اليوم" عام 1946 وأنجبت له زوجته طفلين هما إسماعيل وزينب، ولم يخبر أحداً بأمر زواجه.
فى بداية الأمر علق مصطفى أمين قائلاً "نحن الصحفيين مهمتنا الحصول على الأخبار ونحصل عليها من السراى ولا نعرف بزواج الحكيم" ثم عاد وكتب أمين عن زواج الحكيم فى مقال له بعنوان "عدو المرأة يتزوج بشروطه"، فقال إنه أخفى عليهم أمره ثم اعترف لهم بأنه تزوج من سيدة مطلقة لها ابنتان، وأن الزواج عقلى الغرض الأول منه تأسيس بيت يصلح لحياة فنان، الكتب فيه أهم من الفراش، والموسيقى فيه أكثر من الطعام.
وقال إنه وضع 15 شرطا قاسيا لزوجته وأصر على أن توقع بإمضائها على شروطه قبل أن يوقع عقد الزواج، ووقعت العروس عليها وتشبه هذه الشروط معاهدة فرساى، التى استسلم فيها الجيش الألمانى للغزاة الفاتحين الفرنسيين والإنجليز.
وكان الشرط الأول ألا يعرف أحد بزواجهم وأن يبقى سرا لا يعرفه سوى أسرتها فقط والثانى هو ألا ينشر نبأ الزواج فى الصحف لا تلميحاً ولا تصريحاً.
والثالث "ألا أخرج معك خارج البيت، أنا أخرج وحدى وأنت تخرجين وحدك".
والرابع "أن أسافر وحدى إلى الخارج، ولا تسافرين معى"
والخامس "ألا نستقبل ضيوفاً فى بيتنا لا من الرجال ولا من النساء"
والسادس "ألا أصحبك إلى نزهة أو رحلة حتى إلى مدينة الإسكندرية. أنت تسافرين وحدك وأنا أسافر وحدى"
والسابع "سوف أعطيك كل شهر مائتى جنيه. أنت تدفعين منها إيجار البيت ومصاريف الطعام والكهرباء ومرتبات الخدم، ولا تتجاوزين هذا المبلغ بمليم واحد"
والثامن "لست مسؤولاً عن مشاكل البيت والخدم، وهى مسائل من صميم اختصاصك وحدك، والمطبخ من اختصاصك"
والتاسع "مشاكل الأولاد من اختصاصك وحدك".
والعاشر "مهمتك أن تمنعى عنى الشحاذين والمتسولين والنصابين الذين يطلبون منى نقوداً".
والحادى عشر "ألا تطلبى منى شراء سيارة، وأنا رجل تعودت أن أمشى على قدمىّ ويمكنك لو شئت أن تستعملى الترام وتجلسى فى عربة الحريم".
والثانى عشر "يجب أن تعاملينى كطفل صغير، والفنان طفل صغير يحتاج دائماً إلى الرعاية والاهتمام".
والثالث عشر "إننى أريد بيتاً هادئاً لا ضجة فيه ولا خناقات ولا أصوات تزعجنى حتى أتفرغ لكتابة ما أريد"
والرابع عشر "أن أنام فى غرفة نوم وحدى وأن تنام الزوجة فى غرفة نوم أخرى"
والخامس عشر "إننى لا أريد أن تتدخل الزوجة فى عملى، وسوف أعتبر نفسى مسجوناً فى سجن بلا أسوار أدخل فيه عندما أريد وأخرج منه عندما أشاء".
وقال توفيق إنه من العجيب أن عروسه وافقت على هذه الشروط القاسية، التى لم يسبق لها مثيل، وإنها احترمت شروطه ولم تعترض على أى منها.
وقال توفيق الحكيم فى أحد مقالاته "إن زوجتى تفهمنى جيدا، وتساعدنى فى عملى، أسافر فلا تعترض، أقفل الحجرة علىَّ عشر ساعات، أقرأ، أكتب، فلا تسأل كيف ولماذا ولا تتأفف" وأهدى الحكيم زوجته كتاب «سجن العمر»، وذكر فى الإهداء "إلى التى من عاونتنى وساعدتنى فى إخراج هذا الكتاب وإنتاجه، لما دبرته لى من جو الهدوء التام بابتعادها عن البيت".