فى مثل هذا اليوم 2 أغسطس عام 1849، توفى محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة، والذى أسس نهضة عظيمة لمصر لا تزال بصماته فى كل المجالات واضحة وجلية فى التعليم والثقافة والمعمار والفن والهندسة والطب والتاريخ، ولا تزال القصور التى شيدها محمد على باشا شاهدة على الإبداع فى عصره.
ومن أحد هذه القصور هو قصر محمد على فى منطقة شبرا الخيمة، ولبناء هذا القصر قصة وقعت قبل نحو 200 عام وتحديدا فى يناير عام 1809 قبل مذبحة القلعة، اختار محمد على باشا موقعا على شاطئ النيل فى منطقة شبرا مساحته 50 فدانًا فى متسع من الأرض، يمتد إلى بركة الحاج، واستولى فيه على عدة قرى وإقطاعيات، وبدأ بناء قصره، وغرس فيها البساتين والأشجار، لكن سقط سقف القصر بعد انتهاء بنائه فى مايو 1809 فأعيد بناؤه. وفى 1812 م أنشا محمد على عددًا من السواقى لتوفير المياه للقصر والحدائق.
اشتهر القصر باسم قصر الفسقية لوجود نافورة كبيرة به، وللوصول إلى القصر قام محمد على بالأمر بإنشاء شارع شبرا وفى عام 1847م كانت بداية شارع شبرا، وكان هدف محمد على أن يحول هذا الشارع إلى مكان للنزهة والترويح خارج عاصمته مصر، وحتى يتحقق ذلك جاء القرار بأن يكون الشارع أعرض شوارع مصر فى هذا العهد، وأكثرها استقامة.
ولم يكن بناء القصر سهلا ولا يسيرا فقد بناه على عدة مراحل استمرت حوالى 13 عاما ابتداء من عام 1808 م حتى عام 1821 م وأضيفت إليه سرايا الجبلايا عام 1836 ويتكون من طابق واحد وله 4 أبواب محورية يتقدم كل باب سقيفة ويشغل كل ركن من البناء حجرة تبرز من الواجهة كأنها برج ويتوسط البناء حوض تتوسطه نافورة تنخفض عن أرضية البناء.
وأشرف على الإنشاء ذو الفقار كتخدا وجاءت عمارة القصر على نمط جديد لم تعرفه مصر من قبل، وساعدت المساحة الشاسعة للموقع الجديد على اختيار طراز معمارى من تركيا، هو طراز قصور الحدائق والذى شاع فى تركيا على شواطئ البوسفور والدردنيل وبحر مرمرة.
ويعتمد هذا التصميم فى جوهره على الحديقة الشاسعة المحاطة بسور ضخم تتخلله أبواب قليلة العدد، وتتناثر فى هذه الحديقة عدة مبان، كل منها يحمل صفات معمارية خاصة.