أُقيمت على هامش فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول حوض البحر المتوسط فى دورته الثالثة والثلاثين، ندوة حول موضوع "الهجرة غير الشرعية" أدارتها الدكتورة رانيا يحيى، بحضور المخرج الفلسطينى فايق جرادة والسيناريست المصرى ناصر عبد الرحمن، إلى جانب حضور العديد من جمهور وفنانى المهرجان.
وتحدث "جرادة" عن الفيلم الفلسطينى "مراكب الموت" الذى يُوثق 3 تجارب لأشخاص أضطر أصحابها للهجرة عبر البحار إلى أوروبا بعد صعود الحركات المتشددة فى عدة أماكن بالوطن العربى، الفيلم من إخراج إياد أبو روك 2017، مضيفاً أن حالة الهجرة غير الشرعية يعيشها كل الوطن العربى، ويتعرض الكثير من المهاجرين لحالات إنسانية صعبة، يتجهون إلى أوروبا وكأنها الجنة أو المدينة الفاضلة ولكنها ليست كذلك، فهذا ما تصوره الأفلام الغربية وتصدره لشبابنا.
جانب من الندوة
وقال ناصر عبد الرحمن كاتب فيلم المدينة إنتاج عام 1999 إخراج يسرى نصر الله، الذى يتناول قصة شاب مصرى ترك البلاد مسافرًا إلى فرنسا من أجل تحقيق حلمه بأن يصبح نجمًا سينيمائيًا رغم اعتراضات والده الذى يريده أن يسافر إلى الخليج كى يصبح ثريًا، أن هذا أول فيلم مصرى يتناول الهجرة غير الشرعية بشكل مباشر.
وقال إنه قام بتأليف كتاب "بهية" تناول فيه قضية الهجرة غير الشرعية الذى نُشر عام 2011، مشيرا أن الكتابة فى هذا الموضوع مرهقة وتحمل الكثير من التفاصيل، وإذا كتبت عنه الآن ستختلف رؤيتى كثيرًا، فهناك الآلاف من الشباب حاليًا لديهم هذه التجربة ومنهم من دفع حياته ثمنًا، أما الآن فهذه القضية أصبحت مهمة جدًا أكثر من قبل، وعلى المستوى الشخصى هناك أشخاص حقيقيون أعرفهم خاضوا التجربة وأثروا فى حياتى.
وفى رأيه أن النجاح فى مدينة الإنسان الحقيقية هى الأساس، وإن لم ينجح الإنسان فى محيطه وأسرته يصعب نجاحه فى مكان آخر، فالحقيقة دائمًا أهم من الواقع، فالجمهور أسبق من الفنان وبالتالى تصبح مهمة أن تدهشهم صعبة وتحتاج لمجهود كبير لأنهم عايشوها فى الحقيقة، فماذا ستقدم جديدا لهم وجذابا؟.
ناصر عبد الرحمن فى الندوة
ويروى "عبد الرحمن" ذكريات عرض فيلم المدينة الذى تزامن مع عرض فيلم "همام فى أمستردام" للفنان محمد هنيدى، والفيلمين تقريبًا لهم فكرة واحدة وبالرغم من ذلك لم يحقق فيلم المدينة إيرادات بينما حقق فيلم همام فى أمستردام الملايين، وتعلمت من ذلك أن الجمهور يحتاج أمل على الشاشة ولو كاذبًا، فبطل فيلم المدينة عاد لوطنه حافيًا بينما عاد "همام" بمستوى جيد بعد تجربة ناجحة.
وقام "محمد فاضل" بتحية مهرجان الإسكندرية السينمائى لأنه يتناول دائمًا قضايا مهمة وليس فقد مجرد عرض للأفلام، ولكن المشكلة إننا نتحدث مع أنفسنا – على حد قوله – فالمشكلة لا تتعدى حدود المهرجان، والسبب فى رأيه إنه ليس لدينا إعلام ينقل ما نناقشه من قضايا ويتبناها ويعرضها بالشكل الذى يليق بها، وبالتالى لن يستفيد منها أحد، مشيراً إلى أن فيلم "النمر الأسود" للفنان الراحل أحمد ذكى الذى ناقش القضية أيضًا ولكن فى ظروف مختلفة فهو كان فردًا يحلم بالسفر، ولكن الأن أصبحت تجارة ولها سماسرة وتجار، وناقشت هذه القضية فى مسلسل "ليلة التعالب" وكان من إنتاج إتحاد الإذاعة والتليفزيون، وعُرض على الشاشة مرة واحدة فقط رغم أهمية القضية!.
ندوة الهجرة غير شرعية بمهرجان الاسكندرية
وقال الفنان سامح الصريطي إن عدد الأفلام التى تتناول مشكلة معينة ليست سببًا كافيًا للتأثير فى المجتمع، بل قد يكون له تأثيرًا سلبيًا، فصناعة فيلم واحد بشكل جيد ومعروض فى ظروف مناسبة قد يكون له قمة التأثير الإيجابى، مثل فيلم "أريد حلًا" الذى غيّر القانون، ولابد أن نُفكر أولًا فى أسباب الهجرة الغير شرعية قبل مناقشة القضية نفسها، قد يكون إعلام دولة آخرى وعروض أفلامها بشكل معين يجذب شبابنا إلى هذه الحياه التى قد تكون غير حقيقية.
وعلق "ناصر عبد الرحمن" مشيرا إلى أن كتاب شخصية مصر للكاتب جمال حمدان آثر بشكل كبيرعليه ويُعد من أهم مصادره، فمصر من وقت الفراعنة بلد جاذبة وليست طاردة بدليل جنسيات كثيرة أقامت فى مصر وتعود إليها كل فترة، فقد كانت أوروبا هى التى تقوم بالهجرة الغير شرعية إلى مصر فى وقت سابق، فكبار التجار فى الإسكندرية مثل اليونانيين والايطاليين.
وأضاف "عبد الرحمن" إنه كصعيدى الأصل هاجر هو وأسرته من الصعيد إلى القاهرة وهذه تُعد هجرة غير شرعية، وهذا ليس واجب السينما فقط وإنما هى ثقافة مجتمع، فكلنا لدينا شعور الإنتماء للوطن حتى الذين يسعون للهجرة ولكن كيف ننمى هذا الشعور؟ هذا ما يجب أن نفكر فيه.
وأضاف "فايق جرادة" أن داعش أصله فكرة وليس السلاح ولا القوة، والسينما لها دور كبير فى القضاء على هذا الفكر، وأحيى مهرجان الإسكندرية السينمائى لتناوله العديد من القضايا الوطنية والقومية.
ندوة الهجرة غير شرعية