"متزعلش نفسك يا كامل.. نبقى نجرب يوم تاني"، نقلت هذه الجملة المقتبسة حرفا من فيلم "النوم في العسل" للمبدع وحيد حامد، جمهور فيلم بلاش تبوسني الذي عرض ضمن الليالي العربية على هامش فعاليات مهرجان دبي السينمائي الدولي بدورته الـ 14، إلى التنبؤ بمشاهدة فيلم قد يعيد إلى الأذهان رائعة النوم في العسل، ومع مرور الوقت وتعاقب أحداث الفيلم وجد الجمهور أن الضجة التي صاحبت عرض الفيلم بمهرجان دبي السينمائي بعد أن قرر صناعه سحبه من مهرجان القاهرة السينمائي، لم تكن إلا أفورة وحماس زائد لفيلم قد يحصل على تقدير جيد مع بعض الملاحظات.
بالطبع لا يعني ذلك تجاهل محاولة المخرج أحمد عامر في طرح فكرة هامة بجرأة شديدة وكاشفة لكواليس الوسط الفني وكيف أصبحت عقليات بعض النجوم فيه.
قصة الفيلم تتمحور على شخصية "فجر" التي تجسد دورها الممثلة ياسمين رئيس، وفجر ممثلة إغراء ومشاهد جريئة ولديها أفلام تعتمد على إمكانياتها الأنثوية ومشاهدها الساخنة التي لا يبرر تواجد مثلها في الأفلام سوى محاولة جذب الجمهور، وافقت فجر أن تقوم ببطولة فيلم لمخرج شاب يخوض أولى تجاربه في الأفلام الروائية الطويلة، وهو قائم على سيناريو لكاتب كبير كتب 4 أفلام ومات بعد أن كتب الخامس وأعطاه لهذا المخرج.
يسرد مخرج الفيلم أحمد عامر هذه التفاصيل في شكل أقرب للكوميدي "العادي" وليس الكوميدي "البريمو" كما تم الترويج للفيلم، لينقذ ظهور الراحل محمد خان ضمن أحداث الفيلم ومعه المخرج خيري بشار، الجمهور من رتابة بعض هذه التفاصيل التي لا تفتقر مطلقا إلى الواقع بكل ما يحويه من بشاعة أبعد ما يكون عن الصورة الملائكية المرفهة الملتصقة في الأذهان عن الوسط الفني.
تراود فجر أحلام تراها رؤى وتفسرها على أنها رسالة من الله لها بأن تتوب، ويساعدها على هذا التفسير أحد المشايخ الشباب، ليستكمل الفيلم مشهد السرير الذي يتم تصويره في فيلم فجر ومع كل مرة ترفض فجر أن "تبوس" البطل لما تراه من حرمانية في ذلك بعد أن رق قلبها للتوبة، ويتكرر المشعد وفي كل مرة تحاول شهد تقبل المشهد نفسيا لا تتمكن ليحدث ما يعطله، وفي النهاية تقرر التوبة، وتبتعد عن الساحة قليلا ثم تحاول العودة شئ فشئ، تقدم إعلانات عن شامبو شعر، ثم تصبح مذيعة برنامج طبخ، وفي المقابل يرى مخرج هذا الفيلم مستقبله ينتهي، ويرى منتج الفيلم أن الفيلم لادب أن ينجر حتى لا يتعرض للخسارة، ليصل إلى اتفاق مع شهد أن تؤدي المشهد بمفردها ويؤدي الممثل المشهد بمفرده ويتم دمجهما في المونتاج ليظهر المشهد مقطع وليس به أية مشاعر، ويشهد هذا الجزء من توقيت الفيلم ظهور المونتير الذي يجسده الممثل الموهوب مصطفى أبو سريع الذي أكد الفيلم على تنبؤات الجميع له بمستقبل باهر.
وينتهي الفيلم بمشهد لياسمين رئيس في مسلسلها الجديد بعد أن عادت للتمثيل لكنها مازالت متمسكة بحجابها وترتدي الباروكة عندما يستدعي المشهد ذلك وهو ما أفتى لها به احد الشيوخ الجدد.
القضية التي يناقشها أحمد عامر في الفيلم قضية هامة وشائكة ابتدعتها بعض النجمات، عندما قررن أن تمسكن "العصاية من النص" كما يقال في المثل الشعبي المصري الشهير، من أردن الدين والدنيا، الحجاب والباروكة، الشهرة و"فلوسها"، والتدين بهدوئه، مفاهيم معكوسة وتناقضات يزرعها العبث الذي نعيشه والذي خلّق بداخلنا جميعا بما فينا النجوم الذين هم أناس طبيعيين، نفسيات مريضة قرارها ليس بيدها واختياراتها مشوهة، وهو ما يحسب لعامر خاصة أنه كشف الأمور جميعها بمنتهى الوضوح دون النظر لتبعات قيام الجمهور بمقارنات بين الشخصيات التي يقدمها في فيلمه ونجوم حقيقيين مروا بما مرت به فجر، فمثلا قد ترى أن "فجر" هي الفنانة المعتزلة حنان ترك بعدما قررت ارتداء الحجاب، ستذكرك ياسمين رئيس بها وبطريقة حديثها وأزيائها وحجابها، ثم النجمات اللائي سبقنها على هذا الطريق وكيف أقنعوها بالعودة للتمثيل، وفي نهاية الشخصية مع التطور الذي حدث بها سترى فيها الممثلة المصرية صابرين التي لجأت للباروكة لتظل تقدم فنها وتشارك في أعمال وتحتفظ باسمها على التترات والأفيشات.
لكن الحبكة الدرامية لامسها بعض الملل والرتابة، وخرجت الصورة كما لو أن صاحبها مخرج في مقتبل عمره، لا أعرف إن كان قصد عامر أن يفعل ذلك وكأنه يتعامل بروح هذا المخرج الذي يمثله الفيلم، أم أن الأمر خارج عن إرادته والسبب قلة خبراته الإخراجية خاصة أن هذا الفيلم هو العمل الأول له إخراجيا.
كوميديا الفيلم متواضعة للغاية، ومن يصنفه على أنه فيلم كوميدي، أو يدور في إطار الكوميديا السوداء ويبني آمالا على أن يدخل ويضحك فسيخدع نفسه، وربما هذا عيب آخر في السيناريو أو في الأبطال أنفسهم، ودعني أؤكد لك عزيزي القارئ أنه حتى مع محاولات ياسمين رئيس بإخراج ضحكات عالية الصوت مبالغ فيها بل إنها كانت غير منطقية في كثير من الأحيان خلال عرض الفيلم، لم يقنع ذلك الجمهور بالضحك، إلا في المشاهد التي استدعت ذلك حقا ويؤسفتني أن أخبركم أنها كانت قليلة.