طريق سريع تتسابق عليه السيارات متجهة لمقصدها، لا يجذب انتباهك على جانب الطريق أى شىء، ولكن بمجرد دخولك لـ "كفر زهران" القريب من البدرشين تجد على جانب الطريق مشتل تتراص بداخله قصارى الزرع، ويلفت انتباهك بعض المقشات من الليف المعلقة فى حبل ومتدلية عند مدخله، والتى ترجعك لذكريات الأدوات المنزلية القديمة.
تعبر مدخل المشتل الصغير على جانب الطريق لتجد رجلًا بصمت الشمس على ملامحه يفترش الأرض منهمكًا فى عمل المقشات، لف الحبل من الليف على مشط رجله، وأعد أحزمة الليف متساوية الحجم، وبدأ فى تنظيمها ولف الحبل حولها، "اشتغلت فى مهن كتير بس عمل المقشات هى اللى كملت معايا"، هكذا بدأ جمال صاحب الـ 53 عام حديثه لـ"عين"، عن رحلته مع صناعة المقشات من ليف النخل، حيث عمل سائقًا، وطالع نخل، وصانع للأقفاص من الجريد، ومزارع لسنوات طويلة، ولكن عمل المقشات هى المهنة التى استمرت معه.
"بتاخد منى ربع ساعة وبعمل 5 فى اليوم وأبيعها"، بتلك الكلمات عبر جمال عن الوقت الذى يستغرقه لصناعة المقشة الواحدة، والذى لا يتعدى الربع ساعة، ويحدد لنفسه 4 أو 5 مقشات فى اليوم الواحد، ويضع تسعيره للواحدة 10 جنيهات، ليعبر أحد المارة بالطريق السريع فيشترى منه واحدة للمنزل.
وعن زبائنه يقول جمال" الستات بتشترى منى المقشات، والرجالة الكبيرة زباين المنشة"، حيث يقوم جمال بعمل المنشة التى تجدها لا تفارق أيدى الرجال كبار السن فى الريف المصرى، أو فى أيدى أحد العمال فى محال الأسماك أو الخضراوات، وعن رواج بيع المقشات يقول جمال: "لسة بتتباع وموجودة فى البيوت، وأحسن من المكنسة للموكيت".
وأثناء انهماكه فى عمل المقشة يقدم جمال نصيحة للمرأة فى الريف المصرى للمحافظة على المقشة فيقول" فى ستات ناصحة بتلبس المقشة شراب من فوق فتعيش معاها سنتين وأكتر، واللى تهملها هتعيش معاها 6 شهور بالكتير"، وبعد الانتهاء من عمل المقشة يقوم بربطها أمام المشتل لتتدلى بجانب مثيلاتها فى انتظار الزبون المتمسك بملامح الطبيعة، واستخدام الأدوات المنزلية القديمة.