على مدار عقدين من الزمان، خطى الفنان المتمكن إيهاب فهمي خطواته الثابتة، نحو حالة أشبه بالدخول في عملية جراحية، لتغيير الملامح والصفات، لتظهر شخصية جديدة، كان لعامل الزمن عليها تأثيرا مضاعفا.
قدم فهمي شخصية شريرة في مسلسله الأخير «الأب الروحي»، ولا يمكن لك إلا أن تكرهه تعاطفا مع عائلة العطارين، إلا أنني أحببت ما قدمه الرجل، لأنه أثبت أن الممثل يحتاج إلى سنوات عدة، حتى يصبح فنانا، ولم يصل فهمي إلى تلك المرحلة من فراغ، بل بجهد وأعمال كثيرة، استطاع من خلالها أن يصنع حوله هالة، لا يمكن لك أن تراها إلا حول عمالقة الفن على مر العصور.
بملامحٍ هادئة، ووجهٍ طوقه الشعر الأبيض، ونبرة- حاول الرجل- أن تكون مختلفة عن نبرته الحقيقية، وذلك عن طريق تخفيف بعض كلماته، نجح إيهاب فهمي، في إظهار شخصية سيف العزازي، وكأن تلك الشخصية التي كتبها هاني سرحان، خرجت من بين طيات الاسكريبت، ونحّت فهمي جانبا لتقدم هي تفاصيل الحكاية.
وظهر فهمي وكأنه عفريت، تخصص في التمثيل، يعيش بين قومه الجان، كل في تخصصه، إلا أنه أتقن لعبته، وتفوق فيها.
في الجزء الثاني من المسلسل، اشترك الفنان محمد رياض، الذي أثبت هو الآخر، أنه ينتمي إلى نفس النوعية من الفنانين، وتزامل رياض وفهمي قبل 20 عاما في مسلسل الضوء الشارد، الذي تم إنتاجه عام 1998، وكان بداية قوية للأول، وشق طريقه نحو البطولة والاشتراك في أعمال أخرى قوية، لكن احتاج الأخير إلى الاشتراك في عشرات الأعمال، حتى يصل إلى ما وصل إليه رياض، من إتقان وقدرة على إظهار الموهبة بشكل سلس، ولكن بطريق مختلف.
يحتاج إيهاب فهمي، فرصة حقيقة، يتحمل فيها المسئولية الكاملة، ليقدم من خلالها كل الموهبة التي ظهرت في الأب الروحي- وأعتقد أن لديه الكثير- ليقدمه للسينما والدراما المصرية، ووقتها لن يكون وحده المستفيد، بل ستسفيد الصناعة من دعم هؤلاء النجوم، من خلال الاستفادة من موهبتهم.