يمثل التوائم ما يقرب من 1.9 % من عدد سكان الأرض، ويظلون رغم زيادة نسب ولادتهم فى السنوات الأخيرة من الحالات الفريدة التى تثير الاندهاش والتأمل، وتظل التجربة فريدة بكل ما تحمله من تفاصيل من لحظة الحمل وحتى آخر العمر.
هذه الحالة من التفرد والتميز لا تصاحب فقط التوأمين اللذان يواجهان العالم ككيان واحد بجسدين منفصلين وإنما تصاحب كل من له علاقة بهم، فهى تجربة أمومة فريدة وتجربة أخوة فريدة أيضًا.
"أن تكون توأمًا يشبه أن تولد بصديق مقرب" هكذا وصفت الكاتبة تريسيا مارابودى تلك العلاقة المميزة للغاية التى لا تكف عن إثارة دهشتنا على الرغم من وجودها منذ بدء الخليقة. الكثير من الفضول يحمله الناس لتلك الرابطة شديدة القوة منذ لحظة التكوين. والكثير من الأساطير يرددها الناس عن هؤلاء الذين يحملون الكثير من القواسم المشتركة تبدأ من تاريخ الميلاد ولا تنتهى بالملامح والتفاصيل الشخصية الواحدة تقريبًا. ومن أجل نظرة أكثر قربًا على هذه العلاقة شديدة التفرد، والتى تختلف من توأمين متطابقين إلى توأمين غير متطابقين إلى ثلاثة توائم، تحدثنا مع 3 من أصحاب هذه التجربة.
سارة: كنت بتعامل معاه كأنى أمه وانزعج جدًا لجوازى
بعد حمل محفوف بالمخاطر انتهى بالتسمم تشبثا سويًا بالحياة، نجحا فى عبور تلك المرحلة الخطرة ووصلا إلى العالم معًا ليواجها العالم معًا لسنوات طويلة. من هذه النقطة تحب "سارة عبدالناصر" أن تحكى عن العلاقة التى تربطها بتوأمها، الذى وصل الدنيا معها ولكنها تشعر تجاهه بمسؤولية الأم. وتحكى "سارة" :" كنت بحبه جدًا وبعتبر نفسى أمه. كنا طول الوقت متفوقين ومرتبطين ببعض. لازم نفس الفسل، نفس الرحلة، نفس الخروجة. كنا بنشيل بعض ونذاكر سوا وأتابعه زى ما أكون أمه، وكنت ساعات لو اتعاقب آخد العقوبة مكانه ما استحملش اشوفه بيعيط مثلا أو بيتألم".
"معاناة وفرحة" هكذا ترى "سارة" علاقة التوأم ببعضهما البعض خاصة حين فرضت عليهما الحياة أن ينفصلا بعد سنوات طويلة من المشاركة وتقول "كنت بحس بتوأمى وممكن أزعل بدون سبب لأنه هو زعلان، من غير ما أعرف. وهو ما حصلوش تعثر فى دراسته غير لما انفصلنا لأول مرة ودخلنا كليات مختلفة. ساعتها فكرت أسيب كليتى اللى بحبها وأحول لكليته لكن هو وبابا وماما رفضوا.
تعترف "سارة" أيضًا أنها بشكل ما كانت سببًا فى إزعاجه وتقول "كنت بتعامل معاه بمنطق الأم وتعبته كثير بسبب أنى توأمه لكن اعقل منه بكثير، فحصل انفصال كده نفسى من كتر ما كنت بوبخه أما بدأ يكبر دماغه من المذاكرة وبقى له حياته وخروجه وأصحابه اللى معرفش عنهم حاجة".
أما الانفصال الثانى والأقوى فجاء بعد خطبتها وتقول "لما جوزى اتقدم لى كانت مشكلة، اللى هو إزاى يعنى تتجوزي؟ يعنى إيه؟ وكان زعلان فترة بس عدت الحمد لله وأنا اتجوزت وهو اتجوز. أنا معايا بنتين وهو كمان معاه بنتين لكن هو أكتر حد مش بحكيله مشاكلى مع زوجى عشان عارفة رد فعله".
"أنا مش كريم أنا كرم".. سلوى ونادية مشتركين فى كل حاجة حتى "أكونت فيسبوك"
"أنا وأنت فى مواجهة العالم" بهذه العبارة تحب أن تصف "سلوى عبدالفتاح" علاقتها وتوأمها "نادية" وتقول:"أكثر حاجة مميزة فى العلاقة بيننا إنك بتتكلمى مع نفسك باختصار، حد بينهى جملتك قبل ما تخلصيها، وثقة وتفاهم ونفس التفكير تقريبًا رغم وجود اختلاف شوية فى الشخصية".
رغم هذا التشابه الكبير إلا أن لكل منهما شخصيته المميزة وتقول "سلوى": "بنحس إننا ماشيين فى الدنيا بشخصيتين. حاجة مميزة كده أن يكون فى حد شبهك بالظبط له شخصية ثانية".
"بتحسوا ببعض بقى زى ما بيقولوا؟؟" هذا السؤال الذى ملت سلوى ونادية تكراره وتجيبه "بنحس ببعض أكيد لكن مش بنفس مبالغة الأفلام، يعنى مش لو هى عيانة اعيا معها لا، بس لازم لو هى عيانة انا هعيها بعدها لو اتعورت فب مكان تلاقينى اتعورت فى نفس المكان بعدها بس بشوفها صدفه يعنى، لو هى فى مكان وانا مكان لازم نكلم بعض كتير تليفون بحس بحاجه ناقصة من غيرها".
اعتزاز سلوى ونادية بالرابطة بينهما لا يعرفها فقط الأصدقاء وإنما تدركها ببساطة من حسابهما على "فيسبوك" الذى قررا أن يكون حسابًا مشتركًا يحمل اسم "التوأم" وعن هذه التجربة تقول "سلوى": "الأكونت واحد لأن عندنا نفس الأصحاب من ابتدائى تقريبًا لحد لحظة ما عملنا الأكونت. ما حبيناش نعمل اثنين، هو واحد وعليه كل الناس والأصدقاء المقربين بيعرفوا يفرقوا مين بيتكلم معاهم ومين اللى بيعمل تعليق، لأن أسلوب الكتابة مختلف.
ترى "سلوى" أنه لا حدود للخصوصية بينهما وتوضح "بنحكى لبعض كل حاجة تقريبًا. وفى نفس الوقت بنحترم خصوصية بعض، فمش بنقتحم الشات بتاع بعض مثلًا، لو هى بتكلم حد مش بفتح الشات والعكس. وأصحابنا مش بيفرقوا بينا فى التعامل خالص إحنا الاثنين اقرب ناس ليهم فعلا، وبيتعاملوا معانا على اننا شخص واحد مش اثنين فبالتالى اللى بيحكيه بيبقى عارف أن الثانى هيعرفه ومش متضايق من ده، ولو فى حد صديق مقرب من واحدة فينا بس وطلب منها ما تقولش للثانية على حاجة تخصه، بنحترم دا لأنها مبادئ وثقة". لا تخلو العلاقة بين سلوى ونادية التوأم المتطابق الذى بلغ الثلاثين من العمر من الكثير من المغامرات الطريفة، فتحكى "سلوى": "أنا دخلت مكان نادية امتحان ميد تيرم قبل كده. الدكتور قسم الدفعة على نصفين، وأنا اسمى فى الأول وهى فى النصف الثانى وماكانتش وصلت لسة لحد ما أنا خلصت امتحان فدخلت بدالها والدكتور ما أخدتش باله من اللبس لأنه عارف إننا اثنين".
أحمد: رامى جزء من جسمى بس منفصل عنى عيبه الوحيد إنه نفس مقاسى
"بقالنا 25 سنة بنتخانق مين فينا اتولد الأول" بابتسامة يبدأ "أحمد قاسم" حكاياته عن توأمه وذكرياته معه ويقول "رامى جزء من جسمى بس منفصل. لو بعد عنى بنقلق، بنحس بوحدة ما نحسهاش لو بعدنا عن أى شخص تانى. تفكيرنا واحد بنسبة 100% ولو حد بيكلمنا بنرد عليه تلقائيًا نفس الكلام فى نفس اللحظة وبنفهم بعض بنظراتنا. أسرارنا كلها مع بعض ولما أحب أكلم نفسى بكلم رامى”.
الرابطة القوية بينهما لا تعنى أبدًا ألا يحدث بينهما ما يحدث بين أى شقيقين من مشاغبات وخلافات ولكنها تعنى أنه لا أحد أبدًا يمكنه التدخل بينهما، ويوضح "أحمد": "أنا كسرت إيد رامى من 15 سنة، وماحدش عرف أن أنا اللى كسرتها غير السنة اللى فاتت. لو حد دخل بينى وبينه وقعد يعلى علينا فى إفيهات أو اشتغالات بيكره نفسه، وفى نفس الوقت لو اتخانقنا بنعرف نمسك إيد بعض من الحتة اللى توجعنا".
يؤمن أحمد أن رابطًا روحيًا يجمعهما ولكن ليس بالطريقة التقليدية الساذجة ويقول "مش بنحس ببعض بالمعنى المتداول دا لكن لو حد مننا حاول يخبى حاجة على الناس كلها بنيجى عند بعض وبنقف لأننا عارفين إننا مش هنعرف، و70% من المرات اللى بيجى حد فينا يتصل بالتانى بيكون التانى بيدور على رقمه أو اسمه عشان يكلمه".
يعتصر "أحمد" ذهنه محاولًا البحث عن الجانب السلبى لهذه العلاقة فلم يجد فى رأسه إلا فكرة طريفة "مقاسنا فى الهدوم زى بعض، فاللى بينزل الأول بيقلب التانى”، ويضحك "بصراحة مش لاقى سلبيات التوأم دا نعمة".