هناك جلس المشاهير وعشاق الفن، من كفافيس وسيف وأدهم وانلي، مرورا بنجيب محفوظ وأم كلثوم وداليدا وحتى أمل دنقل وأدونيس ويوسف شاهين.
إنه مقهى "إيليت" أحد العلامات المميزة لعروس البحر الجميلة الذى حفظ بين زواياه وعلى جدرانه بصمات عشاقه لسنوات طويلة، حتى تدهور حاله بعد بيعه من ورثته اليونانيين إلى أحد المصريين الذى قرر مؤخرا هدمه نهائياً.
قرار أحزن عشاقه وأصابهم بالصدمة فتاريخ المقهى الذى يقع بشارع صفية زغلول بالإسكندرية يرجع لفترة الخمسينات من القرن الماضي، والذى ظل لسنوات طويلة أكثر من مجرد مقهى، حيث كان بمثابة المتحف الفنى والصالون الثقافى لذى يقصده الفنانين التشكيليين والأدباء والشعراء، ليترك كل منهم بصمته الخاصة فى جنباته.
كان ذلك المقهى الصغير ملكاً لليونانية "كريستينا كوستانتينو" التى اشترته من أصحابه فى فترة الخمسينات، لتجعله بروحها المتميزة المقهى الأشهر بين مقاهى الإسكندرية على الرغم من صغر حجمه وبساطته مقارنة بغيره من الأماكن.
فكريستينا الجميلة التى أصبحت مع السنوات واحدة من أشهر أبناء الجالية اليونانية فى الإسكندرية كانت أحدى ملهمات الشاهر كفافيس الذى ارتبط بالمقهى فى سنواته الاخيرة وكتب على أحدى طاولاته وبجوار نافذته الزجاجية المتميزة أجمل قصائده.
فاستحق أن يبقى حاضرا برغم الرحيل على جدران المقهى من خلال بورتريه مميز. يقع جنبا إلى جنب للوحة تحمل توقيع الفنان الفرنسى الشهير "ماتيس" وآخر لبيكاسو، إلى جانب لوحات لسيف وأدهم وانلى اللذين ارتبطا بالمكان أيضا، حيث كان يعرض سيف أعماله بالمطعم، كما كان سيف يرسم على علب السجائر للزبائن وتباع الواحدة بجنيه واحد.
ظل "إيليت" قبلة المشاهير لسنوات طويلة، حيث كان يقصده الروائى العالمى نجيب محفوظ وأم كلثوم والملكة فريدة والملكة ناريمان وزوجها، كما زاره المغنى اليونانى السكندرى ديميس روثوس والفنانة داليدا ويوسف شاهين، كما كان يقصده الشاعر أمل دنقل وأدونيس.
بعد وفاة كريستينا التى اشتهرت بروحها المصرية وعشقها "للجلابية" المصرية التى كانت تتخذها زيا لها فى أغلب الأوقات، آل المقهى لابنها وريثها الوحيد منذ سنوات. ونظرا للعديد من المشاكل المادية التى واجهته باع المكان لأحد المصريين الذى قام ببعض التجديدات التى أساءت للمكان بشهادة كل عشاقه حيث أفقدته روحه المميزة، وطمست تراثه.. ليقرر ذلك المالك مؤخرا هدم المقهى نهائيا وسط تغافل المسئولين وعجز عشاق التراث.