تستقبل دور العرض السينمائى قريبا فيلم العيد "حرب كرموز"، الذى يتصدر أحداثه نجوم هم قمم كبيرة فى مجال التمثيل، وكل منهم له صولاته وجولاته فى المجال.. وعلى الرغم من أن العمل يمثل جراءة إنتاجية لما بها من تكاليف باهظة خاصة بمشاهد الحرب والأكشن والتفجيرات والذخائر، إلا أن العمل به بعض نقاط الضعف لو تلاشاها لكان العمل أفضل رغم الاتفاق على المجهود الكبير المبذول فى الفيلم والذى يستحق رفع القبعة لصناعه إلا أن عمل بهذا الحجم وبفريق عمل ضخم كان لزاما عليه ألا يقع فى مثل هذه الأخطاء التالية:
- ليس بالضرورة لتكون مخرجا ناجحا أن تكون سيناريست ناجحا، فلكل من الموهبتين أدوات مختلفة ربما تتقابل في مناطق وتتنافر في مناطق أخرى، لكن موهبة السيناريست ككاتب لا تجعله مخرجا ناجحا، والعكس صحيح، والأمر أيضا ينطبق على الإنتاج، فالمنتج الشاطر ليس بالضرورة أن يكون مخرجا واعدا أو مؤلفا له ثقل، لذا كان يجب على المخرج بيتر ميمى أن يستعين بسيناريست "شاطر" يسد العوار الموجود بالسيناريو، والذى ظهر على الشاشة بشكل واضح فى كثير من التفاصيل، سواء فى جمل حوارية أو بناء درامى للشخصيات والأحداث.
- الاستعانة بـ روجينا وإيمان العاصي دون استغلالهما الإستغلال الأمثل في العمل والإستفادة من مواهبهما والاكتفاء بصراخهما وبكائهما فقط أمر أضعف مشاهدهما، خاصة أن الجمهور كان ينتظر منهما أداء تمثيليا لا مجرد نواح وصراخ، ربما هناك من هم أكثر موهبة فى تقديمه عن روجينا وإيمان.
- مونتاج العمل وكما يطلق عليه بالبلدى هو مونتاج جزار وليس مونتير ولسوء الحظ عرض الفيلم الخاص لم يعترف بحق الجمهور فى معرفة صناع الفيلم ولا أعرف السبب، فالعمل عُرض بدون تتر لمعرفة من وراء جريمة المونتاج الذى لم يتمتع بروح صاقل الألماظ والذى يكون حريصا دوما على أن يجمل لا يشوه أو كالطبيب الذى يستخدم المشرط بحساسية شديدة.
- مصطفى خاطر "عصفورة" لا يختلف أحد على موهبته وعلى خفة ظله وقدرته على الأداء والانتقال من الكوميديا إلى التراجيديا بسلاسة وهدوء إلا أن تكوينه الجسدى والشكلى لا يساعده لتجسيد شخصية "عصفورة" حرامى المنازل الذى يتسلق المواسير، وكان من الأفضل أن يقدم الشخصية ممثل أخف وزنا وأسرع فى الحركة، وذلك ليس تقليلا من قيمة وموهبة خاطر الذى قدم الدور بشكل جيد، لكنه غير مقنع فى مشاهد تسلق المواسير، والأمر نفسه فى مشاهد تسلق أمير كرارة للمواسير والقفز من منزل إلى منزل.
- آخر نقاط الضعف والتى أُلقى باللوم فيها على بيتر ميمى كمخرج هو ما شعر به الجمهور من بتر للأحداث بعد هروب أمير كرارة بالأسير الإنجليزى وتوجهه إلى مكان آخر آمن هربا من قوات الإنجليز لنفاجأ بعدها بمشهد محاكمة أمير كرارة أمام أحمد السقا ضيف شرف الفيلم وإصدار شهادة وفاة له وتغيير اسمه للحفاظ على حياته، وهو الأمر الذى لا يندرج تحت أى نوع من أنواع المنطق، ولو أن الدراما تسمح ببعض الخيال ينسجه المؤلف، لكن من غير المنطقى أن يحاكم أمير كرارة أمام محكمة مصرية بعد طحنه لقوات الاحتلال، ومن الأوقع أن يحاكم أمام محكمة إنجليزية عسكرية كما هو الحالة باعتبار أن مصر تحت الاحتلال، وأن ما فعله كرارة تجاه الإنجليز لا يُغتفر بالنسبة إلى أى قوة احتلال فى أى مكان فى الأرض.
فيما عدا النقاط المذكورة فباقى العناصر بالعمل هى عناصر متميزة إلى حد كبير، سواء من تنفيذ لمشاهد الأكشن والتى تدل على تقدم كبير فى شكل إخراج الأكشن فى مصر ربما ليس الأفضل، لكنه متميز وينذر بالأفضل.. اختيار الجانب الأجنبى من الفيلم، سواء بويكا أو شخصيات الإنجليز فى العمل اختيارات فى محلها.. الأداء التمثيلى لـ أمير كرارة وغادة عبد الرازق ومحمود حميدة دون غرض من ترتيب أسمائهم هنا هو الأفضل والأهم فى الأعمال التى قُدمت مؤخرا وحتى الآن كرارة جسّد الدور كما يجب.. ربما يجد البعض ربطا بين سليم الأنصارى ويوسف المصرى، إلا أنه ربما رباطة الجأش والحدة التى تعتبر من سمات شخصية الضباط إلا أن أداء أمير متميز.
غادة عبد الرزاق قدمت دور زنوبة بتلقائية وخفة ودون تصنع، والتزمت بشدة بالشكل المتعارف عليه للعاهرة التى تعمل برخصة، لكنها لديها حس وطنى عال ومسئولية تجاه والوطن، وهو ما يتطابق مع كلمة الراحل مصطفى محمود "إذا أردت أن تفهم إنسانا فانظر إلى فعله فى لحظة اختيار حر، وحينئذ سوف تفاجأ تماما، فقد ترى القديس يزنى وقد ترى العاهرة تصلى".
محمود حميدة غول تمثيل قادر على خطف الأنظار من جملة واحدة "أمك صاحبتى"، ربما هى واحدة من أبرز الجمل التى سيخرج الجمهور ويتداولها.. بيومى فؤاد ومحمد عز ومحمد على رزق ومحمود حجازى ودياب وإسلام جمال اختيارات فى مكانها وقدرات تمثيلية متفجرة.