تبدو المهرجانات السينمائية بمثابة نقطة ضوء في المشهد الفني المصري، فمصر التي شهدت ثاني عرض سينمائي في العالم، وتحديدا بمدينة الإسكندرية تستحق أن تحتضن أضعاف العدد الموجود حاليا، فالمهرجانات المصرية لا تتجاوز أصابع اليدين بينما في دولة مثل المغرب ما يزيد عن 60 مهرجان سينمائي موزعة على كافة أنحاء البلاد.
ولاشك أن المهرجانات السينمائية المصرية ساهمت في حالة حراك ورفعت وعي الجمهور بأهمية السينما كفن، خاصة تلك المهرجانات التي تقام خارج القاهرة؛ مثل الإسكندرية لدول البحر المتوسط، والأقصر للسينما الأفريقية، وأسوان لأفلام المرأة، وشرم الشيخ السينمائي، وأخيرا مهرجان الجونة الذي أصبح ينافس المهرجانات الكبرى.
ولا أحد يستطيع أن ينكر فضل هذه المهرجانات في نشر الثقافة السينمائية بعرض نوعية مختلفة من الأفلام التي لن يراها المشاهد العادي، سواء على شاشة السينما أو حتى قنوات الأفلام المتخصصة على الفضائيات، فمن أين سيشاهد الجمهور السكندري أفلاما من اليونان أو من سوريا أو إيطاليا أو فرنسا أو فلسطين إلا في مهرجان الإسكندرية؟ ومن أين سيشاهد جمهور الأقصر أفلاما من أفريقيا إلا في المهرجان الذي تحتضنه مدينتهم؟ ومن أين سيشاهد جمهور أسوان سينما تعبر عن قضايا المرأة من شتى أنحاء العالم إلا في مهرجان مدينتهم؟
لكن لكي يكتمل المشهد الجميل للمهرجانات السينمائية المصرية لابد أن يعاد النظر في عضوية اللجان العليا لهذه المهرجانات، فبعض هذه المهرجانات تضم في عضوية لجانها العليا أو مجالس أمنائها أسماء سينمائيين كبار هم بلاشك إضافة لهذه المهرجانات، ووجودهم تشريف لها، لكن هذا الوجود يتعارض مع مبدأ الشفافية الذي ننشده دائما، خاصة أنهم أعضاء في اللجنة العليا للمهرجانات.
فمهرجان الإسكندرية يضم في لجنته العليا المخرجان داود عبدالسيد وعلي بدرخان والمنتج محمد العدل، ومهرجان أسوان يضم في مجلس أمنائه المخرج أحمد عواض رئيس هيئة قصور الثقافة، ومهرجان شرم الشيخ يضم في مجلس أمنائه داود عبدالسيد، ومهرجان الأقصر المنتج محمد العدل، فكل هذه الأسماء تمتلك من النزاهة والسمعة الطيبة ما يجعلها فوق الشبهات، ولكن ربما وجودهم في اللجنة العليا للمهرجانات يجعلهم في وضع حرج؛ لكون اللجنة هي التي تحدد الدعم المقدم للمهرجانات، لذلك عليهم إما الاعتذار عن عدم الاستمرار في اللجنة العليا للمهرجانات، أو الاعتذار عن عدم الاستمرار كأعضاء في مجالس أمناء المهرجانات، فالشفافية تليق بهذه الأسماء الكبيرة.