صلاح السعدنى.. حكاية العمدة مع اليسار

صلاح السعدنى     صلاح السعدنى
 
أحمد إبراهيم الشريف
 العمدة صلاح السعدنى هو واحد من أجمل الممثلين فى مصر، وذلك لأنه له قبول كبير، يستطيع أن يترك أثره وشخصيته على ما يقدمه من أعمال، فلا هو يقلد أحدا ولا يمكن لأحد أن يقلده، كما أن هناك جانب ثقافى لا يمكن إغفاله فى كل أدواره، ومن شخصياته الخالدة اليسارى عبد الواحد فى فيلم "فوزية البرجوازية" المأخوذ عن قصة للكاتب الساخر الكبير أحمد رجب.
 
وفيه الفيلم كان عبد الواحد متزوج من "عنايات" التى لا تقل عنه انتماء للفكر اليسارى، حتى أنها عندما "حملت" حارا هل يسميان الطفل ماركس لأنه "المفكر" أم "لينين" لأنه المطبق للفكر.
 
سكن المثقف اليسارى فى حارة شعبية، وذات يوم تشاجرت «عنايات» مع زوجة صاحب المنزل الأسطى «بدّار» واسمها "فوزية" الذى يعمل حلاقا، تلقت الزوجة المثقفة سيلا من عبارات اللوم والتقريع من «فوزية»، فلم تستطع الرد عليها بنفس الأسلوب، واكتفت بكلمة «إنتى ست برجوزازية».
 
لم تفهم «فوزية» معنى الكلمة، فاستدعت صديقاتها سيدات الحارة فى اجتماع تشاورى عاجل، عل واحدة منهن تفسر لها معنى «برجوازية»، فقلن لها "بقى انتى يا ست يا كاملة يا عاقلة ياللى تتحطى على الجرح يبرد يتقالك يا برجوازية".
 
الأسطى "بدار" من جانبه ذهب "إبراهيم" طالب الجامعة الانتهازى ولأنه كان على خلاف مع "عبدالواحد" رغم أنهما ينتميان لتيار سياسى واحد، فقد "شعلل" الموقف وأكد أن كلمة "برجوازية" هى شتيمة كبيرة وإهانة فجة ما دامت قائلتها زوجة «عبدالواحد النصاب» حسب تعبيره.
 
المهم أن الأمر وصل لإشعال حرب أهلية فى الحارة، لكن بشكل مختلف، فأهل الحارة لا سوى فى كرة القدم، فأكد لهم "إبراهيم" أن الاتحاد السوفيتى يتعامل مع اليساريين لزيادة شعبية النادى الأهلى الذى يرتدى اللون الأحمر، وهو نفس لون علم الروس، بينما الولايات المتحدة ترد بدعم نادى الزمالك الذى يرتدى اللون الأبيض وهو نفسه لون رمز واشنطن "البيت الأبيض".
 
تحولت شخصية عبد الواحد بعد ذلك إلى أيقونة وتحولت الكثير من الجمل التى قيلت فى هذا الفيلم إلى جمل يرددها الناس فى حواراتهم وحياتهم، واستمر تأثير الفيلم حتى أن المخرج عاطف بشاى، مخرج الفيلم، كتب فى عام 2010 مقالة فى روز اليوسف بعنوان " كنت عميلاً لقوى الرجعية" قال فيه "أحدث الفيلم ضجة كبيرة من ردود الأفعال بين المثقفين وحقق نجاحاً جماهيرياً واضحاً.. وصار الناس فى الشارع المصرى يتناجزون بتعبيرات كثيرة وردت فى حوار الفيلم من نوعية: يابورجوازى يامتعفن - اخرس يايمينى يارجعى - اسكت يا ديماجوجى يا عديم الأيديولوجية - يا إمبريالى ياعميل. لكنه أغضب بشكل ملموس كل المنتمين إلى اليسار بجميع أطيافهم.. وشنوا ضد الفيلم وضدى حملة شعواء.. واتهمنى كتابهم ونقادهم بتلك الاتهامات الشائعة والجاهزة لديهم من خيانة مزرية للتوجهات التقدمية المذهبية.. وعمالة منحطة لقوى الرجعية الفكرية.. وتواطؤ رخيص مع السلطة الفاشية، وانبطاح ذميم لاستراتيجية التآمر ضد المشروع القومى لتحالف الكتلة الثورية النهضوية فى مواجهة أعداء التنوير السياسى والعقائدية الهيجيلية الجدلية. وصرت منبوذاً بينهم يتأففون عن التحدث معى، ويتجنبون لقائى.. وحرضت مناضلة حنجورية الرفاق ضدى فرفضوا مجرد مصافحتى.. بعد أن وشى بى «صلاح السعدنى» وسرب معلومة مفادها أنى أقصدها بشخصية «عنايات» التى جسدتها «إسعاد يونس».. بل كاد أحدهم أن يضربنى لولا تدخل عامل البوفيه بأتيليه الفنانين والذى حال دونه ودون أن يفتك بى مؤكداً له: - ده لا يمينى ولا يسارى.. ده قبطى أرثوذكسى.

اضف تعليق
لا توجد تعليقات على الخبر