"من القفص للفيلا".. هكذا يمكن أن نُلخِّص 6 سنوات قضاها مبارك بعد ثورة يناير، هكذا يمكن أن نرصد احتفالاته، وأنصاره، بأعياد ميلاده خلال هذه الفترة، فكان الرابع من مايو من كل عام محط أنظار الجميع، محبى الرجل ومعارضيه، هى المناسبة التى تعود فيها أفعال الرجل إلى النور، تختلف الأراء وردود الأفعال حوله، لكن قصة نزول آخر رئيس مصرى من على كرسى الحكم واستقراره فى سرير المحاكمة ومنه إلى منزله من جديد، هى القصة الأبرز فى مصر خلال السنوات الأخيرة.
2011
لم تكن ثورة يناير تخطت شهرها الرابع بعد، ولم يكن تسجيله الأول بعد التنحى – من شرم الشيخ - قد تخطى الشهر، حين نالت السخرية من الرئيس الأسبق، محمد حسنى مبارك، عبر صفحات مواقع التواصل الإجتماعى التى هزمته. فمع الأسبوع الأول من شهر مايو 2011 بدأ الجميع يتحدث عن عيد ميلاد "المخلوع"، الذى أكد عبر تسجيله الأول، فى العاشر من إبريل من نفس العام، انزعاجه من المتطاولين على تاريخه العسكرى ونزاهته المالية، واستعداده للتعاون مع النائب العام المصرى بشأن التحقيقات حول ثروته وممتلكاته.
كان من الطبيعى ألا يستطع أنصار مبارك الاحتفال بعيد ميلاده فى السنة الأولى من الثورة مثلما فعلوا بعد ذلك، فالثورة لم تكن قد هدأت بعد، إذ استولى معارضوه على "التورتة" التى كان أحضرها المؤيدون للاحتفال بميلاده مبارك، وشهد هذا اليوم اشتباكات بين الجانبين، لفظ "الفلول" كان حاضرًا بقوة وقتها.
2012
فى العام التالى احتفل أنصار مبارك بعيد ميلاده، بينما هو يرقد فى مستشفى المركز الطبى العالمى، فى انتظار الحكم عليه فى "محاكمة القرن"، مواجهًا تهم قتل المتظاهرين، لقبٌ جديد حصل عليه مبارك فى هذا العام "أول رئيس مصر وعربى يُحَاكَم أمام محكمة مدنية".
لم تكن سنة مبارك "حلوة" وقتها، ففى الشهر التالى لعيد ميلاده أصدر القاضى أحمد رفعت الحكم على مبارك والعادلى بالسجن المؤبد فى قضية قتل المتظاهرين، وهو نفس الشهر الذى شهدت فيه مصر أول انتخابات رئاسية تعددية بعد الثورة، القصر الرئاسى ينتظر رئيسًا جديدًا بينما القديم يجلس مريضًا فى محبسه.
2013
مبارك مازال فى محبسه، كلما خرج منقضية يواجه أخرى، الآن يرقد الرجل مواجهًا اتهامات حصوله على هدايا المؤسسات الصحفية فى الفترة بين 1984 و2005، فيما بدأ أنصاره فى التعبير عن أنفسهم للجميع بميدان مصطفى محمود، إذ أحضروا "تورتة" مطبوع عليها صورته وقاموا بالغناء والرقص على أغانى الدى جي.
لم يكتف أنصاره بهذا بل قدمت صفحة "أنا آسف ياريس" أول كتاب إلكترونى موثق صادر عن وزارة الإعلام "الهيئة العامة للاستعلامات"، عن إنجازات مبارك فى 25 عاماً فى جميع المجالات.
2014
30 يونيو تقترب، احتجاجات تجتاح البلاد ضد النظام الحاكم، وتصاعُد سريع للغضب الشعبى ضد جماعة الإخوان المسلمين وممثلهم فى القصر الرئاسي، الجميع يولّى أنظاره صوب اليوم الموعود، واستمارت "تمرد" تنتقل من يدِ لأخرى بسرعة البرق، والرئيس السابق يستعد ليتحول إلى رئيسٍ أسبق.
وفى عيد ميلاده ظهرت سوزان مبارك لأول مرة بصحبته فى شرفة مستشفى المعادى العسكرى، محيين أنصار الرئيس الأسبق الذين تجمعوا أمام المستشفى لتحيته والاحتفال بعيد ميلاده الـ86.
2015
كان عامًا متقلبًا على مبارك، فبعد إسقاط الإتهامات عنه فى نوفمبر 2014 وبراءته عادت النيابة لتقدم طعنا أمام محكمة النقض، فتقبل المحكمة هذا الطعن ملغية الحكم الصادر فى نوفمبر، وفى 4 يونيو 2015 رفضت محكمة النقض أعلى المحاكم المصرية الحكم وقبلت الطعن المقدم من المدعين بالحق المدنى لتبدأ هى فى نظر القضية بنفسها و تسدل عليها الستار نهائيا وقضت اليوم بحكمها بالبراءة.
وخلال هذا احتفل مبارك بعيد ميلاده الـ87، أول عيد ميلاد له بعد اسقاط الاتهامات عنه، فى مستشفى المعادى العسكرى، بحضور أفراد أسرته، ونظّم عدد من أنصاره احتفالية أمام المستشفى بـ"تورتة" عليها صورته، التى أصبحت تميمة احتفالاتهم بأعياد ميلاده.
2016
هذا العام لم يختلف كثيرًا عن سابق، الأقاويل توقفت عن وضع مبارك الصحي، الاتهامات تسقط عنه واحدة تلو الأخرى، تتسرب أخبار هنا وهناك عن إقامة الرجل فى مستشفى المعادى العسكرى، ويشعر الكثيرون باقتراب خروجه.
يظهر مبارك مرة أخرى من نافذة غرفته بالمستشفى ليحيى انصاره، مشهد مُكرر كان ليلفت الأنظار فى الأيام الأولى لثورة يناير، لكنه يتحول إلى مشهد عادى الآن.
2017
لأول مرة بعد الثورة، مبارك يحتفل بعيد ميلاده الـ89 فى فيلته بمصر الجديدة، صفحة "أنا أسف يا ريس" تحتفل به على طريقته الخاصة، تدوينات وتهنئات للرئيس البرىء، الرجل الذى يستطيع الآن أن يحتفل بعيد ميلاده بعيدًا عن الحبس الاحتياطى، وسرير مستشفى المعادى العسكرى والمركز الطبى العالمى، تنتشر صورة من داخل فيلته لأحد أنصاره ينحنى أمامه ليُسلِّم عليه، وعلاء مبارك، الذى بدأ فى الظهور كثيرًا فى الفترة الأخيرة، يقف فى الخلفية، لتكون أولى صور الرئيس الأسبق خارج السجن.
مبارك فى فيلا مصر الجديدة