أحد أشهر الأقوال المأثورة على الإطلاق فى ثقافتنا الشعبية هى "الوقت كالسيف.. إن لم تقطعه قطعك"، ويقول آخرون: "الوقت من ذهب" وكلها موروثات تؤكد أهمية الحفاظ على الوقت وقيمته، ولكن هل بالفعل لا يحترم المصريون الوقت، وهل هناك دول أخرى تقوم بنفس الشيء .
من الثوابت الساخرة لدينا أنه إذا كان موعدك فى التاسعة صباحًا، فهذا يعنى أن الموعد الحقيقى فى التاسعة والنصف وربما بعد ذلك، ولكن فى هذه الدولة الأفريقية، لا أحد يأتى فى موعده ولا أحد ينظر لساعته .
ضمن سلسلة ثقافية لكتاب أفريقيين، كتبت إليزابيث أوهين، وهى وزيرة الحكومة السابقة فى دولة غانا، أن المواطنيين الغانيين، يرون أن مشاهدة الساعة مضيعة للوقت !
وتابعت إليزابيث، وزير الدولة لأولمبياد "طوكيو"، اليابانى يوشيتاكا ساكورادا أُجبر على تقديم اعتذار علنى بسبب وصوله متأخرًا لاجتماع مهم فى البرلمان لمدة 3 دقائق، مضيفة بسخرية: "تساءلت عن عدد وزراء الدولة هنا فى غانا الذين يشكرون الله على أنهم ليسوا يابانيين".
وأضافت رئيسة الحكومة السابقة، بات من الطبيعى فى غانا أن يتأخر الموظفون عن العمل. فى الواقع، لكنى حينما كنت فى الوزارة، كنت أحرص بشكل أو بآخر على أن أصل فى موعدى ولكنى كنت أجد أنه لا أحد كان يتوقع وصولى فى الوقت المحدد.
وكمحاولة فى تنظيم الأمر أكثر، فكر عدد من المسئولين فى جعل الأمر يبدأ من رأس الدولة، من خلال وصول الرئيس الغانى الأسبق جون كوفور فى موعده لممارسة مهامه، معتقدين أن هذا سيغير من ثقافة المواطنين فى التأخير، واحترام الوقت.
وتابعت إليزابيث، أتذكر المرة الأولى التى بدأنا فيها تنفيذ مخططنا، كان موعد الرئيس 9 ونصف، وبالفعل حضر فى موعده، الأمر الذى سبب حالة من الهرج والمرج، بين الدبلوماسيين، الذين لم يعتادوا على هذا الأمر، فركضوا مسرعين للوصول إلى مقاعدهم، بينما باشر الموظفون المسئولون عن المكان وتنظيمه عملهم أثناء وجود الرئيس نفسه، الأمر الذى تسبب فى حالة من الارتباك، ولكن سرعان ما تم التخلى عن هذه التجربة لعدم نجاحها بسبب عدم جاهزية المكان، واستكمال عمليات التأمين اللازمة.
وأضافت إليزابيث، أن رئيس غانا الحالى نانا أكوفو أدو، أعرب عن أسفه لثقافة الوظائف الرسمية التى تبدأ عادة متأخرًا، واعدًا أنه سيكون مثالاً يحتزى به فى مسألة الوقت.
وتؤكد رئيسة الحكومة السابقة فى غانا أن هذه الإجراءات لم تغير أى شيء حتى الآن، بل إن الأمر يمتد للكثير من المجالات الأخرى مثل وسائل النقل التى تتأخر بشكل كبير وملحوظ، الأمر الذى يؤثر بالتبيعة على مواعيد المواطنين، بل إن الثقافة الغانية نفسها تأثرت، حيث تقول إليزابيث: "خياطتى وعدتنى بصنع فستان فى غضون 3 أسابيع ولكنى حصلت عليه فى 3 أشهر"، حتى الكنائس نفسها تتأثر توقيتاتها بكل هذا، مختتمة: "فى غانا من الأفضل عدم إلقاء نظرة على ساعتك.. نحن ببساطة لسنا ملزمين بالوقت هنا"