في القطار المسافر داخل محافظة البحيرة بين مدينة دمنهور وإيتاي البارود، وضع أحد النشالين يده في جيب مسافر وسرق كيس نقوده والذي كان فيه 4000 جنيها وكان هذا رقما قياسياً من حيث ضخامة المبلغ. الحادث جعل مجلة المصور عام 1954 تنشر بعض الطرائف عن دولة النشالين.
المقال نشرته صفحة "تراث مصري" عبر الفيسبوك وأوضح المقال أن عدد النشالين في القاهرة في منتصف الخمسينات بلغ نحو 5000 منهم 4000 من الذكور و1000 من الإناث، وأنشا نشالو العاصمة لأنفسهم "اتحادا عاما" يسمع به البوليس من مراسلاته، لكنه لا يعرف مقره، ومن طريف ما يذكر أن "الاتحاد العام للنشالين" قد أرسل تهنئة رقيقة إلى محافظ سابق للقاهرة لمناسبة تعيينه في هذا المنصب.
وتتراوح حوادث النشل في العاصمة بين 10 و15 حادثا في اليوم، وقد حفز ذلك حكمدارية البوليس لإنشاء مكتب خاص لمكافحة حوادث النشل، اسندت رياسته إلى الصاغ جمال الدين رشدي وقام هذا المكتب بإحصاء طريف، دل على أن متوسط ما يصل إلى أيدي النشالين في الشهر يبلغ 2500 جنيه في الشهر أي 30.000 جنيه في السنة، وكثيرا ما يكون الذنب في حوادث النشل واقعاً على الجمهور نفسه لعدم اتخاذه الحيطة الواجبة وخصوصا في الأماكن المزدحمة مثل عربات الترام والأمنيبوس.
أساليب النشل متنوعة طبقا لما أوتي النشالون من ثقافة وفن، فهناك من ينشل في الترام والأومنيبوس، ومن ينشل في سيارات التاكسي وكان يوهم أحد السذج من القرويين بأنه سيذهب به إلى قسم البوليس ثم ينشل حافظة نقوده في الطريق، وهناك نشالات جميلات يلقين بأنفسهن على صدور الناس في دور سينما وغيرها، ويتظاهرون بالإغماء لينشلن ما تصل إليه أيديهن من "محافظ".
ولا يجيد كل نشال إجراء "العملية الجراحية" اللازمة لجيب ضحيته بالمشرط الذي يحمله، ولذا لا يمارس هذه العملية إلا الراسخون في العلم..
ومن أعجب تقاليد النشالين أن نشالا من الإسكندرية مثلا قد ينزل ضيفا على زميله في القاهرة، والهدية التي يقدمها إليه مضيفة لهذه المناسبة هي حافظة نقود ينشلها له خصيصا ويقدمها إليه دون أن يفتحها وكذلك يفعل نشال الإسكندرية إذا حل نشال القاهرة ضيفا عليه.
وفكر حكمدار سابق لبوليس العاصمة في وشم كل نشال يقبض عليه ويدان بعلامة × في جبهته ليعرفه الناس بعد ذلك ويأخذوا حذرهم منه، ولكن وجد أن هذا المشروع "وحشي" ومهدر للآدمية، وخصوصا إذا تاب النشال توبة صادقة في مستقبل حياته.