يوجد فى حياة الإنسان بعض الأحداث والمواقف التى تحدد طريقه وترسم مستقبله وربما تغير مجرى حياته، من هذه المواقف ما أثر فى حياة بعض المشاهير ومنهم نجوم الزمن الجميل.
ومن بين هذه المواقف والأحداث خطاب أثر فى حياة وحش الشاشة الفنان الكبير فريد شوقى ووضعه على بداية طريق الفن والشهرة وأهدى للجمهور ملك الترسو أحد عمالقة الفن والتمثيل.
وحكى وحش الشاشة فى مقال كتبه لمجلة الكواكب عام 1955 عن قصة خطاب غير مجرى حياته قائلا: "كان لى هوايتان وأنا طالب فى سن السابعة عشر من عمرى، الهواية الأولى الملاكمة والثانية التمثيل، وكنت أتقدم فى هوايتى الأولى تقدما محسوسا، وكان مدرب المدرسة يعتز بى وبقبضة يدى ويرشحنى لبطولة عالمية ودورة اوليمبية تعقد فى برلين تستعد مصر للمشاركة فيها.
وأوضح فريد شوقى فى مقاله أنه كان أسرع المنافسين وفاز ببطولة منطقة القاهرة، ولم يبق أمامه إلا أن يهزم بطل الإسكندرية حتى يسافر للبطولة الدولية لتمثيل مصر مع أبطال الملاكمة.
وتابع وحش الشاشة قائلا: "كنت مزهوا بانتصارى وأصابنى الغرور خاصة وأن أغلب الجمهور كان يشجعنى واستهنت بخصمى، ثم فجأة حدث ما لم أكن أتوقعه حيث عاجلنى خصمى بضربة أفقدتنى الوعى وأفقت وأنا فى غرفة الملابس وتبدد حلمى فى السفر فبكيت وأقسمت يومها ألا أدخل حلبة الملاكمة طيلة حياتى".
وأضاف: "كان عزائى بعد ذلك هو هوايتى الثانية التمثيل وقد كنت أتقلد أدوار لبطولة فى كل المسرحيات التى تقدمها المدرسة، وتعلمت من درس الملاكمة ألا أكون مغروراً".
وتحدث ملك الترسو عن الحدث الذى غير مجرى حياته فى مقاله بالكواكب قائلا:" فى عام 1949 تخرجت من المدرسة وأعلن يوسف بك وهبى عن مسابقة للوجوه الجديدة للانضمام إلى الفرقة المصرية وقررت ألا أضيع الفرصة، فكتبت خطابا إلى الأستاذ يوسف وهبى".
وكتب فريد شوقى فى خطابه ليوسف وهبى يقول: "أحب أن أحيطكم علما يا أستاذى العظيم بأننى أستطيع أن أحاكيك فى التمثيل بذات الصوت والحركة المسرحية ولهذا أرجو أن تختارنى من بين من سيتقدم إليك حتى تضمن للفرقة المصرية بطلا لا يشق له غبار".
وأكد وحش الشاشة أنه ظل يتدرب على أداء يوسف وهبى وطريقته حتى لفت انتباه الجيران الذين كانوا يسمعونه ويصفقون له.
وتابع: "يوم المسابقة وقفت بين المتسابقين الذين تدربوا على مواقف من روايات مختلفة، وكانوا يتميزون بالوسامة والشعور اللامعة والأناقة الكاملة ولم أكن مثلهم، ورغم ذلك كنت واثقا من أننى سأكون بين الفائزين"
وأضاف: "بدأ الأستاذ يوسف وهبى الامتحان ونادى قائلا : فيكم واحد اسمه فريد شوقى؟، فقلت أيوة يابيه أنا، وبدأ الأستاذ بامتحانى وكنت قويا فيما أديت وأثرت إعجابه بإجابتى على كل الأسئلة فأعطانى دور كومبارس راقى بالفرقة، وبعدها أعطانى أدوار ثانوية ثم التحقت بمعهد التمثيل بعد افتتاحه ولكننى لم أنفصل عن الفرقة المصرية".
وأكد وحش الشاشة أنه تعلم من المسرح أكثر مما تعلم فى المعهد وقاده هذا إلى النجاح الذى جنى ثماره بعد ذلك، وهكذا ساهم الخطاب الذى أرسله إلى يوسف بك وهبى فى تغيير مجرى حياته ووضعه على أول طريق الفن.