دخل الطب لتحقيق رغبة والده وتخصص فى أمراض النساء والتوليد، لكنه هجر العمليات ومارس عمليات ولادة موسيقى جديدة بفرقته الـ"M4" فى التمثيل نجح من أول ظهور له فى السينما مع خيرى بشارة، وبعدها قدم 100 فيلم، وفى التليفزيون قدمه وحيد حامد فى "العائلة"، ووصل رصيده لـ 120 مسلسلا، وفى فترة رئاسته لمهرجان القاهرة السينمائى استقطب النجوم وأعاد للمهرجان بريقه.
قليلون جدا النجوم الذين يتمتعون بشمولية فى الفن والثقافة، والفنان الراحل الدكتور عزت أبو عوف أو "برنس الشاشة" كما كان يطلق عليه المقربون منه كان فنانا مبدعا شاملا نجح فى كل مجال دخل فيه إلا الطب الذى دخله فقط من أجل إرضاء رغبة والده، والذى أكد فى أحد اللقاءات أن والده حُرم من دراسة الطب بسبب ارتفاع مصاريفها التى كانت أكثر من دخل عائلته، مما جعله لا يستطيع الالتحاق بها، وهو ما دفعه للإصرار على دخول ابنه لتحقيق حلمه من خلال دراسة الطب، فهكذا حقق أبو عوف رغبة والده، وتخرج متخصصا فى أمراض النساء والتوليد، وعمل لفترة بهذا المجال، لكنه هجر الطب والعمليات، وأصبح يمارس عمليات أخرى، وهى ولادة موسيقى جديدة ومختلفة لفت بها الأنظار له ولفرقته.
الجنتلمان عزت أبو عوف قبل تكوينه لفرقته الشهيرة "فور إم" كان عضوًا فى فرقة Les Petits Chats التى كان أحد أعضائها الموسيقار الكبير عمر خيرت والذى كان أيضا من نفس دفعته بعد التحاقه بمعهد الكونسرفتوار، وكان لديه إصرار على النجاح، فعلى الرغم من النجاح المحدود لفرقته التى التحق بها فى البداية إلا أنه قرر الالتحاق بفرقة أخرى شهيرة آنذاك وهى (بلاك كوتس)، واستمر فيها لفترة، وقدم معها موسيقى تجمع بين الشرقى والغربى، لكنه كان دائما لديه حلم الاستقلالية، فقرر تكوين فرقة موسيقية على غرار فرقة عالمية شهيرة وقتها كان اسمها "bone M" وأسس مع شقيقاته الأربع (منى ومها ومنال وميرفت) فرقة (فور إم)، وحققت تلك الفرقة نجاحا كبيرا، وأصدرت العديد من الألبومات، وقدموا الكثير من الحفلات الناجحة، واستمرت 12 عاما، لتبقى إلى الآن واحدة من أشهر وأهم الفرق العربية، وقد بدأت تلك الفرقة بأغنيات معروفة، مثل أوبريت "الليلة الكبيرة"، والتى كانت سبب مشكلة بين "عزت"، والموسيقار الكبير سيد مكاوى؛ بسبب التغييرات التى أدخلها “أبوعوف” على لحن الأغنية، ثم تصالحا بعد أن أرجع عزت كل شىء إلى أصله.
بعد نجاحاته فى الموسيقى ونجاح فرقته التى قدم من خلالها مسرحيات موسيقية غنائية أحب التمثيل، فقرر خوض التجربة، وساعدته ملامحه الجذابة وأناقته وأسلوبه الراقى، إضافة إلى موهبته فى لفت الانتباه إليه من قِبَل صناع السينما مع أول تجربة خاضها فى مسلسل "العرضحالجى"، إنتاج عام 1992 من إخراج محمد فاضل، وتمثيل فريد شوقى ومحمد هنيدى وكريمة مختار ووائل نور وشيرين سيف النصر وكان ظهوره فى هذا العمل كضيف شرف، وفى نفس العام قدمه المخرج خيرى بشارة فى فيلم "آيس كريم فى جليم" فى دور أدهم.
المسلسل الذى لفت الانتباه للدكتور عزت أبو عوف، وتعد بدايته الحقيقية فى مجال التمثيل كان فى مسلسل "العائلة" عام 1994، حيث قدم فيه شخصية "فكرى"، وكتبه وحيد حامد، وأخرجه إسماعيل عبد الحافظ، وقام ببطولته محمود مرسى، ليلى علوى، عبد المنعم مدبولى، خيرية أحمد، ميمى جمال، منى زكى، محمد رياض، روجينا، وسناء يونس وعدد آخر من الفنانين، وبعد هذا العمل انطلق عزت أبو عوف فى التمثيل، وهجر الموسيقى، خاصة أن أخواته البنات تزوجن وتركن الموسيقى، ولم تستمر منهن إلا مها أبو عوف التى اختفت لفترة ثم عادت ممثلة مع شقيقها عزت أبو عوف.
وفى إطار مسيرته الفنية التى تتسم بالشمولية كما ذكرنا من قبل حقق خلالها نجاحات متعددة فى مجالات مختلفة، أسند إليه وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسنى منصب رئيس مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، ونقل الراحل المهرجان نقلة نوعية، واستطاع بعلاقاته الخارجية والداخلية استقطاب النجوم الكبار من مصر ومن خارج مصر، ليعيد للمهرجان بريقه بعد فترة خفوت لسنوات، واستمر فى إدارته للمهرجان لسنوات عديدة، محققا النجاح، وفى عام الثورة 2011 كان المهرجان مهددا بالإلغاء، لكنه أصر على وجوده حتى لا تفقد مصر صفة الدولية، فكم كان هذا الفنان مخلصا لما يقدمه فى أى مجال خاضه.
عزت أبو عوف لمن لا يعرفه عن قرب هو إنسان بمعنى الكلمة، ولا يتوانى مطلقا عن مساعدة أى موهبة فى أى مجال، فهو الذى وضع الفنان محمد فؤاد على بداية الطريق حينما قدمه من خلال فرقته، حتى إن محمد فؤاد نفسه وضع القصة فى فيلم سينمائى "إسماعيلية رايح جاى"، وبعيدا عن محمد فؤاد ساعد عزت ابو عوف الكثير من المطربين، وشاركهم أعمالهم كممثل، فقدم مع تامر حسنى الكثير من الأفلام، منها مثلا الفيلم الشهير "عمر وسلمى" بجميع أجزائه.
عزت أبو عوف كان دائما فى مجال التمثيل يبحث عن الدور المختلف الذى يبعده عن نوعية أدوار كان بعض المخرجين يحصرونه فيها، فقرر فى عدة أعمال أخرى التخلى عن التقليدية، وسنجد ذلك مثلا فى فيلم "واحد من الناس" مع كريم عبد العزيز الذى قدم خلاله شخصية "كمال أبو العزم" رجل الأعمال وصاحب النفوذ والسلطة، وتخلى أبو عوف فى هذا الفيلم عن الباروكة التى لازمته كثيرا فى أعماله، وظهر مختلفا شكلا وموضوعا.
عزت أبو عوف ربما يكون قد رحل عنا بجسده، لكنه حقا موجود بيننا بفنه، فقد ترك فنا متنوعا وأعماله بالفعل ثرية، فقدم حوالى (100) فيلم، و(120) مسلسلا، وعددا غير قليل من المسرحيات تصل لـ(7) مسرحيات، كما قدم فى مجال الموسيقى التصويرية عددا من الأعمال تصل لـ(10) أعمال منها الموسيقى التصويرية للمسلسل الشهير "حكاية ميزو" للفنان سمير غانم، ووضع أيضا الموسيقى التصويرية لمسرحية "الدخول بالملابس الرسمية" لسهير البابلى وأبو بكر عزت، وقدم أيضا الموسيقى التصويرية لفيلم "حسن اللول" لأحمد زكى، فعطاؤه كان شاملا.
ونجح أيضا أبو عوف فى مجال تقديم البرامج، وكانت له تجربة فى تقديم البرامج التليفزيونية، من خلال برنامج المسابقات "هرم الأحلام" فى التليفزيون المصرى عام 2001، كما شارك اﻹعلامى عمرو أديب فى تقديم برنامج "القاهرة اليوم" لفترة، وحقق معه نجاحا كبيرا وكان المشاهدون ينتظرون طلته وآراءه فى المجالات المختلفة والقضايا التى كان يناقشها البرنامج.
رحم الله الفنان الشامل والجنتلمان والبرنس عزت أبو عوف الذى ترك لنا أعمالا مازالت تعيش فى وجدان العالم العربى.