- والدتى احترفت الفن صدفة واعتقدوا أنها «خوجاية» وكرهت لقب ملكة الإغراء.. وأسرة والدها قاطعتها بسبب التمثيل.. ولهذه الأسباب جرى وراءها المليجى
- هند رستم عانت من قسوة الأب الضابط التركى الملقب بموسولينى وتركت المدرسة فى سن 13 وعملت «كومبارس» فاعترضت على التفرقة بين أجور المصريين والأجانب.. ولم أحب تمثيلها مع إسماعيل ياسين ولهذه الأسباب سماها حسن الإمام «عند رستم»
فى عام 1947 وقفت الفتاة الجميلة ذات الكبرياء والملامح الأوروبية التى لم تتجاوز سن الـ16 بين عدد من الفتيات الكومبارس المصريات والأجنبيات، لتشارك فى مشهد صغير من فيلم «أزهار وأشواك»، اعتقد القائمون على العمل أنها أوروبية بسبب ملامحها حتى طلبوا من فتيات الكومبارس أن ينقسمن إلى فريقين، فريق الأوروبيات وفريق المصريات فوقفت الفتاة بين المصريات، ولكنها اعترضت وتمردت حين عرفت أن الكومبارس الأوروبيات سيحصلن على أجر أعلى من المصريات، فقالت بكبرياء رغم صغر سنها: «ليه إحنا ولاد ناس ومش جايين من الشارع واحنا أحلى منهم ليه ناخد أجر أقل»، فكان نتيجة هذا التمرد أن تقرر منحها وزميلاتها نفس الأجر الذى تحصل عليه الأوروبيات.
عبر هذا الموقف وتلك الشخصية عن مولد فنانة مختلفة جميلة عنيدة قوية ومعتزة بنفسها لا تقبل تنازلا أو إهانة، حتى أطلق عليها الكثيرون ممن تعاملوا معها اسم «عند رستم»، بدلا من هند رستم، وظلت هى محتفظة بهذه الصفات حتى رحيلها عن دنيانا فى عام 2011.
حملت هند رستم ابنة ضابط البوليس ذو الأصول التركية حسين رستم والمولودة فى محرم بك بالإسكندرية لأم مصرية ذات أصول مغربية بعضا من صفات عائلتها، قوة شخصية الأب الصارم الذى لقب باسم موسولينى من شدة قسوته، وجمال وحنان الأم التى ارتبطت بها طوال حياتها بعد انفصالها عن والدها.
فى بيت هند رستم
تشعر بهذه الروح القوية الجميلة المتمردة العنيدة الذواقة حين تدخل إلى منزل ابنتها الوحيدة بسنت رضا وترى الأثاث الخاص بالفنانة الراحلة والذى احتفظت به الابنة، كما ورثته عن والدتها، تخبرك كل قطعة من التحف التى جمعتها الفنانة الراحلة من مزادات عديدة وقصور فخمة بأن صاحبتها ظلت تحتفظ بهذا العرق التركى والرغبة فى اقتناء الأشياء الثمينة مهما كلفتها، بينما تشعر بروح الفنانة الكبيرة فى كل ركن من أركان المنزل تنظر إليك من صورها التى تنتشر فى أرجاء المكان لترى فيها المراحل العمرية المختلفة لمارلين مونرو الشرق التى كرهت لقب ملكة الإغراء الذى أطلقه عليها مفيد فوزى.
استقبلتنا الابنة لتتحدث عن مسيرة حياة والدتها الفنانة الكبيرة، مشيرة إلى أن اسمها الحقيقى هند حسين رستم، وهند هو الاسم الذى اختارته لها والدتها بينما أرادت أسرة والدها ذات الأصول التركية تسميتها ناريمان وظلوا ينادونها بهذا الاسم.
بدايات النجمة المتمردة
عانت هند رستم فى طفولتها كثيرًا خاصة بعد انفصال والديها كما أشارت ابنتها: «والدها كان شديدا جدا وكانوا يطلقون عليه اسم موسولينى، حيث كان شخصية تركية صعبة، وكان يتنقل بحكم عمله كضابط شرطة بين القرى، ويصطحب والدتى معه فى طفولتها».
وأوضحت الابنة أن والدتها التحقت بمدارس ألمانية وفرنسية ولكثرة تنقل والدها بين القرى لم تكمل تعليمها وتركت الدراسة فى سن 13 عاما فى المرحلة الإعدادية.
عانت هند رستم فى طفولتها من قسوة الأب وزوجته حيث تزوج والدها وأنجب ولدين وابنة أخرى، فانتقلت لتعيش مع والدتها وزوجها الذى عامل الطفلة بحنان فارتبطت به واعتبرته والدها.
تضحك الابنة وتشير إلى أن حياتها وحياة والدتها متشابهتان بشكل غريب فكلتاهما ابنة وحيدة لأمها وانفصل الوالدان فى سن مبكر وتزوج كل منهما وارتبطت كل منهما بعلاقة طيبة مع زوج الأم الحنون، فكما تعلقت هند رستم بزوج والدتها ارتبطت الابنة بسنت ابنة هند رستم من المخرج حسن رضا بزوج والدتها الدكتور محمد فياض أستاذ طب النساء والتوليد.
وأوضحت الابنة: «نسمى عائلتنا عيلة عبدالواحد، فأمى لم يكن لها اخوات من والدتها وكأن قصتى وقصتها تتكرر فأنا وحيدة أمى ولى أشقاء من أبى وهى وحيدة أمها، كما أن لى ابن وحيد وله أشقاء من والده فقط».
مصرية مش كومبارس خواجاية
بعد انتقال هند رستم للعيش مع والدتها وزوجها كانت تمارس بعض الأعمال البسيطة لتشغل وقتها وعندما بلغت سن 15 دخلت مجال الفن صدفة، كما أوضحت ابنتها: «كانت رايحة تتفرج على فيلم لليلى مراد، وتعرفت على صديقة تعمل بالسينما وأشارت عليها بأن تعمل معها، واصطحبتها إلى أحد مكاتب السينما وحينها شاركت أمى فى لقطة من فيلم غزل البنات ضمن الفتيات اللاتى صورن أغنية اتمخترى ياخيل وكان عمرها 15 عاما، وقبلها كانت انتقلت مع والدتها من الإسكندرية للإقامة بالقاهرة»،
وتابعت الابنة: «وقتها كانوا بيفضلوا يستعينوا بالكومبارس من الخواجات، وافتكروا أمى خوجاية بسبب ملامحها وشعرها»..
تضحك الابنة قائلة: «أمى كانت أنزوحة ومعتزة بنفسها وكان أول من أعجب بها ورأى فيها الموهبة ولفت انتباهه اعتزازها بنفسها والدى المخرج حسن رضا»، تسترجع كيف لفتت شخصية والدتها انتباه أبيها المخرج : «كان بابا مخرج كبير ورأى والدتى تنزل من أتوبيس الكومبارس وتضع الفستان الذى سترتديه على يدها، وبمجرد نزولها سألت الموجودين بكل ثقة وكأنها بطلة الفيلم : فين أوضتى»، فضحك، وبعدها تكرر أكثر من موقف أمامه ومنها أنهم كانوا يعطون الكومبارس المصرية 2 جنيه والأجنبية 5 جنيهات كأجر عن العمل، فاعترضت وقالت ليه أحنا مصريين وولاد ناس وأحلى منهم وصممت تاخد زى أجر الأجانب»، أعجب المخرج حسن رضا بشخصية وكبرياء وموهبة هند رستم التى بدأت تلفت الانتباه وشاركت فى مشاهد بسيطة من بعض الأفلام حتى حصلت على أدوار أكبر فى فيلمى عواطف واعترافات زوجة.
رحلة النجومية والتألق
وأشارت الابنة إلى أن والدتها لفتت انتباه المخرج حسن الإمام واستعان بها فى فيلم عواطف، حيث ساعدها القدر فى إتقان دورها بالفيلم وكانت تقوم بدور أم ترى ابنتها لأول مرة، وقالت الابنة: « كان المفترض أن تجرى أمى لتحتضن الطفلة وأثناء جريها رجلها اتجزعت ورغم ذلك لم تتوقف وأكملت المشهد وهى تبكى من الألم فكانت دموعها حقيقية وأتقنت المشهد وهو ما أعجب المخرج الكبير حسن الإمام».
تزوجت هند رستم من المخرج حسن رضا وهى فى عمر 19 عاما وأنجبت ابنتها الوحيدة بسنت فى سن العشرين.
تشير الابنة إلى أن والدتها أنجبتها قبل أن تبدأ مشوار نجوميتها الذى بدأ بفيلم الجسد عام 54، وأخرجه حسن الإمام الذى آمن بموهبة هند رستم وكانت معها فاطمة رشدى وحسين رياض وكمال الشناوى وأصبح اسمها معروفا كما أنتج لها زوجها المخرج حسن رضا فيلما، وتوالت بطولاتها فى السينما ولمع نجمها.
غضب الأب وأسرته غضبا شديدا من عمل ابنتهم هند رستم بالتمثيل كما أكدت ابنتها بسنت رضا: «والدها وعائلته قاطعوها نهائيًا، وانقطعت علاقتها بهم وزاد الأمر سوءًا بعد زواجها من مخرج، وشجعتها والدتها وزوجها».
تؤكد الابنة أن كل من تعامل مع والدتها فى بداية مشوارها الفنى أعجب بقوة شخصيتها ولفت انتباهه موهبتها حتى أطلقوا عليها لقب «عند رستم»، وهو اللقب الذى أطلقه عليها المخرج حسن الإمام.
وتابعت: «نالت أمى أيضا إعجاب الفنانة الكبيرة مديحة يسرى فاستعانت بها فى عدد من الأفلام التى أنتجتها ومنها عواطف واعترافات زوج وكانت وهو ما فعلته الفنانة ماجدة، والفنان يحيى شاهين، فكل الفنانين الذين كانوا ينتجون وقتها تحمسوا لوالدتى واستعانوا بها لأنها كانت مثل الحصان وكانت علاقتها بهم طيبة حتى أنها لم تكن تتحدث فى النواحى المادية وكان هناك شياكة فى المعاملة».
كواليس المشاحنات مع فاتن حمامة
تتحدث الابنة عن علاقة والدتها بنجمات جيلها قائلة: «أمى انطلقت كالصاروخ فى الخمسينات والستينات وكسرت الدنيا وخلقت لنفسها شخصية مختلفة عن شادية وماجدة وفاتن اللاتى كن نجوم هذا الجيل»،
وتابعت: لم تكن الفنانة فاتن حمامة تحب أمى وكانت تغار منها، خاصة بعدما لمع اسمها وظهرت هذه الغيرة أثناء عملهما فى فيلم لا أنام، على الرغم من أن أمى كانت تقوم بدور ثانى فى الفيلم وكانت فاتن حمامة البطلة»، وأوضحت ابنة هند رستم: «أمى أتقنت دورها بشدة فكان مؤثرا وقويا، والفيلم كان فيه نجوم مصر، والشخصية التى جسدتها فاتن كانت غريبة عليها حيث اعتادت على أداء شخصية الفتاة المسكينة الوديعة أو المريضة، وفى هذا الفيلم قامت بدور فتاة شريرة فلم يتقبلها الجمهور رغم أن الفيلم كان يضم عددا كبيرا من نجوم مصر والقصة للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس»، مؤكدة أن إحسان اعترض على أن تقوم فاتن حمامة بهذا الدور.
تحكى الابنة كواليس المناوشات التى حدثت بين والدتها وبين فاتن حمامة خلال تصوير الفيلم: «أمى جمعها بفاتن حمامة فيلم بابا أمين قبل أن تجتمعا فى فيلم لا أنام، وكانت أمى تقوم بدور صغير فى بابا أمين بينما كانت فاتن بطلة الفيلم، ولكن بدأت الغيرة فى فيلم لا أنام حيث كانت والدتى حققت نجومية يتحدث عنها الجميع، وتتمتع بقدرات فنية وجسمانية تتيح لها التنوع فى الشخصيات والأدوار ولا تقصرها فى شخصية محددة»، وتابعت: «كان المشهد الشهير الذى يجمع والدتى بفاتن حمامة فى الفيلم بمثابة مبارزة فنية وهو المشهد الذى تخبر فيه الابنة زوجة أبيها أنها اكتشفت خيانتها، فتتحدث معها زوجة الأب فى تحد واستفزاز، وكان معروفا أن أمى تسرق الكاميرا من أى فنان أمامها، وتبتكر وتضيف للسيناريو فأمسكت بحذائها أثناء التحدث مع ابنة زوجها فى الفيلم، فانبهر المخرج وأعجبه المشهد وبعد انتهائه اعترضت فاتن حمامة»، تضحك الابنة وهى تتحدث عن ذكاء والدتها وقوة شخصيتها قائلة : «ماما عملت المشهد واستبدلت حركة رفع الحذاء بنفخ دخان السيجارة فى وجه ابنة الزوج وقالت للمخرج اختاروا أى المشهدين الحذاء أو السيجارة ومش هاعيد تانى، فقرر المخرج اختيار مشهد الحذاء».
هند سارقة الكاميرا
وتابعت: «كانت أمى تبتكر وتستطيع أن تخطف العين من أى فنان أمامها ففى فيلم رحمة من السما كان لها مشهد مع الفنان محمود المليجى فى المستشفى وكان يحدثها بأن تقنع طفلة بأنها والدتها لأن الطفلة تعانى من صدمة بعد وفاة والدتها، فوجدت والدتى بجوار السرير فازة بها ورد فأخذت منها وردة، وهو يتكلم وظلت تقطع أوراقها ولم يكن هذا مكتوب فى السيناريو ولكن والدتى أتقنت المشهد، فقال المخرج «استوب هايل»،
وتكمل الابنة ضاحكة: «بعد المشهد جرى الفنان محمود المليجى وراءها وهى تقول له «حرمت مش هاعمل كدة تانى»، فربت على كتفها وقال لها انتى ممثلة عظيمة لأنها استطاعت أن تسرق منه الكاميرا، وهذه شهادة كبيرة من فنان عملاق»..
وتابعت: «أدرك سمير صبرى وشكرى سرحان قدرة والدتى على سرقة الكاميرا كانوا مصحصحين جدا فى فيلم الحلوة عزيزة وحكى سمير صبرى فى أحد البرامج عن ذلك، مشيرا إلى أنه فى أحد مشاهد فيلم الحلوة عزيزة حاولت والدتى سرقة الكاميرا فأشعلت سيجارة، فأسرع هو ونفخ فى الكبريت ليطفئها، وهكذا تكون المبارزات الفنية بين الفنانين».
كرهت أفلامها مع إسماعيل ياسين
تكشف الابنة أنها لم تكن تحب أن تمثل والدتها مع الفنان الراحل إسماعيل ياسين وتفسر ذلك قائلة: «زعلت جدا عندما شاركت فى فيلمى ابن حميدو ومستشفى المجانين، لأنى كنت دايما باشوفها بتشارك البطولة مع رشدى أباظة وعمر الشريف وجانات السينما، وكنت أرى أن أى ممثل يقف إلى جوار إسماعيل ياسين يكون رقم 2 فى الفيلم» تشير إلى رد والدتها عندما تحدثت معها قائلة: «ماما قالتلى لو مش هنمثل مع إسماعيل ياسين مش هننتشر، لأن كل الدول العربية تتهافت على أفلامه دون النظر للقصة والممثلين»، وتابعت: «الفنان إسماعيل ياسين كان محترفا فى سرقة الكاميرا مثل والدتى، كما كان يحرق أى إيفيه يبتكره الممثل الذى يقف أمامه وذلك بتكرار ترديد الإيفيه، وهو ما فعله عندما ابتكر أحد الفنانين فى فيلم مستشفى المجانين إيفيه ساعة تروح وساعة تيجى فكرره إسماعيل ياسين، وهو ما فعله مع والدتى فى بداياتها عندما شاركت فى مشهد بفيلم الستات مايعرفوش يكدبوا فابتكرت الضحكة البلهاء دون أن تكون مكتوبة فى السيناريو فكررها ياسين ليسرق الكاميرا ويستفيد من الإيفيه».
تؤكد الابنة أن والدتها الفنانة الكبيرة التى تنوعت أدوارها بين الكوميديا والتراجيديا وأدوار الأم والفتاة المثيرة وبنت البلد والراهبة لم تكن تحب لقب ملكة الإغراء الذى أطلقه عليها الكاتب الصحفى مفيد فوزى، قائلة: «ظلموها بلقب ملكة الإغراء وهى لم تكن تحب هذا اللقب إطلاقا ولم تجد له معنى لأن أعمالها تنوعت ولم تقتصر على الإغراء، ولكنها لم تغضب من تشبيهها بمارلين مونرو».
وأوضحت الابنة : «أمى لم تكن تحب أى لقب وغضبت عندما أطلقوا على فاتن حمامة سيدة الشاشة العربية، وكانت تقول ليه أمال إحنا ايه، فلم تكن تحب وضع ألقاب لها أو لغيرها».
وأشارت بسنت رضا ابنة الفنانة الكبيرة هند رستم إلى أن والداها عاش معهما لمدة 5 سنوات، وبعدها تم الانفصال فى هدوء وظلت علاقة الود بينهما حتى وفاة والدها المخرج حسن رضا: «كان أبى متزوجا قبل أمى وله أبناء وحرصت والدتى قبل وبعد الانفصال عنه أن تكون علاقتى بأخوتى من أبى طيبة».
وتابعت: «بعد طلاق أمى من أبى ظلت لمدة 7 سنوات دون زواج وبعدها تزوجت من الدكتور محمد فياض وكان عمرى وقتها 10 سنوات».