تستمر انطلاقة محمود حسن تريزيجيه نجم الأهلى السابق وأستون فيلا الحالى فى أوروبا بعد تألقه اللافت للنظر فى ثلاث محطات فى دوريات مختلفة قادته ليثبت قدميه بأقوى دوريات العالم من بوابة أستون فيلا الذى تعاقد معه فى الصيف الحالى نظير 11 مليون جنيه استرليني، حيث تمسك ديان سميز المدير الفنى للفيلنز باستقدامه عقب متابعة اللاعب المصرى خلال مشاركته رفقة منتخب بلاده فى بطولة كأس الأمم الأخيرة.
مشوار تريزيجيه لم يكن ممهدا أو مفروشا بالورود فى شق طريقه نحو النجومية، وليكون واحدا من هم اللاعبين فى صفوف المنتخب المصرى والمحترفين المصريين فى الخارج، ورغم أن مسيرته لم تكن موفقة فى بعض التجارب ولكن دائما ما تكون فى نهاية المعاناة أمل ومستقبل أكثر إشراقا.
البداية
يحكى تريزيجيه عن مشواره مع الكرة، خضعت للاختبارات فى صفوف الأهلى تحت إشراف بدر رجب نجم القلعة الحمراء، وفوجئت بأن مواعيد اختبارات مواليدى قد انتهت وطلب منى رجب أن أشارك فى اختبارات الفريق الأكبر من سنا ورغم تحفظ أخى الذى رافقن فى رحلتى من كفر الشيخ إلى القاهرة إلا أننى وافقت وبعد 5 دقائق من المشاركة فى الاختبارات أعجب بى وقتها رجب وكان يتبقى لى اختبار وحيد للانضمام لمدرسة الكرة بالأهلي، ولكن تعطل انضمامى للأهلى عام بعد أن أصيبت ومكثت شهرا فى المنزل بسبب الإصابة وانتظرت حتى العام التالى لنزول الاختبارات مجددا.
تجدد الأمل
في العام التالي كنت حريصا على السفر إلى القاهرة مسافة طويلة ولمدة 3 أيام أسبوعيا رفقة أخوتي للانتظام في الاختبارات وكنت وقتها في الابتدائية، ولعب معي الحظ دورا في الحصول على فرصة للمشاركة مع فريقه بعدما تسبب تأخر أحد اللاعبين الأساسيين بالفريق لمدة 5 دقائق بسبب سفره يوميا من وإلى مسقط رأسه بالشرقية في منحي الفرصة لأشارك ومن ذلك الحين واستمريت بالمشاركة لمدة 4 سنوات كاملة وكنت هداف مدرسة الكرة.
عقبة ثانية
بعد ذلك تم إلغاء المسابقة الخاصة بمواليد 1994 واختاروا من بين فريقي 3 لاعبين كنت واحدا منهم وكان هناك خبير أجنبي تصح المسئولين بعدم التفريط في وكان معه كابتن تامر حفني، وقال لهم الخبير عني "اللاعب ده سيكون له مستقبل كبير وبعدها ترك الأهلي"، ومكثت بعدها 3 سنوات بدون لعب في الفترة من 13 إلى 16 عام، وكل ما أقوم به هو "تنظيق" الكرة خلف المرمى فقط بدون مشاركة مع فرق.
قطر والتجنيس والحلم الضائع
بدأت أفكر في ترك الأهلي وبالفعل جمعت أمتعتي من النادي استعدادا للرحيل بعدما بدأ ينتابني اليأس من أن يكون لي دور داخل النادي، وخلال ذلك الفترة حضر مسئول قطري لانتقاء بعض المواهب ووقع اختياره علي ليصطحبني في التدرب بأكبر مدارس الكرة في قطر وتجنيسي وبالفعل بدأت أفكر في الأمر بجدية أنا وأخي الذي استمع لكل التفاصيل من المسئول القطري.
مكالمة تجدد الأمل
خلال التحضير لإجراءات السفر إلى قطر تلقيت مكالمة هاتفية من علي ماهر نجم الأهلي السابق ، وأبلغني أن التقرير الخاص بي موجود به توصية أنني لا أصلح للعب وطلب رؤيتي مجددا ورغم أنني كنت متخوف من التجربة بعد كل ما تعرضت له من تجهل إلا أن أخي كان له رأي أخي طالبني بضرورة أن ألبي الدعوة ، باعتبار أنني سألعب لأكبر نادي في إفريقيا وحلم لأي لاعب وألا أيأس، وبالفعل سافرت إلى الأهلي للتدرب وبعد أسبوع من خوض الاختبارات ، أغلق علي ماهر الغرفة علي وطالبهم بضرورة التوقيع معي وطالبني أخي بالتوقيع على الفوز وأبلغني ماهر بانه لو استمريت على ذلك ، ولم ألعب سوى 6 مباريات في الناشئين بعدها تم تصعيدي للفريق الأول، ولم يسبق لي اللعب في فرق الناشئين قبلها.
اللعب وسط كوكبة النجوم
قاد الحظ الناشئ تريزيجيه أن يتدرب وسط كوكبة من نجوم القلعة الحمراء، مثل محمد أبو تريكة ومحمد بركات ووائل جمعة وعماد متعب وحسام عاشور وسيد معوض وأحمد فتحي، ولقت الأنظار لدرجة جعلت البرتغالي مانويل جوزيه يعتمد عليه بشكل أساسي لإيمانه بقدراته العالية، ودفع القديس محمد أبو تريكة أنه يختاره ليكون خليفته في الملاعب، وقد كان.
الاحتراف المبكر
لم يمكث تريزيجيه كثيرا مع الأهلي حيث قادته موهبته في جذب انتباه أندية أوروبية، وكان أبرزها اندرلخت الذي تعاقد معه بعد متابعة متأنية ودقيقة للاعب الذي كان حديث الشارع الكروي بمصر وتوقع الكثيرين أن تكون طريقه ممهدة نحو الوصول إلى العالمية بسرعة الصاروخ، بعد حصوله على الفرصة ولكن لا تأتي الرياح كما تشتهي السفن دائما.
صدمة الدكة
مع انضمام تريزيجيه إلى اندرلخت وأمله في أن يكون له دور مع فريقه، ولكن لم يحدث لعدم مدرب بطل بلجيكا في الاعتماد عليه خلال تلك الفترة وظل موسم ونصف بدون الحصول على فرصة حقيقية، وفي الوقت الذي بدأت خيوط الأمل تتنصل ، فتح باب جديد للأمل من بوابة موسكرون الذي استعاره من ناديه وعاد اللاعب مجددا للتألق، وتوقع الجميع أن ينتقل إلى وجهة أفضل أو يكون له دور مع فريقه الأصلي "اندرلخت" وهو ما لم يحدث.
محطة غريبة
في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن اهتمام أندية من الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا بضم تريزيجيه جاءت اختيار اللاعب لمحطته غريبة بعض الشيء وخارج التوقعات بعدما فضل الانتقال إلى قاسم باشا التركي، نظرا لضعف الدوري التركي مقارنة بباقي دوريات القارة العجوز، ولكن كان للاعب رأي آخر، ولم ييأس بعد الانتقادات التي طالته بسبب محطته الغريبة، وتشبث بالأمل في تحقيق مستوى قوي مستغلا ضعف مستوى المسابقة التي يلعب بها نظرا بمثيلتها في قارة أوروبا ودافع عن حلمه في أن يصل إلى المحطة التي يتمناها ويتمناها محبيه أيضا.
كفاح ببلاد الأناضول
في سبيل تحقيق الحلم كافح تريزيجيه بكل قوة حتى تمكن من أن يكون من أبرز لاعبي الدوري التركي ووقع عليه الاختيار ليكون أفضل محترف في بلاد الأناضول حسب موقع هوسكورد المتخصص في الأرقام، وضمن أفضل 5 لاعبين في الدوري التركي، وقاده تألقه ليكون محور سباق أندية أوروبية سواء كبيري تركيا جلطة سراي وفنربخشة، أو أندية انجليزية مثل واتفورد وأستون فيلا، وأندية فرنسية بحجم مارسيليا وليون، وأندية ايطالية بقيمة سامبدوريا، ولكن الأكثر جدية كان فريق الفيلينز.
رحلة البريميرليج
أنهى تريزيجيه رحلة كفاحه في قلعة أستون فيلا ، بناءا على رغبة ديان سميث الذي أعجب بقدرات اللاعب، بناء على توصية من قائده في المنتخب أحمد المحمدي، وينضم الفتى الوديع إلى البريميرليج من بوابة الفيلنز بعد عودته للدوري الانجليزي الممتاز، وعلق على انتقاله لأستون فيلا بالقول، " أنا سعيد باللعب في واحد من أفضل أندية العالم وفي واحد من أفضل دوريات العالم أيضاً ، هذا الأمر كان حلم بالنسبة لي، وعلي مساعدة الفريق على الفوز"، ولم ينسى الحديث عن دور زميله أحمد المحمدي ، بقوله "هو مثل أخي وصديق مقرب لي فهو كابتن المنتخب الوطني ، دائماً يحدثني عن أستون فيلا ويقول لي أن النادي مذهل ، أخبرني بأنهم سيساعدوني وأنا سأقوم بذلك".
ختامها مسك
تكشف مشوار تريزيجيه مع الكرة مسيرة معاناة بدءها بالبحث عن سراب الانضمام لأكبر نادي في إفريقيا، رغم ما واجهه من تعثر وتخبط وسوء حظ، قبل أن يبتسم الحظ لكل من يجتهد ويتوج مشوار كفاح تريزي باللعب في أهم دوري على مستوى العالم، ويشق طريقه نحو صناعة تاريخ جديد في بلاد الضباب بعد مشوار حافل في بلجيكا وبلاد الأناضول.