ما زالت أزمة العرض المسرحى "سوبيبور" الذى عرض فى النسخة الأخيرة من المهرجان القومى للمسرح تتردد على ألسنة وحسابات المثقفين والمهتمين بالمسرح، خاصة بعد تغريدة نشرها مسئولون إسرائيليون، توجهوا من خلالها بالشكر لأبطال المسرحية، بسبب ما وصفوه بدعم العرض للهولوكوست.
مدير إدارة مصر والمغرب فى وزارة الخارجية الإسرائيلية "ليئور بن دور"، توجه بالشكربالطلاب المشاركين فى المسرحية، وقال فى تصريح له نشرته صفحة "إسرائيل بالعربية" إن "الهدف المشترك عند الاحتفال بأربعين عامًا من توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، هو أن نبنى سويا عالما تحفظ فيها كرامة أولادنا".
"سوبيبور" مسرحية تتناول قصة معسكر يحمل نفس الاسم شيدته ألمانيا فى أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت تلك المعسكرات تشهد تعذيب الضحايا حتى الموت.
محمد زكى مخرج العرض قال فى بيان له، إن المسرحية تتناول التجربة الدموية النازية التى قامت الدولة الصهيونية المزعومة باستنساخها على أرض فلسطين، ومحاولة تصحيح الصورة التى يسعى الصهاينة لتصديرها للعالم بأن هم فقط من تعرضوا للاضطهاد على يد النازيين، متناسين أن الأذى والقتل والفقد طال الجميع من كل أطياف شعوب العالم حينها، ولم يتوقف الأمر فقط عند العائلات اليهودية، فأوجدت داخل الدراما فى النص الأسرة المسلمة التى ضحت بحياتها فى سبيل تضليل الأمن النازى ليفرجوا عن أسرة يهودية لديهم طفلة صغيرة يجب أن تعيش حياتها ولا تتألم أكثر من ذلك، ورجل مسيحى ضرير يساعد جيرانه من اليهود للاختباء عن أعين القتلة.
وتابع: "السبب الأخير لنذكر إخواننا فى فلسطين أننا دائما معهم، ونحاول استخدام كل الأدوات التى نقتنيها فنيا لدعمهم، وأن الأقصى المبارك لن يظل أسيرا أبد الدهر".
وأكد محمد زكى: "أنه فى النهاية هذه الأمور لا جدال فيها إطلاقا وكل الخرافات والاصطياد الفاشل فى الماء العكر لم ولن ينقص من وطنيتنا تجاه القضية الأم مهما طال الوقت، فالصهاينة هم الصهاينة، وفلسطين قلب العرب النابض مهما نبش الكلب فى حائط البراق".
أزمة مسرحية "سوبيبور" تلقى بظلالها على قضايا أخرى مشابهة إذ نالت اتهامات التطبيع مهرجانات وأعمال فنية وفنانين وكتاب منهم من تبرأ وآخرون لم يجدوا حرجًا من الإعلان عن تبنيهم التطبيع مع الكيان الصهيونى، فمن حين لآخر تَصعد قضية التطبيع مع إسرائيل إلى المشهد الفنى، ونستعرض ذلك فى السطور التالية:
مهرجان القاهرة السينمائى
أزمة شغلت حيزا كبيرا من أروقة الوسط الفنى بعد إعلان مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الأخيرة تكريم المخرج والكاتب الفرنسى الكبير كلود ليلوش فى افتتاح الدورة الـ40 للمهرجان، إذ لاحقت "ليلوش" اتهامات بانتمائه للصهيونية على خلفية تصريحاته المؤيدة لإسرائيل ونقلتها صحيفة The Jerusalem Post عام 2016 وقال خلال تواجده فى تل أبيب: "سعيد للغاية لوجودى فى إسرائيل.. أشعر دائما بالقرب من هذا البلد.. لقد كنت هنا لمرات عديدة وعندما أكون هنا أشعر أننى فى بيتى.. إنها دولة أحبها كثيرا وأقدّر دائمًا حقيقة أنك تعيش فى إسرائيل بصعوبة وانعدام للأمان".
تصريحات "ليلوش" تحمل تحيزًا واضحًا للكيان الصهونى ضد الفلسطينيين، تلك القضية الحساسة والأهم فى منطقة الشرق الأوسط عبر عقود مضت، وبرر القائمون على المهرجان تلك التصريحات الواضحة والتى لا تحتمل أكثر من تأويل على أنها من باب المجاملة، قبل التراجع عن تكريمه.
مهرجان شرم الشيخ السينمائى
واجه مهرجان شرم الشيخ السينمائى، بعد إعلانه استضافة المخرج إياد حجاج وعرض فيلمه "أحلام لم تراودنى" ضمن المسابقة الرسمية تهمة التطبيع، وأصدرت إدارة المهرجان بيانا دفاعا عن موقفها وعن الرجل جاء فيه: "تؤكد إدارة المهرجان اعتزازها باستضافة الممثل والمنتج والمخرج الفلسطينى المناضل إياد حجاج، وعرض فيلمه "أحلام لم تراودنى" فى إطار المسابقة الدولية للأفلام الطويلة.. وتستنكر إدارة المهرجان ما تردد فى بعض المواقع من أكاذيب وترهات ومزاعم ليس لها أى أساس من الصحة حول الفنان الفلسطينى الغزاوى المناضل، الذى ضغط عليه أهله لكى يخرج من غزة متجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1998 خوفا على حياته من بطش قوات الاحتلال الإسرائيلية.. وعلى الصعيد الفنى، لم يشارك المناضل الفلسطينى فى أى فيلم أو عمل فنى إسرائيلى، ولم يتعاون مع أى جهة إسرائيلية، بل لم يشارك فى أى عمل فنى من إنتاج أى جهة يناقش الصراع العربى الإسرائيلى أو يطرح فكرة التطبيع من قريب أو بعيد.
زاوية تعرض فيلما لمخرج لبنانى متهم بالتطبيع
ووجهت سهام التطبيع لسينما زاوية التى عرضت فيلم "قضية 23" للمخرج اللبنانى زياد الدويرى، المتهم بـ"التطبيع" مع الكيان الصهيونى، وسط دعوات رافضة لعرض الفيلم فى مصر على غرار منعه فى لبنان، بموجب قانون مقاطعة إسرائيل الصادر عام 1995، بالإضافة إلى منع عرضه فى فلسطين، ورفعه من سينما رام الله.
وذكرت الحملة الشعبية لمقاطعة إسرائيل، فى بيان، أسباب دعوتها الرافضة لعرض الفيلم، ومنها أن المخرج مطبع وأشرك ممثّلين إسرائيليين وطاقما فنيا إسرائيليا فى فيلمه "الصدمة"، وأنه دخل إلى الكيان الصهيونى لتصوير مقاطع من فيلمه على امتداد 11 شهرًا، مشددة على أن فيلم "القضية 23" مهين للفلسطينيين، ويساوى بين الجلاد والضحية.
الشيخ جاكسون
بعد إعلان عرض فيلم الشيخ جاكسون فى مهرجان "حيفا المستقل للأفلام السينمائية" المقام فى إسرائيل، اتُّهم القائمون على العمل بالتطبيع، بالإضافة إلى نيله من المقدسات، وتباينت الآراء بين مدين ومدافع ووضع تفرقة بين التطبيع مع إسرائيل، ودعم فلسطينيى 48، وذلك رغم إعلان المهرجان أنه هيئة فلسطينية مستقلة، لا تقبل الدعم من أى جهة أو مؤسسة إسرائيلية، وتهدف إلى وضع حيفا العربية على خريطة السينما العالمية.
وكانت حجة المعارضين الرافضين للمهرجان أن المشاركين بالمهرجان سيحصلون على ختم إسرائيل على جوازات سفرهم أثناء الدخول إلى فلسطين المحتلة.
محمد حفظى
المنتج محمد حفظى وُجهت إليه تهمة التطبيع قبل واقعة "ليلوش"، بعد تداول أخبار عن اشتراكه فى إنتاج فيلم "حادثة النيل هيلتون"، الذى يحمل تشويهًا لصورة الشرطة المصرية وعُرض فى أحد المهرجانات الإسرائيلية، ورد حفظى ببيان جاء فيه: أؤكد.. أننى لست شريكا فى إنتاج الفيلم واسمى واسم شركتى غير متواجدين على الإطلاق فى أى مكان بتتر الفيلم سواء فى تتر النهاية أو البداية، وأننى لست مسؤولا عن مضمون الفيلم أو عرضه فى إسرائيل أو أى مكان آخر".
على سالم
"زيارتى لإسرائيل لم تكن رحلة حب، بل هى محاولة جادة للتخلص من الكراهية"، هكذا كان رأى الكاتب المسرحى الكبير على سالم صاحب "مدرسة المشاغبين" فى كتابه "رحلة إلى إسرائيل".
ومن المعروف عن على سالم أنه واحد من الكُتاب الذين لم يخشوا الجهر بضرورة التعاون مع إسرائيل، ويؤمن بإقامة علاقات طبيعية مع تل أبيب، بعدما وقعت مع مصر اتفاقية سلام فى نهاية السبعينات.
وقال ضمن ما قاله عن زيارته لـتل أبيب: "الإسرائيليون هم بشر مثلنا، يتكونون من أطياف مختلفة، تشمل اليهود، واليهود من أصول أوروبية، بجانب عرب مسلمين ومسيحيين، وهم أقرب شعوب العالم للمصريين.. أما عن الدولة فهى ليست لها صفات ثابتة، لكن ما يميزها قدرة الحكومة على كبح جماح المتطرفين" – على حد قوله.
وكرّر سالم زيارته لإسرائيل نحو 15 مرة، وحصل على تكريم من جامعة بن جوريون الإسرائيلية عام 2005، لكن الدولة منعته من السفر آنذاك، وفى رد فعل على تصريحات سالم أعلن اتحاد الكتاب فصله، وتعرّض لحصار فى الوسط الثقافى، وظل فترة كبيرة بعيدًا عن الكتابة الصحفية.
3 أفلام مغربية تعرض فى مهرجان حيفا السينمائى
كان للإعلان عن مشاركة ثلاثة أفلام مغربية فى مهرجان حيفا السينمائى وقع الصدمة على الوسط الثقافى والفنى والعربى، وهى "غازيا" (الغارة) لنبيل عيوش، الذى مثّل المغرب فى تصفيات أوسكار أفضل فيلم أجنبى، و"بدون وطن" للمخرجة نرجس النجار، الذى عرض فى مهرجان برلين الدولى، ثم "صوفيا" للمخرجة مريم بن مبارك الذى اختير للمشاركة فى دورة مهرجان كان 2018 ضمن فئة "نظرة ما".
واستنكر المرصد المغربى لمناهضة التطبيع مشاركة الأفلام الثلاثة فى المهرجان الإسرائيلى السينمائى.
فنانون توانسة نادوا بالتطبيع
فى صيف سنة 2010 فوجئ التونسيون بفيديو انتشر فى مواقع التواصل الاجتماعى لفنان تونسى يدعى "محسن الشريف" يغنى فى إحدى الحفلات التى يحضرها يهود من أصول تونسية فى فلسطين المحتلة، وهو يصيح على المسرح "يحيا بيبى"، قاصدا رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وتعرض إلى حملة فى مختلف وسائل الإعلام التونسية ومواقع التواصل الاجتماعى دفعته إلى الانسحاب من الساحة الفنية بجانب اعتزاله مجتمعيا، ليختفى تماما ممتنعا عن إقامة حفلات.
وأعلن الفنان التونسى قاسم كافى فى أحد البرامج الإذاعية المحلية العام الماضى أنه زار الأراضى الفلسطينية المحتلة 4 مرات، وغنى فى تل أبيب.
ولم يكتف كافى خلال المقابلة بذلك، بل أضاف أنه ليس الوحيد الذى غنى فى فلسطين المحتلة، وذكر فنانين آخرين هما كمال رؤوف النقاطى ونور الدين الكحلاوى، وهم فنانون اشتهروا بتقديم الأغانى التونسية الشعبية.