رسم البسمة والسعادة على وجوه الملايين وأضحكهم بفنه، حيث أفنى عمره وتحمل الكثير كى يكتب اسمه فى سجلات نجومه وعمالقته، فكان له أسلوبه الخاص والمميز فى تقديم ألوان مختلفة من الكوميديا من خلال المسرح والسينما والغناء وخاصة المونولوج.
إنه الفنان الكبير إسماعيل ياسين أبو ضحكة جنان الذى تحل ذكرى ميلاده اليوم، حيث ولد فى 15 سبتمبر من عام 1912.
ورغم أنه أضحك الملايين إلا أن حياته كانت مليئة بالأوجاع والمطبات سواء فى بداية مشواره الفنى أو فى نهاية عمره، ولم يكن طريقه مفروشا بالورود.
عانى إسماعيل ياسين فى بداية حياته الفنية من الجوع والحرمان والكثير من المطبات قبل أن يصل إلى شهرته التى صنعها بعرقه وكفاحه.
ففى بداية حياته قرأ سُمعة إعلانا فى إحدى المجلات الأسبوعية عن مكتب فنى يقدم المواهب إلى الملاهى المصرية واللبنانية والعراقية والسورية يديره مصرى اسمه عبدالعزيز محجوب فتقدم إسماعيل ياسين للمكتب وسمعه محجوب وأعجب به وقدمه إلى ملهى صاحبه ممثل قديم اسمه يوسف عز الدين الذى وافق أن يعمل سمعة فى الملهى مقابل خمسة عشر قرشا كأجر يومى واعترض محجوب وطلب مبلغا أكبر ولكن سمعة وافق تحت ضغط الحاجة، وكان يمثل ويلقى المونولوجات واستمر فى عمله لمدة 3 أشهر حتى حدث فى احد ايام العرض ان دفعه الممثل يوسف عز الدين صاحب الملهى دفعة قوية فسقط إسماعيل ياسين خارج المسرح وأصيب إصابات عديدة وظن الجمهور أن هذا جزء من الرواية وضجت القاعة بالضحك ولكن سمعة غضب من هذا الموقف وتشاجر بعد انتهاء العرض مع صاحب الفرقة الذى طرده ولم يدفع له أجره.
وبعدها قدمه عبدالعزيز محجوب إلى الفنانة حورية محمد التى كانت صاحبة اشهر فرقة فى الثلاثينات وكانت تستعد لافتتاح ملهى ليلى بالإسكندرية، وسافر سمعة إلى الاسكندرية واستأجر غرفة فى بنسيون تملكه سيدة يونانية متزوجة من مكوجى ربطته علاقة صداقة بإسماعيل ياسين حتى أنه كان يكوى له ملابسه مجانا، وكان المبلغ الذى يتقاضاه سمعة من ملهى حورية وهو 6 جنيهات لا يكفى نفقات الاقامة فى البنسيون والطعام، فاتفق مع صاحب مطعم اشتهر بسوء ما يقدمه من أطعمة وبغلظته فى التعامل مع الزبائن على أن يأكل لأنه وافق أن يحصل على المبالغ المستحقة من سمعة أخر الشهر، ورغم ذلك لم يستطع إسماعيل ياسين دفع قيمة الطعام فى نهاية الشهر رغم أنه حقق نجاحا فى الملهى وأحبه الجمهور.
وفى أحد أيام العرض اشتبك سمعة مع عازف القانون وترك المسرح ففوجئ بهتاف الجمهور يطالب بعودته وفشلت حورية محمد فى احتواء الموقف خاصة بعد أن خرجت لتقدم فقرتها بدلا من سمعة وهى نجمة الفرقة الأولى، معتقدة أن هذا سيهدئ الجمهور ولن يطالب بعودة إسماعيل ياسين، ولكن حدث العكس واذداد غضب الجمهور وكاد يحطم كراسى الملهى، ولم يكن إسماعيل قد شعر فى غرفته بغضب الجمهور وبهذه الضجة حتى فوجئ بسيدة بدينة تقتحم غرفته وتهدده وهى تحمل مسدسا، وكانت هذه السيدة هى نرجس والدة حورية محمد التى قالت له :" انت بوظت نمرة بنتى وماينفعش معاك غير القتل"، فارتعد سمعة وأبدى استعداده أن يفعل ما تأمره به، فطالبته السيدة بالعودة للغناء على المسرح، فأسرع ليغنى أكثر من وصلة حتى هدأ الجمهور، بينما استمرت والدة حورية محمد فى الكواليس فى تهديدها له بالمسدس، ورغم تجاوب الجمهور معه ذلك طردته بعد انتهائه من الغناء خوفا على نجومية ومكانة ابنتها فى الفرقة.
خرج سمعة من كازينو مونت كارلو وبعدها اسودت الدنيا فى عينيه حيث طردته صاحبة البنسيون لعجزه عن دفع الأجرة، وطالبه صاحب المطعم بتسديد ماعليه من أموال وحين عجز عن الدفع أخد صاحب المطعم شنطة ملابسه وفيها البدلة الاسموكنج التى يقدم بها نمرته على المسرح، ولجأ سمعة على زوج صاحبة البنسيون ليقترض منه ثمن تذكرة العودة للقاهرة، حيث بحث عن عمل أخر وعرف أن بديعة مصابنى تطلب عدد من الفنانين للعمل بفرقتها، وبالفعل تقدم إليها واختبرته ووقعت معه عقدا مقال ثمانية جنيهات فى الشهر.
كان سمعة يلقى حوالى 5 مونولوجات فى الليلة ونال إعجاب وتصفيق الجمهور وأصبح المونولوجست الأشهر فى فرقة بديعة، ولكن لم تكتمل فرحته رغم اعجاب بديعة مصابنى به لأنها قررت الاستغناء عنه بسبب أزمة مالية مرت بها ورأت معها أن مبلغ الثمانية جنيهات كبير، وبعدها سافر إسماعيل ياسين مع فرقة أمين عطاالله إلى بيروت وهناك دخل إلى أحد المطاعم وبعدما تناول الطعام كاد أن يأكل علقة ساخنة حيث كان الحساب 3 ليرة بما يعادل 60 قرشا وقتها بينما لم يكن يملك سوى 15 قرشا، وماطل أيضا صاحب الفرقة فى دفع أجر الفنانين ومنهم سمعة لمدة شهرين حتى هدده إسماعيل ياسين بأن يعود مع باقى الفنانى إلى مصر ويتركونه فرضخ صاحب الفرقة ودفع أجورهم.
وهكذا عانى إسماعيل ياسين وذاق الجوع والحرمان قبل أن يصل إلى الشهرة والنجومية وتعرض للكثير من المطبات فى مشواره الفنى ليقدم فنا جميلا استمتعت به كل الأجيال.