تحل اليوم ذكرى رحيل الزعيم جمال عبدالناصر الذى رحل عن عالمنا بجسده فى 28 سبتمبر عام 1970 ولكنه ظل وسيظل دائما فى الذاكرة والوجدان المصرى والعربى والعالمى بما قدمه لمصر فى فترة حرجة من تاريخها السياسى والاجتماعى وبما قدمه للطبقة الوسطى من مزايا وإنجازات، فكان رحيله صدمة زلزلت الملايين فى مصر والعالم.
وهناك عدد من الأعمال الفنية التى جسدت أجزاء من حياة الزعيم جمال عبد الناصر ودروه السياسى والاجتماعى والتحديات التى واجهته ومن أهم هذه الأعمال فيلم "ناصر 56"، الذى كتبه الكاتب والمؤرخ الراحل الكبير محفوظ عبدالرحمن، وقام ببطولته الفنان العبقرى الراحل أحمد زكى مجسدا دور ناصر.
وعن كواليس وقصة هذا العمل تحدثنا مع الفنانة سميرة عبدالعزيز زوجة الكاتب الراحل محفوظ عبد الرحمن حيث أشارت إلى أن حكاء الدراما المصرية كان يختار الكتابة عن الشخصيات التى يحبها والتى يرى أنها قدمت شيئا عظيما لمصر.
وقال سميرة عبدالعزيز لـ"عين": "محفوظ كان كاتبا وطنيا ووضع مشروعا للتليفزيون لكتابة سيرة 10 شخصيات أثرت فى تاريخ مصر لتكون قدوة للشباب، وكان على استعداد أن يشارك معه مؤلفين آخرين".
وتابعت: "وقتها قابل ممدوح الليثى ووضع أسماء 10 شخصيات، منها عبدالناصر، وأم كلثوم، وطلعت حرب، وعبدالله النديم، وعبدالحليم، وبالصدفة كان أحمد زكى موجودا فى هذا اللقاء، ووضع إصبعه على اسم الزعيم جمال عبدالناصر، وقال: أنا هاعمل ده، فقال له محفوظ: "ماتنفعش يا أحمد، عبدالناصر جامد وانت قليل".
وتابعت: «أحمد زكى كان هيتجنن على الدور، واشترى بدلة منجدة وعمل سوالف بيضا وركب مناخير، وفى صباح أحد الأيام طرق باب منزلنا فى الثامنة صباحا، وأصبت بالذهول عندما رأيته أمامى وكأنى أرى عبدالناصر، وكان محفوظ نائما، فقال «صحيه»، وبالفعل قلت لمحفوظ: «قوم عبدالناصر بره»، وبمجرد أن رأى أحمد زكى قال له: «خلاص يا أحمد هاكتبهولك وهتعمله والله».
وكشفت سميرة عبد العزيز أن الفنان أحمد زكى كان ينوى إجراء جراحة لتكبير أنفه مثل عبدالناصر، ولكن محفوظ عبدالرحمن أقنعه بأن يستوحى روح عبدالناصر، ونصحه بسماع خطبه وأعطاه كتابين حصل عليهما من هدى عبدالناصر، وقال له: «شوف روح عبدالناصر ومش مهم الشكل».
توضح سميرة عبدالعزيز أن فيلم "ناصر 56"، كان مقررا أن يكون سهرة تليفزيونية، فاعترض أحمد زكى، وقال: "لو اتعمل سهرة تليفزيونية هتتركن وماحدش هيشوفها، لازم يبقى فيلم سينمائى، ولو التليفزيون مش عاوز ينتجه أنا هانتجه»، ولكن ممدوح الليثى قرر أن ينتجه التليفزيون المصرى.
وأضافت: «حدثت عقبات سياسية وماكنوش عاوزين يعملوا فيلم عن عبدالناصر، لكن ممدوح الليثى كان شجاعا والفيلم اتعمل ولكنه ظل عام كامل دون أن يعرض، حتى تم عرضه فى افتتاح مهرجان التليفزيون، ووجد إعجابا شديدا من الجمهور المصرى والعربى وأحدث ضجة واسعة».
تشير إلى أنه فى البداية لم يتم عرض الفيلم فى السينمات، واقترحت عدة دول عربية أن تعرضه فى دور العرض لديها، وأمام الإقبال الجماهيرى تم عرضه، وأعاد العائلات للسينما بعد انتشار السينما التجارية، واسترجع الناس لحظة تأميم القناة.
وعن اهتمام محفوظ عبد الرحمن بالتركيز على نقطة تأميم قناة السويس خلال أحداث فيلم "ناصر 56" قالت الفنانة سميرة عبد العزيز: "محفوظ كان مهتم بقناة السويس اهتماما خاصا، فبعد تخرجه فى الجامعة تم تعيينه فى دار الوثائق، وذات يوم وقع على رأسه ملفا وتناثرت أوراقه، وفوجئ بأنها وثائق حفر قناة السويس، وعرف من خلاله الأعداد المهولة التى ماتت من المصريين أثناء العمل بالسخرة فى حفر القناة، وقرر وقتها أن يكتب عملا عن قناة السويس حتى يعرف العالم أن المصريين حفروها بدمائهم"
وأضافت: «محفوظ قال إن عبدالناصر بنى هرما جديدا بقرار تأميم القناة، وعندما كتب فيلما عنه انطلق من قرار التأميم كلحظة حاسمة فى تاريخ مصر ولم يتحدث عن باقى تفاصيل حياته».