كأنه مات ليعيش، وكأنه كان يعرف أن عمره فى الدنيا قصير، فاختار أن يعيش بعد موته فى وجدان الملايين من عشاق فنه وأخلاقه وطيبة قلبه.
لم يعش فنان بعد موته كما عاش علاء ولى الدين الذى تحل ذكرى ميلاده اليوم الموافق 28 سبتمبر من عام 1963، كلما مرت السنوات على وفاته زاد هذا الحب وتضاعف الوفاء له فى قلوب زملائه وجمهوره، على الرغم من أن الكثيرين غيره من أهل الفن الذين رحلوا ربما طالهم النسيان، وخفّ تعلق الجمهور بهم بعد وفاتهم، بل ونسيهم زملاؤهم فى الوسط الفنى، لكن شيئا من هذا لم يحدث مع ناظر مدرسة الضحك طيب القلب والأثر علاء ولى الدين الذى رسم البسمة على وجوه الملايين، وحظى بمكانة لم ينلها غيره فى قلوب زملائه الذين لا يزالون يتذكرونه بكل خير، ويتألمون لفراقه، وحرصوا بعد وفاته على مودة والدته حتى وفاتها، ولا يزالون يحرصون على التواصل مع شقيقه معتز ولى الدين.
ورغم خفة ظله وأعماله التى رسمت البسمة على الوجوه، لا يعرف الكثيرون أن حياة ناظر مدرسة الضحك كانت مليئة بالأحزان والأوجاع التى عانى منها خلال عمره القصير، بل وامتدت لأسرته بعد وفاته، وهو ما كشفه شقيقه الأصغر معتز ولى الدين فى حوار لـ"عين".
وعلاء ولى الدين الابن الأكبر للفنان سمير ولى الدين بين ثلاثة أشقاء، هم: علاء وخالد ومعتز، وكان بيتهم قبلة للفنانين من أصدقاء والده، ومنهم الزعيم عادل إمام.
لم يكد علاء يبلغ سن 14 حتى بدأت أولى صدمات العائلة بوفاة الوالد بشكل مفاجئ، كما أشار معتز ولى الدين: «كان والدى سهران فى عيد ميلاد ابن مدير إنتاج بالتليفزيون وشعر بتعب مفاجئ، حيث كان مريضا بالسكر، ونقلوه للمستشفى، وتوفى ولم يعد للمنزل وكان عمره 48 عاما، بينما كان عُمر شقيقى خالد 11 سنة، وعمرى 9 سنوات".
وتابع: "علاء شال المسئولية وبقى راجل البيت وعائل الأسرة رغم صغر سنه، وأخذنا تحت جناحه، وأصبح الأب والأخ، وعندما وصل لسن 16 سنة واستخرج بطاقة اشتغل علشان يساعد والدتى فى مطاعم وأمن فى أوتيلات واتنقل فى شغل كتير، مسؤولية 3 أولاد وأمهم كانت كبيرة".
وحرص علاء ولى الدين على الحصول على شهادة جامعية قبل أن يتجه للتمثيل، رغم حبه للفن، تنفيذا لوصية والده، وبعد حصوله على بكالوريوس التجارة سعى للالتحاق بمعهد الفنون المسرحية.
وكشف شقيقه أن ناظر مدرسة الضحك تم رفضه أكثر من مرة فى اختبارات القبول بالمعهد، مؤكدا أن القائمين على الاختبارات لم يكونوا مقتنعين به: "قالوا ما ينفعش يبقى ممثل وعندما سأل أعضاء اللجنة: أنا باسقط ليه، رد عليه أحدهم: لأنك ما تنفعش تمثل إنت تروح تشتغل بلياتشو فى سيرك، لكن علاء تمسك بحلمه والتحق بأكاديمية نور الدمرداش واشتغل ونجح".
ولم تتوقف محطات الوجع فى حياة ملك الضحك علاء ولى الدين عند هذا الحد، فقد أصيب علاء ولى الدين بمرض السكر وهو فى المرحلة الثانوية، وعن ذلك قال شقيقه معتز: "ورث المرض عن أبى وأمى، وكان سمينا ويحب الأكل والدكاترة حذروه، ولكنه كان بياخذ كل شىء بالكوميديا حتى المرض".
عانى علاء ولى الدين حتى وصل إلى بداية سلم الشهرة، من خلال فيلم "الإرهاب والكباب"، وبعدها توالت أعماله وبطولاته، وتحسنت ظروفه المادية.
أما عن حياته العاطفية فقال شقيقه: "علاء ارتبط أكثر من مرة من الوسط الفنى ومن خارجه، لكنها علاقات لم تكتمل، وأمى كان نفسها تجوزه".
وأشار معتز ولى الدين إلى الحروب التى تعرض لها شقيقه بعد الشهرة قائلا: "علاء كان قوى، حتى عندما يحزن كان بيكتم فى نفسه حتى لا نلاحظ حزنه، لكنى كثيرا كنت أرى الكسرة فى عينيه؛ بسبب الحروب التى تعرض لها، لأنه اتحارب قبل وبعد النجومية وحتى بعد وفاته من الصحافة وبعض المنتجين".
وأوضح: "الإعلام علق المشانق لعلاء علشان فيلم ابن عز لم يحقق نفس نجاح فيلم الناظر لأسباب إنتاجية خارجة عن إرادته، وكتبوا إنه لازم يبطل تمثيل، وكانوا بيشتموه وهو فى البرازيل بيمثل آخر أدواره فى فيلم «عربى تعريفة»".
وتوفى الفنان طيب القلب بعد فى أول أيام عيد الأضحى المبارك بعد عودته مباشرة من البرازيل وبشكل مفاجئ بعدما ذبح الأضحية فكانت وفاته أكبر صدمة لوالدته ولزملائه.
وبعد وفاة علاء ولى الدين توالت العواصف والأحزان على أسرته ووالدته، حيث توفى شقيقه خالد وزوجته فى حادث تاركا طفلا لم يتجاوز عمره 6 سنوات لتعيش آلام مأساة مضاعفة بوفاة ولديها، وهو ما أصابها بالمرض فماتت حسرة وحزنا عليهما، بينما ظل الشقيق الأصغر لعلاء وحيدا، وتولى تربية ابن شقيقه خالد.