كان للفن دور كبير فى تجسيد فرحة نصر أكتوبر وبث الحماس فى نفوس المواطنين ونقل تفاصيل أحداث العبور والانتصار وفرحة الجنود وتضحياتهم، وعبر الفنانون عن هذه المشاعر وعن فرحة الجيش والشعب وعن صبر السنوات حتى تحقق النصر من خلال الأغانى والأعمال الفنية والدرامية والسينمائية التى لولاها ما عرف الناس أحداثا وتفاصيل كثيرة عن أحد أهم الأحدث الفارقة فى تاريخ مصر والأمة العربية.
وعلى الرغم من دور الفن فى أوقات الحرب وحرص الفنانين والمشاهير على الوقوف إلى جانب الجيش خلال هذه الأحداث الحاسمة بأعمالهم الفنية، إلا أن كثيرين منهم لم يكتفوا بهذا القدر وتجاوز عطاؤهم حدود الأعمال الفنية والغناء والتمثيل، فشاركوا بالروح والدم والجسد أو ضحوا بأعز الأحباب فداء لتراب الوطن وتحرير أراضيه، ومن بين هؤلاء الفنانين الفنان الكوميدى الراحل محمد عوض.
وفى حوار مع المخرج عادل عوض تحدث لـ"عين" عن الجانب الوطنى الذى لا يعرفه الكثيرون فى حياة والده الفنان محمد عوض.
وقال عادل عوض: "بعد نكسة 67 وجهت الدولة كل إمكانياتها لحرب الاستنزاف، وأغلقت مسارح التليفزيون، واتجهت لتشجيع الفرق الخاصة، ووقتها كان والدى الأنشط والأكثر نجاحًا بين فنانى الكوميديا والمسرح".
وتابع ابن محمد عوض: "قررت الدولة عام 1968 أن تعطى أبى مسرح الزمالك بأمر مباشر من الرئيس عبد الناصر، وبإيجار شهرى ألف جنيه، وكوّن محمد عوض فرقته الخاصة التى كانت من أوائل الفرق فى تاريخ المسرح العربى، وحقق نجاحات كبيرة".
وأوضح عادل عوض أن دور والده الوطنى بدأ قبل هذه المرحلة بفترة قائلا: "كان والدى يذهب بفرقته مستقلًا قطار البضائع ليعرض المسرحيات للعمال والمهندسين فى السد العالى لمدة 10 سنوات بدون أجر، حتى أنه مرض من شدة الحرارة والإرهاق، فأرسل له الدكتور عبدالقادر حاتم 3 أطباء بطائرة عسكرية لعلاجه".
وتابع: "خلال هزيمة 67 ارتدى والدى ملابس تشبه ملابس الجنود واصطحبنى وذهبنا متجهين إلى الجبهة بالسيارة، وكان الفلاحون يقفون قبل المنطقة الممنوعة ومعهم أقفاص الخضراوات والفاكهة يريدون توصيلها للجنود، وكان أبى يأخذ هذه الأقفاص ومعها جراكن مياه وينقلها بالسيارة مسافة 20 كيلو لتوصيلها للجنود بالسويس، ويعود بالعساكر الجرحى".
وأكد ابن محمد عوض أن والده كان يعرف أنه قد يذهب ولا يعود، وقد يفقد حياته خلال نقل الغذاء للجنود ونقل الجرحى للعلاج، قائلا: "كتب والدى لعمتى خطابًا بمديونياته وماله وما عليه من أموال؛ لأنه لم يكن يضمن أنه سيعود حيًّا، وطوال فترة حرب الاستنزاف كان يذهب بفرقته على الجبهة ليقدم عروضًا للجنود، كما سافر ليعرض للجنود فى حرب اليمن، وتعرض للموت".