شهاب الدين أحمد مجاهد، طالب بكلية الهندسة بالجامعة البريطانية، يبلغ من العمر 19 سنة، ولديه أخ فى الصف السادس الابتدائى، وأخت فى الصف الثانى الثانوى، ويعمل "بروجيكت مانيجر" فى شركة خاصة بالسفر.
بدأ شهاب السفر فى سن 7 سنوات مع والده وأخته، بداية من سفارى مصر، ثم سافر إلى الخارج فى سن 9 سنوات، اقترح والده عليه أن يتسلق الجبال، فكان جبل موسى أول جبل يتسلقه، واستمر فى تسلق الجبال البسيطة فى الارتفاع من وجهة نظره حتى عمر الـ9 سنوات.
وعندما بلغ 12 سنة تواصل مع صفحة على فيس بوك، تسمى Hiking club Egypt لتسلق أطول جبل فى مصر وهو جبل سانت كاترين، وانطلق شغفه من هنا، ليبدأ الالتحاق بالكورسات ومعرفة كل ما يخص تسلق الجبال.
ومنذ أربع سنوات دار حوار بينه وبين مدربه "كريم" (صاحب الهايكينج كلوب)، وأبدى رغبته فى تسلق جبل إيفرست، فكان رد "كريم" أنه يريد منه البحث والقراءة الكثيرة، فبدأ بمشاهدة الأفلام الوثائقية والقيام بالبحوث التى تتعلق بالتسلق والجبال لمدة شهر.
بعد ذلك أخبر شهاب مدربه كريم قائلا: "عملت لِيست (قائمة) بالجبال اللى عاوز اطلعها فى حياتى، وعلقتها على دولابى"، فطلب منه مدربه شيئين؛ أن يتمرن أولا، ثم يبدأ بتجميع الـFunds المتعلقة بالتصاريح والتأمينات وغيرها.
وبدأ شهاب بالتمرين الفيزيكال مع نفسه، واخترع أدواته التى يحتاجها، واستعان بمدربه فى التسلق ووضع برنامج لحياته، يتضمن السباحة والجرى بالكوتش على المرتفعات ساعة صباحا وأخرى مساء، وقال: "كنت بعمل أى حاجة تساعدنى فى التمرين وكنت بلعب أميريكان فوت بول، بس ساعات بقصر أو مروحش عشان أتمرن".
وأضاف: "اتعرفت على الكوتش أحمد زيدان اللى بتمرن معاه دلوقتى ساعتين الصبح وساعتين بالليل، وبتمرن فى المياه والرمل والبحر، وعمل لى نظام غذائى بالجرام، بقالى 6 شهور عليه وهو دلوقتى الفيتنس سبونسر بتاعى، وبنعمل فييد باك بعد كل سفرية، وحياتى بقت عبارة عن تمرين، أكل، وسفر".
أما عن الدعم من الأصدقاء فأوضح شهاب أنهم شاركوه ودعموه بشكل كبير، فمنهم من كان يوقظه للتمرين، ومنهم من ساعده عند إصابته بالذهاب معه للعلاج الطبيعى، فضلا عن إلحاحهم عليه حتى لا يتكاسل عن التمرين ويذهبوا إلى التمرين سويا.
وقال أيضا: "صحابى بيدعمونى جدا، مثلا صحابى اللى بشربوا سجاير لما ببقى معاهم ممكن ميشربوش أو يشربوا بعيد عنى، ولو لخبطت فى حاجة بيزعقولى، وواحد منهم كلمنى عشان أحضر إيفينت عنده فى الجامعة كنوع من الدعم ليا".
أما عن الأكل فاعتمد شهاب على نفسه فى معظم الأوقات ليجهز وجباته ويتعلم الطبخ، وقال: "اتعلمت اعمل الأكل بنفسى، وأول مرة عملت لحمة مكونتش أعرف إنها بتتغلى ساعتين، عملتها نص ساعة، كلتها جالى تسمم، ولما بخرج مع صحابى بمشى باللانش بوكس بتاعتى".
أما من ناحية العائلة، فقد أكد شهاب أن عائلته تدعمه بشكل رائع، ويقومون بمساعدته، وذلك بتوفير وجباته اللازمة فى أوقات التمرين، ويقدمون له الدعم النفسى والمعنوى، فعائلته عائلة رياضية ومثقفة، فالأم تمارس رياضة التنس، وتقرأ كثيرا، والأب يحب التسلق والقراءة أيضا، ويحرص على شراء الكتب باستمرار، أما عن الأخوة فمنهم من يسبح بجانب التسلق والقراءة أيضا.
وتحدث شهاب عن عائلته قائلا: "الدعم كان فى كل حاجة، كان الدعم نفسى مادى ومعنوى، وماما كانت خايفة عليا فى الأول، بس دلوقتى بتصحينى عشان أتمرن".
وعن رحلاته، تسلق "شهاب" 36 جبلا فى مصر وخارجها، أشهرها فى مصر (سانت كاترين، جبل البنات، جبل موسى، جبل عباس، جبل أحمر، جبل باب الدنيا، جبل الدير، جبل المتسوس، جبل سربال، جبل طربوش وجبل شايب البنات)، وأشهرها خارج مصر (جبل هيرمون فى لبنان، و6 جبال فى المغرب تسلقهم فى أسبوع).
ويستعد "شهاب" للسفر للأرجنتين لتسلق أطول جبل فى النصف الجنوبى للكرة الأرضية جبل "أكونكاغوا"، ويعلو ارتفاعه لـ6962 مترا، وكان أقصى ارتفاع لمجاهد 4200 مترا فى أحد جبال المغرب وآخر تسلقاته جبل باب الدنيا الذى يبلغ 2200 مترا.
التحضيرات لإيفرست
بدأ شهاب التواصل مع من تسلق الجبال المرتفعة والالتحاق بالكورسات اللازمة للاستعداد لتسلق جبل إيفرست، فعلم أنه لابد أن يكون وزنه طبيعيا، ولديه معرفة ببعض التفاصيل المتعلقة بالتسلق، مثل كيفية ربط الحبل وغير ذلك من الجانب العملى، أما عن الجزء الفيزيكال فهو تمريناته المستمرة والمتطورة مع الكوتش والجزء العقلى (المينتال)، وهو تدريب العقل على عدم الاستسلام، من خلال اختباراته بالمواقف اللازمة.
وعند سؤاله عن الدعم المقدم من الدولة، قال: "أنا قابلت الأستاذ أحمد عبد الخالق مدير عام السياحة الرياضية فى الوزارة، وقال لى أنا باشجعك وباساندك".
وأما عن الدعم المادى فأوضح أنه حاول أن يجمّع رعاة، ولكن شرط الرعاة الوحيد أنه يتسلق جبل الأرجنتين لكى يطمئنوا، وقال: "صحابى بييجوا يدونى فلوس وصاحبى ظبطلى إيفينت فى الجامعة وأنا كنت نازل عشان أبيع أساور عشان أقدر اجمّع فلوس السفرية واللى عمل لى الأساور واحد صاحبى عنده مصنع، من غير فلوس".
وقال شهاب: إن جبل إيفرست يتم تسلّقه فى الصيف، وتوجد فترة اسمها "ويندو"، وهى فترة زمنية من 7 إلى 14 يوما فى آخر شهر مايو، وهى أفضل وقت لصعود إيفرست، وفترة التسلق تأخذ من 60 إلى 65 يوما، ويبدأ التسلق على مراحل، من "بيز كامب" على ارتفاع خمسة آلاف متر، وفيه نقوم بنقل كل ما نحتاج إليه هناك، ثم نعود إليه بعد كل مرحلة، ونقوم بهذه العملية؛ بسبب الـ"اكلومايزيشن"، وهى أن الجسم يقوم بإفراز خلايا دم حمراء أكثر، لكى يقوم الهيموجلوبين بنقل الأكسجين للعضلات.
وأضاف أن الشركة التى سوف يتسلق تحت رعايتها تكلف شخصا تابعا لها يقوم برحلات صعود الجبال، ويكون مدعّما من الحكومة النيبالية، ويجب أن يتفق معه على نظام معين لـ"الإكلومايزيشن"؛ لكى يرفع فرصته فى الصعود للجبل.
وأوضح أنه يتسلق مع مجموعة من الناس، ويكون متواجدا فى الـ"بيز كامب" قائدان وطباخا و"ميديكال تنت" أى خيمة طبية و"كوميونيكاشن تنت" أى خيمة تواصل؛ لكى يتواصل مع أهله، ويكون هناك مع كل متسلق دليل خاص به، وأن وظيفة المخيمات النوم فيها، وقال: "التلج بنسيّحه عشان نشرب مياه".
أما عن درجة الحرارة وماذا يفعل لتدفئة نفسه فى ظل البرودة القاسية قال: "إحنا بنستخدم معدات وملابس معينة سعرها تقريبا عشرة آلاف دولار فمثلا الحذاء والجاكيت بألف دولار، ومعدات بنحطها على الجلد سعرها مائة دولار، وبنحتاج منها حوالى 6 أو 7".
وأضاف أنه يقوم كل شهر بشراء معدات، من أهمها النظارة التى صُممت خصيصا للمتسلقين؛ بسبب انعكاس الشمس على الثلج فأحيانا تصيب العين بالعمى، وطبقا لحالته، فهو سوف يتسلق الجبل دون أكسجين، لذلك فإنه سوف يحتاج إلى ماسك لكى يقوم بتدفئة الهواء الذى يدخل إليه.
كما تحدث عن وسائل الأمان قائلا إنه يكون متصلا بحبال، وتكون هذه الحبال مثبتة فى أماكن معينة فى الجبال حتى إذا انزلق يكون فى أمان، وهناك 3 أو 4 أطباء، كما أنه توجد اختبارات فحص على الرئة والقلب والدم يقوم بإجرائها قبل السفر وعند الوصول وفى الـ"بيزكامب".
أما عن الكورسات التى كان بعضها فى مصر والبعض الآخر خارجها، مثل الكورس الذى حصل عليه فى لبنان والمغرب، أكد أن الكثير من أصدقائه لديهم حب لنفس الرياضة، وهم من أعمار مختلفة وهذا ما ساعده على أن يتعامل مع من هو أكبر منه. وقال: "أنا اتشهرت فى مصر لأنى كنت بظبط سفريات تسلق جبال وبنطلعه جروب مع بعض فده خلانى اتعرف على كتير من اللى بيتسلقوا ومعظمهم عارفنى حتى البدو اللى فى سينا وكنت بتصاب كتير وأنا صغير واتعرفت على جنسيات مختلفة واتعرفت إنى عايز اطلع إيفرست".
وحدثنا عن مهمته فى الأرجنتين قائلا: "فى الأرجنتين هطلع أطول جبل هناك تمهيدا لإيفرست، فمثلا لما الارتفاع بيعلى الأكسجين بيقل، فالجسم بيبتدى يعمل الحاجات البدائية جدا، لأن جزء كبير من الأكسجين بيروح للعضلات وللقلب وللمخ، بس الأكسجين اللى بيوصل المخ بيبقى قليل، فبالتالى مبيعملش غير الحاجات اللى هى بتتعمل من غير ما تفكر، زى مثلا لو دبانة وقفت عليك هتهشها، وده بيحصل على ارتفاعات عالية أوى، فعشان كده بتمرن على إنى أعالج نفسى إزاى، ولو فيه أى عطل حصل فى الأدوات بتاعتى بصلحه إزاى وأنا تفكيرى قليل وبطىء جدا، يعنى مثلا أنا باخد بوتاجاز صغير، وأنا طالع عشان أسيح عليه المياه وأشربها، فلو البوتجاز ده باظ مثلا على سطح الأرض ممكن أصلحه فى خمس دقايق، لكن فوق بقى ممكن ياخد منى ساعة".
وأشار إلى أن الجزء الذى لا يحبه فى التمرين هو علاج الذات؛ لأنه يمرّن نفسه على أخذ الحقن المكونة من الـ"داياموكس"، وهى مادة يأخذها عندما تحدث إصابات فوق الجبل نتيجة لنقص الأكسجين، وهى تؤخذ فى الأرجل، وتكون مؤلمة، نظرا لأنها تلمس الأعصاب، لافتا إلى أن سارة زميلته هى التى تعلمه ذلك.
شهاب سيعود من الأرجنتين فى ديسمبر، وسيسافر إيفرست فى مارس، وأمامه ثلاثة أشهر لكى يتمرّن فيها، وسيكون التدريب عقليا أكثر، قائلا: "كل حاجة لازم تكون مظبوطة جدا عشان أوصل لأعلى حاجة أقدر أوصلها".
وعن الإصابات السابقة، قال: "كلها كانت إصابات بسيطة، بس حصلتلى إصابة فى كتفى من 3 سنين، وكنت بروح علاج طبيعى، وده أثّر على نفسيتى أوى، وفضلت كتير مش بتمرن، وقلت مش هعرف اطلع إيفرست".
وعن الإصابات المتوقع حدوثها عند تسلقه إيفرست قال إن هناك إصابات عادية، كالكسر والالتواء والمزق، ولكن هناك إصابات خطيرة، مثل الـ"أيه أم أس"، وهى تحدث لمن يتسلقون بسرعة، فالجسم لا يستطيع أن يقوم بعملية "الإكلومايزيشن"، ومن أعراضها: خمول تام، إجهاد، صداع، عدم القدرة على النوم، عدم التركيز والتحدث، وصعوبة هضم الطعام، وهناك إصابة أخرى تسمى "الهيب"، وهى أن يتكثف سائل داخل الرئة؛ بسبب البرودة والضغط القليل وعلاجه النزول من ارتفاع شاهق وأخذ حقنة الـ"داياموكس"، أما عن أخطر إصابة فتسمى "الهيس"، حيث يبدأ المخ يتورّم نتيجة نقص الأكسجين، وعلاجها الوحيد النزول حوالى ألف متر، واستخدام ماسك أكسجين.
وأضاف: "فيه إصابة اسمها فروست بايت، ودى بتحصل من السقعة، فعشان الجسم يحافظ على الدم سخن فى الأعضاء الحيوية، اللى هى القلب والرئة والكبد، فبيخلى الدم السخن قريب من الأعضاء دى، والدم الساقع بيطلّعوا للأطراف، فلما تبقى الأطراف مش مدفية أوى بتبتدى تموت، وهما 3 مراحل وممكن فى المرحلة التالتة الأطراف تقع".
شهاب حاليا متوقف عن حضور الجامعة فى هذه السنة فقط، وعندما سألناه عن سبب رغبته فى تسلق إيفرست قال: "أنا بعمل كده عشان حاجتين؛ أول حاجة علشان لما كنت بطلع جبال من وأنا صغير كنت كل لما اتكلم مع حد بيستصغرني، ولما بتكلم مع جدّى وببايا بيحكولى عن الزمن بتاعهم والشباب أيامهم كانوا عاملين إزاى وبابا بيقولى فى يوم كنّا بنغيّر مساعدين العربية فعملتها حاجة أقدر أتمرن بيها، وكانوا متحفزين أوى للحياة، فأنا لما ببص على الزمن اللى إحنا فيه بغير منهم، وبحاول أعمل كده عشان أحفّز الشباب، وأقولهم أنا شخص عربى مصرى فى دولة الجغرافيا بتاعتها إلى حد ما مسطحة مفيهاش جبال عالية أوى ورحت طلعت أطول جبل فى العالم من غير ما استخدم أكسجين، وعملت المستحيل، فانت ممكن تعمل المستحيل، صحابى كتير هاجروا بره مصر عشان شايفيين إنها مفيهاش فرص، فأنا بقولهم لا".
وأضاف: "تانى رسالة، أنا عملت حملة اسمها "إيفرست نو فلتر" ودى علشان أنا مش عايز يكون فيه حاجز بينى وبين الطبيعة والحاجز هو ماسك الأكسجين اللى بيستخدمه أى حد عايز يطلع إيفرست، فمعظم اللى بيطلعوا الجبل بماسك الأكسجين فهمّ كأنهم بيطلعوا الجبل فى مستوى سطح البحر، بس أنا مش عايز كده، أنا عايز اتسلق الجبل فى مستواه منزّلوش لمستوايا".