ليس كل لاعبى الكرة امتدادا لآبائهم، فكما هناك لاعب يجدد مجد والده هناك لاعب آخر يهرب منه رافعًا شعار "لن أعيش فى ملعب أبى"، ولن أرتدى قميصه، ولن تسرقنى أمجاده من تحقيق أحلامى الخاصة.
الحقيقة أن اللاعب الذى اجتثت جذوره فى ملاعب الكرة كالشخص الذى فقد ظله، لم يتبق له سوى ظِلّ بين دفاتر الذكريات وجدران الملاعب، أو ظل يظهر ويتوارى على الشاشات بين الحين والآخر، يحدث نفسه النرجسية معاتباً هذا البقاء غير الباقي، وهذه النهاية غير المنتهية، وهذا الموت الذى لا ينتهى.
نجل ميسى يشجع ريال مدريد
في آخر مرة لعبنا سويًا PlayStation صاح بى: سأختار ليفربول، الفريق الذي هزمك. إنه يحتفل بأهداف ريال مدريد ليثير غضب أخيه، هكذا تحدث ميسي عن ابنه الأصغر ماتيو والذي لا يتجاوز عمره الثلاث سنوات، انتشر الحديث بشكل كبير وأصبح بعد ذلك مادة للسخرية من هزائم ميسي، وكيف أن ماتيو سيبات سعيدًا في حالة خسارة ميسي. ولأن ميسي لا يخسر كثيرًا فربما يضمن ذلك بقاء الإفيه طازجًا إلى حد ما.
دعنا لا نرتكز في حديثنا عن ماتيو تحديدًا لكن ذلك الموقف الساخر ربما يتيح لنا التفكير قليلًا حول فكرة توريث الانتماء الكروي. هل يضمن كون ميسي أهم أساطير برشلونة تاريخيًا أن يكبر أولاده كمشجعين أوفياء للفريق الكتالوني؟ وإن قدر لهم لعب كرة القدم فهل وجب عليهم اللعب للنادي الذي صنع أسطورة أبيهم؟.
أصبح مشهد احتفال اللاعبين مع أسرهم عقب الفوز بكل بطولة مشهدًا معتادًا ومحببًا للجميع ترتدى أسرة كل لاعب القميص الخاص به كنوع من أنواع الدعم ويبقى أبطال المشهد هنا هم الأطفال بالطبع. لكن المشهد كان مختلفًا عقب فوز اليوفنتوس بالدورى الإيطالى لموسم 2016-2017. حيث التقطت الكاميرات طفل يبدو عليه الغضب الشديد ويبكى بشدة.
هذا الطفل كان لورينزو نجل المدافع الإيطالي بونوتشي. كان لورينزو يبكي لأنه ببساطة لا يرغب فى أن يرتدى قميص اليوفنتوس حتى وإن كان يحمل اسم أبيه، لورينزو مشجع وفي لنادي تورينو الإيطالي الغريم الأبدي للسيدة العجوز منذ أن أقنعه صديقه المفضل في المدرسة بأن فريق تورينو هو الأفضل.
في طور تحول كرة القدم من لعبة شعبية إلى صناعة يبقى النموذج الأهم الدال على ذلك هو اللاعب الإنجليزي ديفيد بيكهام. الرجل الذي يمتلك ماركة مسجلة باسمه واستثمارات رياضية ضخمة أدرك مع الوقت أن فكرة الانتماء لن تدوم طويلًا في صناعة كرة القدم. تدرب بيكهام لبعض الوقت رفقة نادي أرسنال ثم قرر حينها وبمنتهى البساطة أن أكاديمية فريق أرسنال هي المكان الأمثل ليبدأ أبناؤه ممارسة كرة القدم.
يمتلك بيكهام ثلاثة أولاد هم:بروكلين وروميو وكروز، وقع الثلاثة لنادي أرسنال عام 2004. لم يستمر أي من الثلاثة في مجال كرة القدم لأسباب مختلفة. ما بين نقص الموهبة أو الاهتمام بالموسيقى أكثر من كرة القدم، فانتهت رحلة أبناء بيكهام مع كرة القدم.
قرر رونالدينهو وكعادة البرازيليين أن يلعب رفقة بعض الأندية البرازيلية قبل أن يترك كرة القدم. وأحد تلك الأندية كان نادى أتليتكو مينيرو، حيث استطاع أن يقود الفريق لإحراز كأس ليبرتادوريس.
رونالدينهو له ابن يلعب كرة القدم، يبدو ذلك خبرًا سعيدًا لمحبي كرة القدم إلا أنه لم يكن بالخبر السعيد لدى محبي أتليتكو مونيرو، فالصغير جواو والذي أتم الرابعة عشرة قرر أن يخلع عباءة أبيه تمامًا. وخضع للاختبارات الخاصة بنادي كروزيرو دون حتى أن يعلم المسئولون في النادي أنه ابن رونالدينيو.
استطاع جواو أن يخطف أنظار المسئولين في كروزيرو بفضل مهارته فقط. حيث وقع جواو بالفعل على عقد لمدة خمس سنوات وسط توقعات أن يظهر في الفريق الأول خلال وقت قصير. أدرك جواو ببساطة أن ارتباط اسمه باسم أسطورة مثل رونالدينهو سيثقل كاهله كثيرًا وربما سيبقى لعنة لا يستطيع التخلص منها مثلما حدث مع الكثيرين من أبناء النجوم. لذا قرر أن يخوض التجربة بشكل مختلف وكانت البداية من معقل الفريق الغريم كروزيرو.