جاءت وردة إلى مصر عام 1960 بدعوة من المنتج والمخرج حلمي رفلة الذي قدمها في أولى بطولاتها السينمائية "ألمظ وعبده الحامولي" لتنطلق شرارة نجوميتها، قبل أن تتزوج من وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري جمال القصري، وتعتزل الغناء لفترة أنجبت فيها ولديها رياض ووداد.
لـ"وردة" جوانب غامضة في شخصيتها وحياتها رغم كونها الهادئة الوديعة التي تطرب القلوب وتشجي ضحايا الحب والعشق، إلا أن لها مواقف حيرت الجميع منها، متعجبين من مطربة في مثل حجمها أن يكون لها يد في إيذاء الآخرين، ولأن لكل شخص جانب إيجابي وسلبي على اعتبار أننا جميعا بشر، كان لوردة المثل، ففي الوقت الذي كانت تنطلق شهرتها، ترددت أقاويل عن علاقتها بالمشير عبد الحكيم عامر.
وفي تحقيق صحفي نشرته جريدة "الراية" عام 2007، حول رجال المخابرات وكيف غيروا الخريطة السياسية في المنطقة العربية، تناول التحقيق ما تردد عن علاقة وردة بالمشير عبد الحكيم عامر على لسان محمد متولي، أحد العاملين في سكرتارية عامر الذي برئ الأخير من الاتهام بعلاقته مع "وردة".
وقال متولي: في مطلع الستينات وأيام الوحدة بين مصر وسوريا كنا عائدين لدمشق بعد رحلة ممتعة قضيناها في بلودان، كنت مع علي شفيق السكرتير العسكري للمشير في سيارة خلف سيارة عامر وإذا بنا نري سيارة ساكنة دون حراك علي الطريق وبجوار السيارة وقفت امرأة تلوح لنا ومعها رجل.
وأضاف بقوله: طلب منا المشير عامر أن نستطلع الأمر وعرفنا من السيدة أنها كانت في طريقها إلى دمشق لكن سيارتها تعطلت، وأمرنا المشير بتوصيل السيدة إلى المكان الذي تريده، كانت المرأة مجهولة لنا وكذلك الرجل الذي معها، خاصة وأن وردة الجزائرية وقتها لم تكن معروفة في مصر، لكنها عرفتنا بنفسها أثناء الحديث وظلت تتحدث معنا حتى وصلت إلى فندق في دمشق وقبل أن نتركها، أبلغتنا برغبتها في أن تقابل المشير لتقدم له الشكر، ووعدناها أن نخبر المشير برغبتها وحضرت الفنانة وردة الجزائرية بالفعل إلى استراحة المشير عبد الحكيم عامر في منطقة أبو رمانة بدمشق.
كان اللقاء في وضح النهار ولم يكن المشير وحده وإنما كان معه في الاستراحة أنور السادات واللواء أحمد علوي أحد كبار الضباط حينئذ وعبد الحميد السراج المسئول الأول عن أجهزة الأمن في سوريا أيام الوحدة مع مصر.
ويبدو أن الفنانة الراحلة بحسب قول متولي استغلت ما حدث، حيث وصل للأجهزة السرية تقرير عن هذه المقابلة من عبد الحميد السراج، لسامي شرف مدير مكتب الرئيس جمال عبد الناصر للمعلومات، وبدأت الشائعات تنتشر حول علاقة المشير ووردة، وزادت حدة الشائعات لأن وردة ذاتها انتهزت فرصة لقائها بالمشير عامر وحاولت استغلالها لصالحها بعد مجيئها للقاهرة.
وردة بدأت توهم المحيطين بها بأنها علي علاقة بالمشير وأنها تتصل به هاتفيا، وكانت وردة في بداية مشوارها الفني بالقاهرة، واستخدمت أسلوب الترغيب والترهيب، الترغيب حتي يتقرب منها أهل الفن فربما يتعرفون علي المشير وينالون رضاه من خلالها، والترهيب بمعني أن وردة حاولت أن تخيف كل من يعترض طريقها بعلاقتها المزعومة بالمشير.
وصلت هذه الشائعات للمشير عبد الحكيم عامر فكلف صديقه صلاح نصر رئيس جهاز المخابرات العامة بإجراء تحريات دقيقة للتوصل لمصدر الشائعات وأثبتت تحريات صلاح نصر أن الفنانة وردة الجزائرية هي مصدر الشائعات فكان القرار السريع والمفاجيء بإبعادها عن مصر بعد أن بدأ نجمها يلمع.
وعبر برنامج تليفزيوني على أحد الفضائيات نفى الماكيير الفنان محمد عشوب هذه العلاقة وقال إنه لا وجود لها من الصحة، وأن علاقة المشير عبد الحكيم بزوجته الفنانة المصرية برلنتي عبد الحميد علاقة قوية لا تجعله ينظر إلي أي امرأة أخرى غيرها، بينما قال الدكتور عمرو عبد الحكيم أحد أبناء المشير عبد الحكيم، إن والدته الفنانة برلنتي لم تصدق هذه الشائعة، وأن والده لقي الكثير مثل من هذه الشائعات.
ورغم أن واقعة عبد الحكيم ووردة حدثت عام 1958 وزواج عامر وبرلنتي كان عام 1965، إلا أن فارقا زمنيا كان بين الحدثين، رغم نفي المقربين من وردة وجود علاقة بينها وبين عامر ومن بينهم الناقد طارق الشناوي الذي قال: وردة قالت لي أنها لم تعرف المشير عبد الحكيم إلا من خلال صفحات الجرائد فقط.
الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل قال في كتابه (الانفجار): بعد سنة تقريباً على فضيحة مكتب المشير وتحديدا في العام 1960، انفجرت قنبلة أخرى من العيار الثقيل وهو زواجه السرّي من إحدى الفنانات، وأنه يعيش معها بإحدى الفيلات التي اشتراها لهذا الغرض، لم تكن تلك الأنباء قد وصلت بعد إلى جمال عبد الناصر، الذي كان علم سابقا بأن هناك علاقة تربط المشير بإحدى المطربات العربيات وسارع إلى إبعادها عن مصر ومنع عودتها إليها لحماية ظهر المشير من الهمس والغمز، خاصة وأنه الرجل الثاني بعده.
لم تكن تلك المطربة سوى وردة الجزائرية، وقام جمال عبد الناصر بإصدار قرار بإبعاد المطربة خارج البلاد وأعطى تعليماته للأجهزة المختصة بمنعها من دخول مصر، ولم تعود إليها إلا في مطلع السبعينيات خلال حكم الرئيس السادات.
بعد إغلاق الملف الساخن الذي أثير في وجه المشير عامر، وبعد الأنباء التي أفادت بارتباطه بالمطربة الجزائرية وردة، عادت القصة من جديد عن علاقة المشير ببعض الفنانات التي كان على رأسها علاقته بالفنانة برلنتي عبد الحميد .