الملايين ينتظرونها يحلمون برؤيتها من جديد يتوقون إلى فيض البهجة والجمال الذى يصحبها دائما، ينتظرون الأمل الذى يتجدد كلما ظهرت، أمل فى قدرة الإنسان على الصمود، على مقاومة الألم والمرض والظروف، على أن يقف من جديد مهما كانت قسوة الصدمات، أمل فى بقاء الجمال والإصرار على البهجة، أمل فى الحياة حتى لو أوشكنا على الموت، فى السعادة مهما تعرضنا للأحزان...هكذا ينتظر الملايين طلة النجمة شريهان التى تحتفل اليوم بعيد ميلادها، لا ينتظر مجرد نجمة محبوبة طال انتظارها، ولكن ينتظر أملا جديدا تمنحه للملايين حين تطل بجمالها وحيويتها ونشاطها وفنها لتعلن انتصارا جديدا على معركة صعبة من معارك الألم والحياة.
شريهان الساحرة التى تأسر الجميع بجمالها وغموضها، والابنة التى تنتمى إلى كل الأسر، والحبيبة التى يتوق إليها كل العشاق، وأيقونة الجمال التى تحتذى بها كل النساء، والمناضلة التى تتحمل كل أنواع العذاب وتخرج منتصرة فى كل المعارك فتحمل الأمل لكل الحالمين والمكسورين والموجوعين.
تلك الجميلة التى ارتبط بها الجمهور فى كل أحوالها وحالاتها، طفلة وصبية وحبيبة وفنانة ورمزا للبهجة والسعادة، وتعلق بها أكثر فى أوقات المحن والآلام التى تجرعتها فى مراحل حياتها فاستمدت منه القوة والإرادة والرغبة فى الحياة لتعود بعد كل معركة أقوى وأجمل وأكثر أملا وحبا للحياة.
لا ينظر إليها الجمهور كفنانة فقط رغم قدراتها الفنية المبهرة التى أمتعتنا تمثيلا واستعراضا وغناء ورقصا، ولكنه يستمد منها الأمل فى القدرة على مقاومة كل مسببات الوجع والحزن، فها هى الطفلة المدللة المولودة وفى فمها ملعقة من ذهب تقاوم وتتحمل كل الآلام التى واجهتها فى كل مراحل حياتها وتخرج منها منتصرة لتمنح الأمل لكل محبيها وتعطيهم دروسا فى حب الحياة.
تشبعت منذ نعومة أظفارها برحيق عمالقة الفن الذين تنبأوا لها بمستقبل فنى كبير، جلست طفلة على أقدام أم كلثوم، وداعبها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، الذى حضرت بعض بروفات روائعه مع شقيقها الموسيقار الراحل عمر خورشيد، ونشأت فى بيت يتردد عليه عباقرة الفن ومنهم بليغ حمدى، ويحيطه جيران من نوع خاص مثل رشدى أباظة وسامية جمال وفاتن حمامة.
أبهرت الجمهور بكل ما قدمته من أعمال فنية منذ بداياتها فأصبحت أيقونة الجمال والاستعراض ونجمة الفوازير والمسرح والسينما والتلفزيون، التى تستطيع تجسيد كل معانى الفرح و أقسى درجات الحزن.
بدأت أوجاع النجمة الجميلة منذ سن مبكرة، بأزمتها الأسرية مع أسرة والدها، ثم وفاة شقيقها الموسيقار عمر خورشيد الذى كان سندها فى الحياة، ثم وفاة والدتها، والحوادث التى تعرضت لها، ثم مرضها النادر، ومع كل أزمة تخرج شريهان منتصرة قوية رافضة للاستسلام.
أصيبت فى حادث مروع عام 1990 وانكسر ظهرها وعمودها الفقرى وهى فى أوج شهرتها ونجوميتها، وظلت لسنوات عاجزة عن الحركة، توقع الأطباء أنها لن تستطيع الوقوف على قدميها، لكنها هزمت العجز وعادت أقوى، وقامت ببطولة الفوازير وقدمت مسرحية شارع محمد على وعددا من الأفلام.
وما لبثت أن دخلت فى تحد ومعركة جديدة عندما أصيبت عام 2002 بسرطان الغدد اللعابية أحد أشرس أنواع السرطان، هذا المرض النادر الذى اختار جميلة نادرة، فغابت شريهان مرة أخرى عن جمهورها لتخوض أشرس معركة يمكن أن يخوضها إنسان، أجرت العديد من الجراحات وعانت من اختلال فى الوزن بسبب المرض وعلاجه، فتارة ينقص وزنها حتى يصل إلى 37 كيلو ثم يزداد ليصل إلى 113 كيلو، وتارة تتغير ملامحها حتى لا يكاد يعرفها أحد، وما أقسى أن يتغير شكل الفنان لدرجة ألا يعرفه جمهوره ومحبيه، ولكنها شريهان التى اعتادت أن تنتصر على كل الألام وتتحدى كل التوقعات، ولأنها كذلك أنجبت ابنتها الثانية "تالية القرآن" خلال فترة مرضها.
استعانت شريهان على المرض والألم بحب الجمهور الذى اعتبرها ابنته وطفلته وحبيبته التى يدعو لها، ويتعلق بها رغم الغياب، وبعبادات وتقربات لله فى الخفاء، فاستجمعت قواها وانتصرت فى معركتها مع الألم، لتستعد للعودة لجمهورها بعد 17 عاما من الغياب فى عمل استعراضى جديد من إنتاج العدل جروب.
تحدثت شريهان لأول مرة عن محنتها الأخيرة فى البرنامج الإذاعى "الناس العزاز" الذى أذيع رمضان الماضى وقدمه الدكتور مدحت العدل، لتؤكد أن الموسيقى هى عشقها وسر حياتها قائلة :" الموسيقى هى شفائى ودوائى وضحكى وبكائى"، مشيرة إلى أن أصعب لحظاتها عندما تغيرت ملامحها وكانت تنظر فى وجوه الناس وهى فى الحرم فلا يعرفها أحد، حتى اجتازت المحنة وبدأت تستعيد صحتها وملامحها مع بداية 2011.
ورغم فترة الغياب لم تبخل شريهان على جمهورها فكانت تتواصل معه دائما على مواقع التواصل الاجتماعى وتشارك بالرأى فى كل الأحداث وظهرت بين حين وأخر فى بعض المناسبات لتشارك زملائها أحزانهم وأفراحهم.
ظهرت شريهان كملكة متوجة فى الاحتفال الذى أقامته شركة العدل جروب العام الماضى للاحتفاء بعودتها والإعلان عن تفاصيل العمل المرتقب، واتجهت إليها الأنظار كنجمة أسطورية تشبه أبطال حواديت ألف ليلة وليلة، وكأنها تعبر مع كل خطوة بحر الأحزان والآلام التى مرت بها، بكت وهى تنظر فى عيون من يترقبون طلتها بعد غياب سنوات طويلة، وقالت بصوت يرتعد من جلال الموقف، " المرض قوانى وعاوزة أبوس راس كل واحد وقف جنبى، واجهت الموت والمرض ولكن الرهبة من الوقوف أمامكم أكبر".
أزاحت شريهان فى هذا اليوم شعرها الذى يشبه الليالى الطويلة التى مرت عليها، كاشفة لأول مرة عن نصف وجهها الذى اعتادت أن تغطيه طوال سنوات بسبب تأثيرات المرض النادر الذى اختار وجها نادر الجمال، وكأنما منحتها نظرات الحب القدرة على التخلص من بقايا الألم وآثاره.
وأعلنت بكل ثقة أنها تجاوزت الخمسين كما كتبت بعض الأقلام التى تتشكك فى قدرتها على العودة بنفس القوة التى كانت عليها، مؤكدة أن عمرها يتجاوز ألف عام، فهى بالفعل بطلة اسطورية استطاعت أن تهزم ألاما تفوق قدرة البشر.
تقضى شريهان أغلب وقتها فى الاستعداد للعودة، تدريبات مكثفة، وحرص على كل التفاصيل، ومع تأخر عرض الأعمال التى ينتظرها جمهورها ثارت شائعات بالتراجع عن الفكرة، وهو ما نفاه الدكتور مدحت العدل فى تصريحات صحفية، مؤكدا عدم التراجع عن فكرة عودة الفنانة شريهان إلى المسرح، ومشيرا إلى تخفيض عدد العروض إلى 4 مسرحيات بدلا من 13.
وأوضح مدحت العدل أن العرض الواحد يحتاج إلى مجهود الخرافى، مؤكدا أنهم لن يستطيعوا عرض مسرحية واحدة فقط، لذا يجب الانتظار حتى الانتهاء من تصوير عدد من المسرحيات لعرضها سويا.
وخلال الندوة التى استضاف فيها اليوم السابع المنتج جمال العدل أكد أن شريهان خلال الاستعدادات والبروفات أصبحت أقوى واكثر لياقة وجمالا عن ذى قبل، وأنها تشتاق للقاء الجمهور وتستعد بكل قوتها للعودة من جديد.
ويتلهف الجمهور دائما على كل لقطة فيديو تظهر فيها النجمة فى بعض المناسبات أو صورة جديدة لها كحبيب ينتظر لقاء حبيبه بعد طول غياب، وهكذا ينتظر عودة حبيبته الساحرة الجميلة على أحر من الجمر، فشريهان ليست مجرد فنانة ولكنها حالة إنسانية متفردة لا مثيل لها، جميلة مبهجة، قوية مناضلة، تصل إلى أقصى مراحل الضعف ثم تثور وتنهض وتعود أكثر قوة وجمالا، وفى عيد ميلادها لا يسعنا إلا أن نقول لشريهان كل سنة وأنت قوية مبهجة منتصرة مقاومة..فى انتظارك لتمنحينا مع طلتك الأمل فى الحياة.