خلال فترات الحروب كانت كل مشاعر المصريين وجهودهم تتجه نحو مقاومة الاحتلال وتحرير الوطن، حتى الأطفال كانت تنعكس هذه المعارك على طريقة لعبهم معاً.
وعندما اشتعلت حرب 1956 أثناء العدوان الثلاثى على مصر اتجهت كل مشاعر المواطنين وجهودهم لتحرير الوطن بكل سبل المقاومة، وكان للفنانين دور فى ذلك سواء بجمع التبرعات أو بمساعدة المجهود الحربى أو من خلال ما يقدمونه من فن وأفلام وغناء، وحتى من خلال ما يكتبونه فى الصحف والمجلات.
وفى عام 1956 كتبت الفنانة هدى سلطان مقالاً لمجلة الكواكب حمل عنوان "انتصرت على الانجليز فى طنطا".
وتحدثت الفنانة الكبيرة خلال المقال عن ذكريات طفولتها فى طنطا، مشيرة إلى أن من أهم ذكرياتها التى لا تنساها أن أحب الألعاب إليها كانت لعبة " عسكر وحرامية" و"لعبة الجيوش"، حيث كانت تتولى منصب القائد فى اللعبة ويخضع لها جميع الأطفال" الجنود فى اللعبة" ويطيعون كل ما تصدره من أوامر.
وقالت هدى سلطان فى مقالها:" اختارت بلدية طنطا مساحة واسعة من الأرض لتقيم عليها ملعباً رياضياً ولأمر ما تأجل تنفيذ المشروع، فاتخذنا نحن أطفال هذه المنطقة تلك المساحة مكاناً مختاراً لألعابنا".
وتابعت:"وقتها اختلفت تلميذتان إحداهما من مدرستى والأخرى من مدرسة ثانية ووقع بينهما عراك شديد، وأصيبت زميلتنا بجراح، فعز علينا أن يساء إلى إحدى زميلاتنا، فأرسلنا إلى تلميذات المدرسة الاخرى نطلب منهن أن يخرجن لمبارزتنا فى ملعب البلدية، على أن تكون بيننا حرب يمثلن فيه الجنود الإنجليز ونمثل نحن جنود الجيش المصرى، ووقع على الاختيار لأقوم بدور القائدة".
وأضافت: "كانت قائدة جيش الانجليز فتاة بيضاء ذات شعر أصفر وأحضرت معها كمية من العصى الرفيعة، ووصلت إلى معلومات عن معدات القتال، وطلبت من زميلاتى جمع أكبر كمية من الطوب والحصى".
واستكملت هدى سلطان تفاصيل المعركة :"جاء يوم الجمعة المحدد للحرب، وذهبت مع جيشى من التلميذات لنجد جيش العدو ينتظر منظما ً صفوفه داخل الملعب وفى البيوت المجاورة فاسرعت مع جيشى لتنظيم صفوفنا، وصرخت فى وجه قائدة الجيش الانجليزى أن تخرج إلى النور إذا كان لديها ذرة شجاعة، فخرجت الفتاة وحولها بعض زميلاتها وفى ايديهن العصى الرفيعة وعندئذ أطلقت شارة بدء القتال، فانطلقت قذائف الطوب والحصى على جيش الأعداء"
وتابعت: "أصيبت قائدة الجيش الانجليزى وصرخت تستغيث وقد سال الدم من وجهها فخرج زميلاتها وإذا بالقذائف تصيبهن فتراجعن إلى داخل الملعب ليحتمين بالحوائط، وتقدمت مع جيشى على الملعب نحاول تحريره منهن وكان منظر هربهن سببا فى تشجيع جيش المصريين على أن يضاعف من هجماته وما هى إلا ساعة حتى سيطرنا على أرض المعركة".
وأضافت: "كان خبر هذه المعركة بلغ أهل المنطقة المجاورة وكانت إحدى الفتيات المصابات تسكن على مقربة من الملعب فجاء عشرة شبان من أقاربها لطردنا من المكان فقذفناهم بالطوب حتى هربوا، وبعد انتهاء المعركة غنينا نشيد النصر".
قامت الدنيا ولم تقعد بعد هذه المعركة التى أسفرت عن إصابة عدد من طالبات المدرسة الأخرى واللاتى اعتبرتهن هدى سلطان جيش العدو وتدخلت ناظرة مدرستهن فاستدعت مديرة المدرسة هدى سلطان للتحقيق معها وانتهى الأمر بعقد صلح بين المدرستين ولكن ظل العداء قائما حتى أنهت الطالبات المرحلة الدراسية.