فرقة رضا.. تاريخ كبير من صناعة البهجة عمره 60 عاما
الجمعة, 27 ديسمبر 2019 05:00 م
فرقة رضا
باسم فؤاد
60 عامًا مرت على إنشاء فرقة رضا، تلك الفرقة الأقدم فى المنطقة العربية، واستطاعت خلال سنوات مضت أن تصنع البهجة برقصاتها الفلكلورية المعبرة عن التنوى البيئى المصرى، قبل أن تواجه مثلها مثل غيرها من الفنون تحدى العصر واختلاف الذوق ومتطلبات السوق، ليختفى معها الفيلم الاستعراضى المصرى.
شكل الاستعراض جزءا أصيلا من تاريخ السينما المصرية، خاصة فى مرحلة الأربعينات والخمسينات إذ لاقت رواجًا جماهيريًا كبيرا، ولا ننسى أن فيلم "أنشودة الفؤاد" الذى صدر عام 1931 وهو أول فيلم مصرى ناطق كان فيلمًا غنائيًا، وحتى نهاية الخمسينات وبداية الستينات لا يكاد يخلو فيلم مصرى من أغنية أو رقصة.
شكل الأخوان محمود وعلى رضا أول فرقة خاصة للفنون الشعبية وقدمت أول عروضها على مسرح الأزبكية فى أغسطس عام 1959، وبلغ عدد أعضائها عند التأسيس 13 راقصة و13 راقصا و13 عازفاً، واستوحى محمود رضا رقصات الفرقة من البيئة المصرية الريف والصعيد والمدن الساحلية والنوبة واكتسب فن الرقص وقتها احترام جميع طبقات المجتمع.
فى عام 1961 صدر قرار جمهورى بضم الفرقة إلى وزارة الثقافة، وطافت فرقة رضا دول العالم لتشارك فى المحافل والمهرجانات الدولية وقدمت حوالى أكثر من 3000 عرض فى مصر والعالم على أكبر المسارح العالمية، فى نيويورك وجنيف وبباريس ولندن وروسيا، كما مثّلت فرقة رضا مصر فى عدد من المهرجانات الدولية منها مهرجان برلين السينمائى عام 1971 ومهرجان قرطاج عام 1973 ومهرجان الصداقة الدولى باليابان عام 1996 وغيرها من المهرجانات الدولية الكبرى.
فى السنوات الأخيرة دخلت السينما فى طور جديد اعتمد على الكوميديا والأكشن، على حساب الأعمال الاستعراضية الموسيقية التى تراجعت بشكل كبير إلى حد اختفائها نهائيا، وأرجع أهل الصنعة اندثار هذا النوع من الأفلام لأسباب، أولها:
- قلة الكفاءات الفنية المتخصصة
يحتاج العمل الاستعراضى إلى فريق عمل متميز فى العناصر الفنية المختلفة مثل الموسيقى والحركة الأدائية والصوت والرقص والديكور والإكسسورات والأزياء، وهذا شىء نادر الوجود فى العاملين بالسينما حاليًا، لذلك فقدت الأفلام متعتها وبهجتها، فالوسط الفنى الآن يفتقد لنموذج مثل محمود رضا الذى كون أول فرقة خاصة بالفنون الشعبية بالاشتراك مع فريدة فهمى، وقدما أفلاما كتبت تاريخا للفيلم الاستعراضى المصرى، فنحن الآن تفتقد النجم الذى يجيد التمثيل والرقص والغناء بالإضافة إلى عدم وجود مؤلفين متخصصين فى كتابة الأفلام الاستعراضية، إذ يفضل معظم الكتاب الدراما والكوميديا.
- ارتفاع التكلفة الإنتاجية
يكلف الفيلم الاستعراضى ميزانيات ضخمة تمثل عبئا كبيرا على المخرجين حتى يخرج بالشكل اللائق، ربما يحتاج الأمر إلى تعاون أكثر من جهة لإنتاج عمل استعراضى على مستوى عال، كتعاون المؤسسات الثقافية والآثار والشباب والرياضة لدعم تلك الأفلام، كما كانت الهيئة العامة للسينما تدعم الأفلام الاستعراضية فى الماضى .
- عدم تحقيق الأفلام الاستعراضية لإيرادات
تجنب المنتجون الأعمال الاستعراضية الغنائية بدعوى عدم إقبال الجمهور عليها، إذ تحول ذلك النوع من الأفلام إلى ما يشبه المغامرة الفنية، ربما كانت التغيرات الاجتماعية سببا فى تغير ذوق المشاهد لذلك يفضل المنتجون "اللعب فى المضمون"، واستثمار نقودهم فى أفلام الكوميديا أو الأكشن، إلا أنه فى النهاية لم يجد المشاهد الأفلام الاستعراضية من الأساس ليقبل عليها أو يتجنبها.
- مشكلات متعلقة بالتقنية
تحتاج الأفلام الموسيقية والاستعراضية تكنولوجيا عالية فى التصوير والمونتاج لمواكبة أحداث التقنيات العالمية، إذ واجهت تلك الأفلام أزمة عدم تزامن الصوت مع الصورة، ويستخدم مخرج العمل أكثر من كاميرا عند تصوير الأغانى والاستعراضات، ودور المونتير هنا مهم للغاية لتجنب هذه المشكلة.
يذكر أن الدكتور إيناس عبد الدايم وزير الثقافة، والدكتورة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى السابقة، كرمتا فرقة رضا الاستعراضية للفنون الشعبية، و14 شخصية مبدعة أخرى، خلال احتفالية بمرور ستين عامًا على إنشاء فرقة رضا، مساء أمس الخميس، بحضور الفنان عادل عبده رئيس البيت الفنى للفنون الاستعراضية.
وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة خلال الاحتفالية، "كانت فرقة رضا منذ إنشائها وحتى الآن، إضافة كبيرة للقوى الناعمة المصرية".
وأضافت إيناس عبد الدايم، "إننا نكرم اليوم مؤسسى الفرقة الذين رفعوا اسم مصر عاليا فى المحافل الدولية، كما ندعم الفرقة بكل الإمكانيات المتاحة لاستمرار دورها فى الحياة الفنية والثقافية".
وتابعت وزيرة الثقافة، "الذاكرة المصرية مليئة بالمبدعين الذين أثروا حقول الإبداع المختلفة، وعلى رأسهم الفنان القدير محمود رضا الذى كان له ولشقيقه الفضل فى تأسيس هذه الفرقة التى نحتفى اليوم بمرور 60 عاما على إنشائها، باعتبارها الأقدم فى المنطقة العربية".
وتضمنت الاحتفالية عرض فيلم وثائقى يستعرض مسيرة "فرقة رضا" وجولاتها داخل الوطن وخارجه، بجانب تكريم مؤسسى الفرقة الفنان محمود رضا، واسم الراحل الفنان على رضا، وفريدة فهمي، واسم الموسيقار الراحل على إسماعيل، واسم مصمم الاستعراضات الراحل حسن عفيفى.