فى مثل هذا اليوم الموافق 31 ديسمبر من عام 1898 تغير وجه الغناء والطرب فى مصر والعالم العربى بل وفى العالم أجمع بميلاد كوكب الشرق والغرب أم كلثوم، معجزة الغناء التى لم يأت الزمان بمثلها، والعبقرية الغنائية التى لم ولن تتكرر والتى أسرت العالم بصوتها.
كانت ومازالت أم كلثوم ابنة طماى الزهايرة مركز السنبلاوين بالدقهلية أعظم مطربة فى العالم العربى شهد بعبقريتها الشرق والغرب، وتمنى أساطين التلحين والموسيقى أن تغنى من ألحانهم.
ولدت أم كلثوم فى ريف مصر لأسرة فقيرة ووالدها الشيخ إبراهيم كان إمام ومؤذن لمسجد القرية، وكان يعمل منشدا فى حفلات الزواج للقرية.
التحقت أم كلثوم بكتاب القرية وحفظت القرآن وتعلمت الغناء من والدها فى سن صغيرة، وكان يصطحبها معه فى الاحتفالات، بعدما انبهر بقوة نبرتها، وجمال صوتها، فبدأت الغناء فى سن الثانية عشر وكانت تغنى وهى تلبس العقال وملابس الأولاد، وسمعها القاضى على بك أبو حسين فأوصى والدها بالاعتناء بها، وتبناها الشيخ أبو العلا محمد والشيخ زكريا أحمد بعدما اعجبا بصوتها، وانتقلت إلى القاهرة لتبدأ مشوار الخلود والطرب والعالمية.
ويعتقد الكثيرون أن أول لقاء تعاون بين كوكب الشرق وموسيقار الأجيال كان فى أغنية "انت عمرى" التى كانت أول لحن لعبد الوهاب بصوت كوكب الشرق عام 1964، وأطلق على هذا التعاون لقاء السحاب، وجاء بعد توصية من الرئيس الراحل جمل عبدالناصر، وبعد ما كان يثارأدائما حول وجود توتر فى العلاقة وحرب خفية بين أم كلثوم وعبدالوهاب.
ولكن مالا يعرفه الكثيرون أن كوكب الشرق وموسيقار الأجيال التقيا قبل ذلك بكثير بل أن عبدالوهاب غنى مع أم كلثوم فى بداية حياته وتحديدا عام 1923 وكتب بنفسه عن اللقاء الاول الذى جمعه بكوكب الشرق فى مجلة الكواكب عام 1953 تحت عنوان "أم كلثوم بقلم محمد عبدالوهاب"، وكانت المرة الأولى التى يتحدث فيها عن كوكب الشرق.
وقال موسيقار الأجيال فى هذه المقالة: "قد لا يعرف الكثيرون أننى والأنسة أم كلثوم ظهرنا سوياً لأول وأخر مرة حتى الآن وكان ذلك قبل أكثر من 20 عاماً، بل وغنينا معا أغنية "على قد الليل ما يطول".
وتابع: "كان ذلك فى منزل والد الصديق أبو بكر خيرت المهندس المعروف وكان يسكن فى شارع خيرت، وقيل لى قبل الحفلة أننى سأغنى مع أم كلثوم واعتبرت هذا الخبر بشرى كبيرة لمطرب غير معروف تماماً، ولم يخط إلى مدارج الشهرة بعد، فى حين كانت أم كلثوم وقتها قد وطدت قدمها ومعروفة منذ 7 سنوات أو يزيد وعرفها الناس وأعجبوا بصوتها".
وعن الغناء مع أم كلثوم فى هذه الحفلة قال محمد عبد الوهاب: "غنيت مع أم كلثوم وأحسست وأنا إلى جوارها أننى أتحدث إلى أستاذ وأنه يتوقف على هذه الحفلة شىء غير قليل من مصيرى كمطرب ناشئ، وسمعت إشادات بأننى أديت دورى على أكمل وجه وأحسنت الأداء".
وأكد عبد الوهاب أن أهم إشادة سمعها فى هذا الحفل الذى جمع أساطين الغناء والموسيقى وقتها هى الإشادة التى سمعها من أم كلثوم حيث قالت له همساً "أنت كويس"، قائلاً: "أحسست بفخر عظيم أن أغنى مع مطربة لها مكانة شعبية فى وقت لم أكن أنا أتمتع بمثل هذه المكانة".