حنجرة أعجزت العلم وجمعت بين القوة والعذوبة، وصوت أمتع العالم شرقه وغربه، وكان ملهما للشعراء والأدباء، وذكاء استطاع توظيف كل هذه الملكات ليبقى ويستمر ويكتب لصاحبته الخلود، وشخصية استطاعت أن تأسر الملايين وتحظى باحترام العالم، فلا يملك كل من يراها إلا أن يصغى ويصمت فى حضرتها، ويبقى مشدودا مشدوها وكأنه مسحور بسحرها الخاص.
كل هذا الأوصاف وأكثر منها لا ينطبق إلا على كوكب الشرق والغرب أم كلثوم التى رحلت عن عالمنا بجسدها فى 3 فبراير من عام 1975، ولكنها تعيش وستبقى بفنها إلى آخر الدهر، الست التى لم تكن خارقة الجمال ولكنها استطاعت أن تسلب الألباب بكل ما حباها الله به من صفات فكان معجبوها وما زالوا يملأون الأرض شرقا وغربا.
وكانت للمعجبين بأم كلثوم مئات الطرائف والحكايات التى فاقت حدود العقل إلى الافتتان بفنها وسحرها إلى درجة الجنون.
وفى أحد الأعداد النادرة من مجلة الكواكب الصادرة بتاريخ 7 يناير عام 1958 نشرت المجلة موضوعا تحت عنوان "المعجبون فنون" ذكرت فيه بعض المواقف للمعجبين بأم كلثوم، وكيف كان يذهب بعضهم وراءها أينما كانت ويحرص على حضور حفلاتها فى أى مكان داخل مصر أو خارجها.
وذكرت المجلة أن من بين هؤلاء المعجبين معجب من بورسعيد غريب الأطوار يلاحقها فى كل حفلة، ويسافر وراءها إلى أى بلد تغنى فيه مهما كان عناء السفر وتكاليفه، وكان يحمل صورها وكل ما يكتب عنها فى الصحف والمجلات، ولا يتحدث إلا عنها، حتى أطلق عليه المقربون منه "مجنون أم كلثوم".
وأشارت المجلة إلى أن هذا المعجب كان يعانى من عاهة فى ذراعه، وحرص بسببها على ألا يظهر أمام أم كلثوم، وفقد بسبب إعجابه وسفرياته وراء أم كلثوم الثروة التى ورثها عن والده، حتى سمعت عنه وعرفت حكايته ومدى تعلقه بها فأرسلت لمقابلته وشملته بعطفها ومودتها وكانت تصطحبه مع أفراد فرقتها فى رحلاتها الغنائية، وأخيرا قررت كوكب الشرق أن يكون هذا المعجب متعهد حفلاتها أحمد الجمل.
كما كان من بين معجبى الست معجب اسمه حسن، وكان صاحب محل مأكولات فى باب الحديد، ولم تكن تفوته حفلة من حفلات أم كلثوم حتى الحفلات الخاصة، فكان يبذل كل جهده لحضورها، ويجلس فى الصفوف الأولى، ويصيح كلما غنت مقطعا.
وكانت أم كلثوم تعرف حسن، وتستقبله أحيانا بين الوصلات بين من تستقبلهم من خاصة المعجبين، وأحيانا تلحظه بنظرة أو كلمة فيقذف طربوشه فى الهواء.
وكان من بين أشهر معجبى سومة والذى عرف بمجنون كوكب الشرق الحاج سعيد الطحان، صاحب أشهر جملة فى حفلات أم كلثوم "عظمة على عظمة يا ست"، و"تانى والنبى يا ست أنا جايلك من طنطا"، وكان يأتى من محافظة الغربية لحضور حفلات أم كلثوم، وحضر أول حفلاتها فى شبابه عام 1935، وهو تاجرٌ مصرى من مدينة طنطا، عُرفَ بهوسه الشديد بأم كلثوم، ولُقب بعدد من الألقاب منها: مجنون سوما، متيَّم كوكب الشرق، مهووس أم كلثوم، مجنون أم كلثوم، وكان يقول إنه يشعر أنه يجلس فى الصالة بمفرده، وأن أم كلثوم تغنى له وحده.
سعيد الطحان مجنون أم كلثوم
سعيد الطحان