تجسيد شخصية الرئيس الراحل حسنى مبارك حلم راود الكثير من الفنانين، لكنه لم يخرج للنور حتى هذه اللحظة، رغم تجسيد زعماء ورؤساء مصر السابقين ومنهم الملك فاروق ومحمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات، ربما فسر البعض ذلك لرفض مبارك تجسيد شخصيته حتى وإن كان التناول إيجابيًا، واستشهدوا بمنعه عرض فيلم "وداع فى الفجر" للفنان كمال الشناوى، لمدة 30 عاما مدة حكمه لمصر لظهوره فى لقطتين من الفيلم فى دور قائد سرب طيران يعطى تعليمات لطيار يقوم بتجسيد دوره الفنان الكبير كمال الشناوى.
"مبارك.. يا مصر" أول عمل يتناول شخصية الرئيس الراحل
فريق آخر رأى أن مبارك لم يرفض تجسيد شخصية، والدليل موافقته على تجسيد الفنان الراحل نور الشريف لشخصيته من خلال مسلسل إذاعى بعنوان "مبارك.. يا مصر"، ربما كانت الموافقة لإيمان مبارك بشخصية نور الشريف إذ كان يراه فنانًا وطنيًا ومثقفًا ليكون العمل الفنى الوحيد الذى تناول حياة رئيس الجمهورية ويعرض خلال وجوده فى السلطة، أحداثه تبدأ من لحظة ميلاد الرئيس الأسبق، وتستمر حتى محاولة اغتياله فى أديس أبابا، وتم تسجيل 31 حلقة وأذيع المسلسل على كافة شبكات الإذاعة.
وجسدت سوزان مبارك فى هذا العمل الفنانة ميرفت أمين، وجسد الفنان أحمد عبد العزيز شخصية جمال مبارك، وأذيع الجزء الأول منه فى عيد ميلاد مبارك الثانى والسبعين، فى مايو 2000 على موجة البرنامج العام بالإذاعة المصرية على مدار شهر كامل، وتم الاتفاق على إعداد جزء ثان منه عام 2005، لكنه لم يخرج للنور، وظل نور الشريف حتى وفاته يتمنى تقديم شخصية مبارك فى السينما أو التليفزيون، إذ كان يرى أنها واحدة من الشخصيات المثيرة، وشهد عصره العديد من الأحداث والتقلبات، لكن نور الشريف رحل دون تحقيق حلمه.
ظهور رمزى للرئيس الراحل
السينما المصرية حاولت على استحياء تناول شخصية الرئيس الأسبق حسنى مبارك بشكل رمزى من خلال بعض الأفلام، مثل "جواز بقرار جمهورى"، وظهرت صورته فى أحد المشاهد، وهو يحضر حفل زفاف بطلى الفيلم، بالإضافة إلى فيلم "أمير الظلام"؛ إذ ظهر بشكل رمزى، خلال تسليم عادل إمام نوط الشجاعة فى نهاية الفيلم، ولجأ صناع السينما إلى حيل مختلفة، منها إظهار صورته فى المشاهد التى تتحدث عنه أو إحضار شخص يشبهه ليظهر فى المشاهد.
فسر النقاد غياب تجسيد مبارك فى السينما والدراما إلى شعور الفنانين بالحساسية والخوف من تجسيد شخصية رئيس فى فترة حكمه، لكن بعد مرور 9 سنوات ويزيد على تنحى مبارك عن السلطة لماذا لم يجسد أحدهم شخصية الرئيس الأسبق؟ ربما يكون السبب أن مبارك من الشخصيات التى ينقسم حولها الشعب المصرى بين مؤيد ومعارض له، لذا إذا فكر أحد الفنانين تجسيد شخصيته فأى تناول يمكن أن يقبله الجمهور؟!
بعد عرض فيلم طباخ الرئيس، حاول النقاد والجمهور الربط بين شخصية الفنان خالد زكى والرئيس الأسبق مبارك، وأظهر الفيلم الرئيس رجلا مثاليا يسعى لتحقيق ما يأمله شعبه والتخفيف من آلامهم، لكن المحيطين به يخادعونه بتزوير الحقائق والاستعانة بممثلين، لكى يُظهِروا للرئيس أن المواطنين يعيشون حياة سعيدة رغدة دون فقر أو عوز، حتى أنه فى إحدى جولاته لم يجد أحدا من الشعب فسأل مساعديه قائلا: «وديتو الشعب فين؟ 75 مليون مش لاقى منهم واحد»، لكن زكى نفى أن يكون المقصود من وراء تلك الشخصية مبارك؛ لأن الفيلم تجاهل اسم الرئيس والحقبة التى جرت فيها الأحداث.
فيلم "أروقة القصر"
ربما الفيلم الوحيد الذى تعرض لتجسيد شخصية الرئيس الأسبق حسنى مبارك صراحة هو فيلم "أروقة القصر" إنتاج عام 2011 بعد شهور قليلة من ثورة يناير 2011، وأدى شخصية مبارك الممثل مدحت أبو العز الذى تجمعه بمبارك الكثير من الملامح، ومزجت مشاهد الفيلم بين أحداث 25 يناير ومشاهد درامية لمبارك وحاشيته داخل القصر بما يسمى الديكودراما، وهى إعادة تمثيل الأحداث، ليضفى ناحية توضيحية وإبداعية للعمل.
ويكشف الفيلم الستار عن بعض كواليس ما كان يحدث داخل القصر الجمهورى خلال أيام 25 يناير، وبعض المكالمات التليفونية التى كانت تدور بين النظام ومبارك، كما يكشف عن بعض الاجتماعات التى كان يجيرها مبارك خلال تلك الفترة، وما كان يدور فيها، وكان مصدر كل تلك المعلومات إما شهادة شهود العيان من داخل الأحداث وبعضهم ضيوف الفيلم وآخرين فضلوا عدم الظهور، وإما عن طريق إعداد صحفى موسع ومدقق لكل ما نشر وتكشف فى الصحف خلال تلك الفترة بعد إعادة التأكد من صحته بطرق مختلفة.
ويعرض الفيلم هذه الأحداث التى يحكيها الراوى فى الفيلم أو التى يحكيها شهود العيان ضيوف الفيلم بمعادل مرئى درامى، أى تمثيل تلك المواقف بشكل صامت، وتم تسجيل مقتطفات من أهم ما جاء فى شهادات ضيوف الذين ينتمون إلى تيارات مختلفة، أبرزهم الدكتور حسام بدراوى أمين عام الحزب الوطنى المنحل، وكان مقربا من القصر، وحضر عدة اجتماعات مع مبارك خلال الثورة.
فنانون تمنوا تجسيد شخصية الرئيس الأسبق
أحمد زكى
لم يشفع تاريخ أحمد زكى الحافل بتجسيد السير الذاتية لدى الرئيس الأسبق مبارك للموافقة على تجسيد الإمبراطور لشخصيته، إذ رفض مبارك طلب "زكى" بتقديم سيرته الذاتية فى عمل سينمائى يتناول الضربة الجوية الأولى فى حرب أكتوبر عام 1973، ليرحل الفتى الأسمر عام 2005 دون أن يحقق حلمه بعدما برع فى تجسد شخصية الرئيسين جمال عبد الناصر، وأنور السادات.
يحيى الفخرانى
الفنان يحيى الفخرانى، قبل تجسيد شخصية الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بشرط تناولها من زاوية واحدة هى علاقة الأب بابنه، وكيف تسبب هذا الابن فى ضياع أبيه، مشيرًا إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بعد مضى وقت كاف، ولابد أن يتأكد بنفسه من حقائق ما حدث وهو أمر يحتاج فى رأيه وقتا كبيرا.
وأوضح الفخرانى، فى ندوة بمعرض الشارقة الدولى للكتاب عام 2012، أن الدراما تحتاج إلى وقت لرصد ما حدث على حقيقته فى ثوره 25 يناير وفيما يسمى بثورات الربيع العربى، مشيرا إلى أن الشاعر ينفعل مع الأحداث فيلقى قصائده أولا بأول أما الفنان الصادق فيحتاج إلى وقت تكون فيه الرؤية قد وضحت وبقدر البعد بين الحدث وبين العمل الدرامى تكون درجه جودته.
خالد الصاوى
وأبدى النجم خالد الصاوى رغبته فى تجسيد شخصية الرئيس الراحل حسنى مبارك، إذ قال فى تصريحات إعلامية له: "شخصية مبارك ثرية من الناحية الفنية إذا قدمت فى عمل درامى يكشف أسرارها الشخصية.. هذا الرجل أثر فى تاريخ المنطقة العربية وبخاصة مصر التى حكمها أكثر من 30 عاما وصولا إلى تنحيه بهذا الشكل".
وتمنى الصاوى، تناول الشخصية من بداية نشأة مبارك فى إحدى القرى فى محافظة المنوفية وحياته العسكرية ودوره فى حرب أكتوبر وتعيينه نائبا لرئيس الجمهورية لأكثر من 6 سنوات وتوليه الحكم فى مرحلة حرجة بعد اغتيال الرئيس السادات فى حادث المنصة الشهير، ثم فترة حكمه التى تعتبر الأطول بين الحكام الذين حكموا مصر على مدار 3 عقود وسياساته الخارجية والداخلية وثورة الشعب عليه التى أطاحت به.
صلاح رشوان
سعى الفنان الراحل صلاح رشوان، إلى تجسيد شخصية "مبارك"، لكن بعد موافقته على أداء الشخصية فى أحد الأعمال الدرامية أصيب بأزمات صحية عديدة، وتوفى بعد صراع مع مرض السرطان؛ وفارق الحياة دون أن يحقق حلمه بتجسيد شخصية مبارك.