أن تكون ملهما وتقدم الأمل والتفاؤل والطموح دون أن تغفل حجم ما نعيشه من مآسى وصعاب ودون التقليل من حجم المعاناة التى يعيش فيها العالم هو أمر ليس بهين ولا يخرج إلا من خلال إنسان يعى جيدا حقيقة ما يدور حولنا شخص لديه من الخبرات الإنسانية والتجارب والانتصارات ما تؤهله ليكون هو صاحب المبادرة دوما لذا يخرج منه الأمر صادقا نابعا من صدق صاحبه وهو ما ينطبق على سميرة سعيد تلك النجمة الملهمة التى تعرف جيدا متى وأين تظهر ولماذا وماذا ستقدم ومتى ستتكلم وإذا تكلمت تعى جيدا ماذا تقول ولمن.
سميرة سعيد والتى قدمت قبل ساعات واحدة من أمتع وأجمل أغنياتها بعنوان واقع مجنون استطاعت أن تلمس مشاعر الجمهور ذلك الجمهور الذى ينتظر أعمالها بشغف كبير ولا أنكر أبدا أن جمهورها ليس وحده من ينتظر أعمال سميرة فكل مهتم بالحركة الفنية يعى جيدا ويثق كثيرا فى اختيارات سميرة، من يعرف سميرة جيدا يعلم أنه ليس من شيمها الركوب على الحدث ويعرف أن سميرة تأخذ وقتها وزيادة فى تدليل أغنياتها فتمنح المشروع وقته الكافى قبل أن يخرج للنور ويسجل فى تاريخها ومسيرتها.
قدرة سميرة على الغوص فى أعماق النفوس البشرية والبحث عن معانى جديدة وكلمات لم تقدم من قبل وحدوتة تلمس واقعنا هو واحد من أبرز ما يميز سميرة سعيد على المستوى الفنى والإنسانى وتعتبر سميرة هى واحدة من أهم النجمات ممن غنين للإنسانية بمفهومها الواسع ومضمونها الذى لا تعرف له لو نوع أو جنس فما سبق وقدمته سميرة من أغانى للإنسانية لايمكن أن ينسب أو يعبر فقط عن المصريين أو العرب بشكل عام وإنما تجد مضمون ما تقدمه يحمل الصبغة العالمية وهو ما يندرج تحته أغنيتها الأخيرة واقع مجنون هو بالفعل كذلك ليس فقط فى أوطاننا العربية وإنما فى العالم أجمعه.
لأن سميرة أو الديفا سميرة سعيد كما يلقبها جمهورها تسعى دوما أن تقدم رسائل نبيلة خاصة فى أعمالها التى تقدمها بعيد عن قصص الحب والرمانسية فهى كانت جاهزة بأغنية واقع مجنون وكأن الأغنية اختارتها لتصف الحالة التى يعيش فيها العالم من واقع تخطى الجنون بمراحل فكل من كان يتحدث عن مستقبل العالم لم يكن لديه أى ضمانة بأن هذا ما كان سيحدث أو ما كان ينتظره العالم ليحدث فالكل كان يآمل فى مستقبل أفضل وحياة مختلفة ومزيد من السلام والاستقرار ليأتى فيروس كورونا ويضع العالم كله فى مكانته الحقيقية ويعرف كل دولة حجمها وكأنه صفعة لكل من خيلت له نفسه كدولة أنها أكبر من كل شىء وأنه لا يقدر عليه أحد ليأتى فيروس جديد يبدل الأحوال، وتتساوى فيه كل الدول وتتشارك فى نفس المأساة.
يحسب للديفا سميرة سعيد دقتها فى اختيار كلمات أغانيها حيث وفقت تماما فى اختيار كلمات أغنيتها بتوقيع بهاء الدين محمد واحد من عباقرة الكلمة ممن يعيشون بيننا وفريق عمل الأغنية ألحان أشرف سالم وتوزيع محمد عرام والمخرج نضال هاني، فرغم واقعية الكلمات وصدق معانيها وملامستها مع واقع نعيش فيه إلا أن الأغنية تحمل الكثر من الإلهام والتفاؤل فالأغنية تنتصر للحلم والأمل فى مستقبل أفضل وحياة أكثر إنسانية حياة كالحياة وهى الأغنية التى كانت جاهزة فى نوفمبر ٢٠١٩ لكنها كتبت وسجلت وكأن لها نصيب أن تعبر عما نعيشه الآن من واقع مجنون ويزداد جنونه يوما بعد يوم.
من أهم ما يميز كليب واقع مجنون من إخراج نضال هانى هو أنه جعل قضية الكليب هى النجم وليس أى شىء آخر فسميرة لم تظهر سوى فى لقطة لثوان وباقى الكليب كان على وجوه أشخاص حقيقيين يعيشون بيننا من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية وتظهر على ملامحهم كل المعانى التى تقدمها الديفا فى الأغنية.