هل يتحمس فنان لتجسيد الحلوانى اللى بنى مصر.. فى ذكرى بناء جامع الأزهر
السبت, 04 أبريل 2020 04:03 م
جوهر الصقلى
جمال عبد الناصر
اليوم 4 أبريل يتزامن مع بدء القائد العظيم جوهر الصقلى عام 970 فى إنشاء الجامع الأزهر ولا أعلم لماذا يتجاهل كتاب الدراما التليفزيونية وكتاب السينما سيرة ذلك "الحلوانى" الذى بنى مصر فحياته ورحلته والأحداث التى واكبت ظهوره جميعها تصنع دراما تاريخية جيدة جدا ومشوقة ومثيرة.
«اللى بنى.. بنى مصر.. كان فى الأصل.. حلوانى وعشان كده مصر يا ولاد.. حلوة الحلوات» جميعنا يتذكر هذه الكلمات التى غناها المطرب على الحجار فى تتر مسلسل «بوابة الحلواني»، من كلمات الشاعر سيد حجاب وتاريخيا يقال أن جوهر الصقلى هو من بنى مصر وكان يعمل فى بداية حياته بالفعل فى صناعة الحلوى ثم اصبح فيما بعد قائدا عسكريا.
هل يتحمس أحدهم ويجسد شخصية جوهر الصقلي
قصة هذا القائد وما فعله فى مصر بعد دخولها تستحق بالفعل عدة أعمال درامية وخلال بحثى لم أجد إلا الفنان سمير غانم قدم شخصيته فى حلقة من حلقات فوازير " فطوطة " عام 1982 حيث كان يقوم فطوطة وسمورة فى كل فزورة بتقديم ملامح لإحدى الشخصيات التاريخية الشهيرة، وعلى المشاهدين أن يعرفوا فى كل مرة ما هى اسم الشخصية التى تدور حولها الحلقة وكانت إحدى الحلقات عن جوهر الصقلي. أخرجها العبقرى فهمى عبد الحميد وصمم استعراضاتها حسن عفيفى وتأليف وأغانى لعبد الرحمن شوقى ولحن المقدمة والنهاية الموسيقار حلمى بكر وقدم أيضا الفنان أحمد ماهر تلك الشخصية فى عمل مسرحى على مسرح جامعة القاهرة ، فى أوبريت (بناة مصر) فهل هذا يكفى فنيا لهذا القائد العظيم ؟ بكل تأكيد لا.
جوهر الصقلي لمن يريد معرفته أكثر من كتاب الدراما الذين أدعوهم لكتابة مسلسل عنه وعن فترة وجوده بالقاهرة هو أبو الحسن جوهر بن عبد الله، ويعرف أيضاً باسم جوهر الرومي وكان أهم وأشهر قائد في التاريخ الفاطمي، وقد ولد جوهر في جزيرة صقلية الواقعة في البحر المتوسط حوالي "316 هـ/ 928 م" ونسب إليها وكانت صقلية في تلك الفترة إمارة فاطمية، تربى فيها تربية عسكرية .
انتظم في سلك الجيش وترقى فيه حتى أصبح بعد ذلك جوهر الصقلي قائد القوات الفاطمية في عهد المعز لدين الله وسرعان ما أثبت جوهر كفاءته بأن ضم مصر التي كانت تحت حكم الإخشيديين وسلطان العباسيين إلى سلطان الفاطميين، وحكم جوهر الصقلي مصر حوالي ثلاث سنوات من 969م/358هـ إلي 972م/362 هـ كإحدي الولايات الفاطمية نائباً عن الخليفة الفاطمي المعز الله الفاطمي.
من أشهر أعمال جوهر الصقلي كانت تأسيس القاهرة رابع عواصم مصر الإسلامية، لتكون مقراً لحكم الخليفة الفاطمي في مصروقام ببناء سور يحيط بالمدينة هذا بالإضافة إلي بنائه قصراً كبيراً لإقامة الخليفة الفاطمي كما أنشأ الجامع الأزهر وكان اسمه في البداية المسجد الجامع، ثم سمي بعد ذلك جامع الأزهر، في أبريل سنة 970م/جمادي الآخر 359هـ، وأتمه في يونيو سنة 972م/361هـ وفي أول صلاة جمعة يوم 6 رمضان سنة 361هـ، دعي للخليفة الفاطمي المعز لدين الله، كما أمر جوهر بأن يقال في الخطبة "اللهم صل علي محمد المصطفي، وعلي عليٌ المرتضي، وعلي فاطمة البتول، وعلي الحسن والحسين سبطي الرسول،ا لذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وصل علي الأئمة الطاهرين آباء أمير المؤمنين المعز لدين الله " .
كل الاحتفالات الدينية التي نحتفل بها في مصر في الأعياد كان لجوهر الصقلي الفضل فيها وربطها بمظاهر فرح وطقوس يغلب عليها البهجة والاستمتاع، وذلك لتحبيب الناس في المذهب الجديد، فمن تلك الاحتفالات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وليلة النصف من شعبان وعاشوراء واحتفالات شهر رمضان، وابتداع أكلات وأغاني مخصوصة لهذه الأعياد منها أكلات الكنافة والقطائف في شهر رمضان، وطبق العاشوراء في مولد عاشوراء،وأغنية وحوي يا وحوي التي يغنيها الأطفال وهم يخرجون بالفوانيس في ليالي رمضان.
جوهر الصقلي عاش دراما منذ نشأته الصعبة، وقيامه بما يقوم به العبيد من شؤون الخدمة باديء ذي بدء، ومنها عمله بصناعة الحلوى وهذا ما جعلنا نقول ان اللي بني مصر كان في الأصل حلواني ولكن مواهبه البارزة، عقلًا وبنيانًا، سرعان ما ميَّزته عن سواد العبيد، وأعطته الفرصة للالتحاق بخدمة الخليفة الفاطمي الثالث المنصور، وبعد وفاته، انضمَّ إلى ركاب ابنه المعز لدين الله الفاطمي، والذي أعتقه تقديرًا له، وأصبح من خواصّه وخُلصائه وفي عام 347 هـ، تقلّد جوهر الوزارة، وسيِّره المعز بجيش كثيف ليقمع الثورات في المغرب الأقصى. نجح جوهر في مهمته بشكل باهر، ولم يكتفِ بإهداء ثمار الحرب والسياسة فحسب إلى سيده، إنما حمل للمعز قلالًا مملوءةً بالماء، جمع بها أنواعًا من أسماك المحيط الأطلسي، فسُرَّ به المعز، وعلا نجم جوهر أكثر وأكثر لدى المعز، وأصبح ذراعه الأيمن، وسيفه الأبتر
وفي ربيع الأول من عام 358هـ، جهز المعز الفاطمي قائده الأثير جوهر الصقلي بجيش كثيف إلى مصر. وكان المتغلب على مقاليد الأمور في مصر آنذاك هو الحسن بن عبيد الله الإخشيدي، وهو ابن عم والد الأمير الطفل أحمد، وكان مستبدُا، ذاق منه على حدٍّ سواء، أمراء مصر ورعيتها الأمرَّيْن، ولعل هذا جعل مهمة جوهر أيسر وأسهل وفتح المعز أبواب خزائنه من أجل جيش جوهر الصقلي، لتكون حملته في قمة الجاهزية، ضمانًا لإتمام المهمة التي أعجزت آباءه وأجدادًه لأكثر من نصف قرن، والتي قد لا تجود الأيام من أجلها بمثل اللحظة الفارقة الحالية. خرج الجيش من القيروان، في مشهدٍ مهيب؛ إذ لم يُرَ منذ حين حشدٌ مثل هذا في تلك الأرجاء على كثرة حروبها وتقلباتها، وشيَّع شاعر الفاطميين الأثير بن هانيء، جوهرَ الصقلي وجيشه، بواحدة من مبالغاته الشعرية التي اشتهر بها فقال:
رأيت بعينى فوق ما كنت أسمع … وقد راعَنى يومٌ من الحشرِ أروعُ
غداة كأنّ الأُفْقَ سُدّ بمثلِه … فعاد غروبُ الشمس من حيث تطلعُ
آثار بناء جوهر الصقلي للقاهرة مازالت موجودة حتي الآن بشارع المعز لدين الله الفاطمي وهو من أهم الشوارع التاريخية في مصرو القاهرة وكل ركن فيها له قصة وحكاية تستحق أن تؤرخ دراميا فهل من متحمس من كتاب الدراما لكتابة مسلسل عن هذا القائد العظيم ؟ وهل يوجد نجم من نجومنا كخالد النبوي أو مصطفي شعبان أو ياسر جلال أو أحمد السقا أو غيرهم لكي يتحمس ويقدم شخصية هذا القائد العظيم حلواني مصر الأول الذي بناها وجعلها "حلوة يا ولاد وحلوت الحلوات " ..