الصراع بين القديم والحديث فكرة قائمة على اختلاف الزمن، واختلاف نظرة الناس للأشياء، وهى تعبر عن الفجوة بين الأجيال سواء أكان ذلك فى الفن أو الأدب و غيرها من المجالات المختلفة، ويرجع ذلك لأسباب عدة منها؛ اختلاف التفكير، واختلاف الذائقة، وتطور الأشياء بفعل الزمن، واختلاف تفاعل الناس مع قضايا معينة باختلاف العصر الذى يعيشون فيه، وهنا يكمن جوهر الصراع، وبناءً على ذلك سيبقى الصراع مستمرًّا ما دام الزمان مستمرًّا.
فى فيديو نادر يرجع تاريخه لأوائل السبعينيات، تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعى، لتقرير تليفزيونى يتطلع رأى جمهور الشارع فى سينما "اليومين دول" وكان أبرز روادها فى ذلك الوقت، الزعيم عادل إمام والنجم الكبير نور الشريف، وانتقد الناس سينماهما متسائلين : "فين زمن الفن الجميل" وهى العبارة التى كثيرا ما تتردد فى كل وقت وحين، والملاحظ فى مآخذ هؤلاء استخدام نفس الأراء بنفس الصياغات التى نسمعها فى وقتنا الحالى مع اختلاف الأسماء والأرقام.
خلال التقرير الذى يعود للثمانينيات قال رجل بسيط معبرا عن رأيه فيما يقدم من أعمال سينمائية فى ذلك الوقت إن الأفلام الجديدة لا تعجبه "لا الموضوع ولا الممثلين" هكذا عبر عن رأيه، مشيدا فى نفس الوقت بأفلام إسماعيل ياسين وبشارة واكيم وعبد السلام النابلسى، متسائلا من هم نجوم اليوم، ليذكر أسماء عادل إمام ونور الشريف ومحمود ياسين فى استنكار.
وخلال التقرير رد الفنان عادل إمام على رأى هذا الرجل البسيط ، قائلا: كل عصر له سماته وصفاته وظروفه السياسية والاجتماعية، فالسينما لشعب كثافته 20 مليون تختلف عن السينما التى تقدم لشعب كثافته 50 مليون، فلكل منهم ظروف اقتصادية واجتماعية مختلفة، كما أننا لا يمكن أن نصف سينما اليوم بالسينما الهابطة، بدليل وجود معاهد سينما تخرج فيها كتاب ومخرجين جدد على مستوى جيد.
كما وصف الجمهور السينما فى ذلك الوقت بالمبتذلة، يقبل عليها الجمهور ذوو المستوى الأخلاقى المنحدر، ليرد الزعيم، جيلنا لديه أفلام تحمل فكرا عاليا جدا، ليباغته آخر بأنه يتمنى أن يشاهد أفلاما كأفلام يوسف وهبى وحسين صدقى وأنور وجدى وعبد الحليم حافظ.
هنا يتدخل نور الشريف، إنه فى مجلة المصور عام 1951 وجد نفس الأخبار التى يقرأها اليوم التى تهاجم الانحدار فى الفن والأخلاق، ودائما ما يسمع جملة "أيام زمان أحلى" ، كما أنه رد على مقولة "سينما زمان أحلى" قائلا فى ثقة: "رأى الشخصى وبدون زعل إن سينما دلوقتى أحسن" فإذا عملنا إحصائية منذ تاريخ نشأة السينما المصرية بعدد الأفلام التى أنتجت وكم منها وافق التليفزيون على إذاعته فى مقارنة بما يوافق عليه اليوم، سنجد أن رقابيا منع إذاعة العديد من الأفلام على عكس زماننا.
وأضاف الأستاذ نور الشريف، من الظلم أن نقول إن سينما زمان أفضل من سينما اليوم، فهناك العديد من الأفلام السيئة الجمهور لا يعرف عنها شيئا، واليوم نجد موضوعات جديدة مثل السينما السياسية التى لم تتطرق إليها السينما القديمة.
ويرى نور الشريف أن الأفلام القديمة كان بها مواصفات الفيلم التجارى فقط، بمعنى أنه فى كل فيلم لابد أن تجد أوبريت يتضمن جميع اللهجات العربية، حتى يتم تسويق العمل فى الدول العربية، وإن حذفت هذا الأوبريت من الفيلم لا يؤثر فى بنائه، وبالنظر إلى الأفلام الكوميدية سنجد العديد منها تعتمد على الإضحاك الفج باستثناء الريحانى لأنه نموذج نادر للكوميديا الراقية، وفى النهاية سينما اليوم تعبر عن واقعها أكثر من سينما زمان.
واختتم التقرير برأى واحد من الجمهور الذى ينتقد أسعار تذكرة السينما التى بلغت جنيها واحدا، فكيف يمكن لأسرته التى تتكون من 9 أفراد أن يدخوا فيلما ويدفعون 9 جنيهات دفعة واحدة واصفا الأمر بـ"غير المعقول"، فالأفضل له أن يشترى 2 كيلو لحمة .