محمد عبد الوهاب ولد فى 13 مارس 1901 وتوفى فى 4 مايو 1991 أحد أعلام الموسيقى العربية، لقب بموسيقار الأجيال، وارتبط اسمه بالأناشيد الوطنية. ولد فى حارة برجوان بحى باب الشعرية بالقاهرة، عمل كملحّن ومؤلف موسيقى وكممثل سينمائى.
بدأ حياته الفنية مطرباً بفرقة فوزى الجزايرلى عام 1917 م. فى عام 1920 م قام بدراسة العود فى معهد الموسيقى العربية. بدأ العمل فى الإذاعة عام 1934 م وفى السينما عام 1933. ارتبط بأمير الشعراء أحمد شوقى ولحن أغان عديدة لأمير الشعراء، غنى معظمها بصوته ولحن كليوباترا والجندول من شعر على محمود طه وغيرها. لحن للعديد من المغنيين فى مصر والبلاد العربية منهم فيروز وأم كلثوم وليلى مراد وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد ووردة الجزائرية وصباح وطلال مداح وأسمهان، إلى جانب أنه كان أول مكتشف للفنان إيهاب توفيق فى أواخر الثمانينات
أُلحق محمد عبد الوهاب بكتّاب جامع سيدى الشعرانى بناءً على رغبة والده الذى أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك فى وظيفته وحفظ عدة أجزاء من القرآن قبل أن يهمل تعليمه ويتعلق بالطرب والغناء، حيث شغف بالاستماع إلى شيوخ الغناء فى ذلك العصر مثل الشيخ سلامة حجازى وعبد الحى حلمى وصالح عبد الحي، وكان يذهب إلى أماكن الموالد والأفراح التى يغنى فيها هؤلاء الشيوخ للاستماع لغنائهم وحفظه، ولم ترض الأسرة عن هذه الأفعال فكانت تعاقبه على ذلك، وبعدها قابل محمد عبد الوهاب الأستاذ فوزى الجزايرلى صاحب فرقة مسرحية بالحسين والذى وافق على عمله كمطرب يغنى بين فصول المسرحيات التى تقدمها فرقته مقابل خمسة قروش كل ليلة، وغنى محمد عبد الوهاب أغانى الشيخ سلامة حجازى متخفياً تحت اسم "محمد البغدادي" حتى لا تعثر عليه أسرته إلا أن أسرته نجحت فى العثور عليه وازدادت إصراراً على عودته لدراسته فما كان منه إلا أن هرب مع فرقة سيرك إلى دمنهور حتى يستطيع الغناء، وطُرد من فرقة السيرك بعد ذلك ببضعة أيام لرفضه القيام بأى عمل سوى الغناء فعاد إلى أسرته بعد توسط الأصدقاء له، ووافقت أسرته أخيراً على غناءه مع أحد الفرق وهى فرقة الأستاذ عبد الرحمن رشدى (المحامي) على مسرح برنتانيا مقابل 3 جنيهات فى الشهر، وكان يغنى نفس الأغانى للشيخ سلامة حجازي، وحدث أن حضر أحمد شوقى أحد عروض الفرقة وبمجرد سماعه لعبد الوهاب قام متوجهاً إلى حكمدار القاهرة الإنجليزى آنذاك ليطالبه بمنع محمد عبد الوهاب من الغناء بسبب صغر سنه، ونظراً لعدم وجود قانون يمنع الغناء أًخذ تعهد على الفرقة بعدم عمل عبد الوهاب معهم.
التحق عبد الوهاب بعد ذلك بنادى الموسيقى الشرقى والمعروف بمعهد الموسيقى العربية حالياً، حيث تعلم العزف على العود على يد محمد القصبجي، وتعلم فن الموشحات، وعمل فى نفس الوقت كمدرس للأناشيد بمدرسة الخازندار، ثم ترك كل ذلك للعمل بفرقة على الكسار كمُنشد فى الكورال وبعدها فرقة الريحانى عام 1921، وقام معها بجولة فى بلاد الشام وسرعان ما تركها ليكمل دراسة الموسيقى ويشارك فى الحفلات الغنائية، وأثناء ذلك قابل سيد درويش الذى أُعجب بصوته وعرض عليه العمل مقابل 15 جنيه فى الشهر فى فرقته الغنائية، وعمل فى روايتى البروكة وشهرزاد، وبالرغم من فشل فرقة سيد درويش إلا أن عبد الوهاب لم يفارق سيد درويش بل ظل ملازماً له يستمع لغنائه ويردد ألحانه حتى وفاة سيد درويش
فى عام 1924 أُقيم حفل بأحد كازينوهات الإسكندرية أحياه محمد عبد الوهاب وحضره رجال الدولة والعديد من المشاهير، منهم أحمد شوقى الذى طلب لقاء عبد الوهاب بعد انتهاء الحفل، ولم ينس عبد الوهاب مافعله به أحمد شوقى بمنعه من الغناء وهو صغير وذكّر أحمد شوقى بذلك الذى أكد له أنه فعل ذلك خوفاً على صحته وهو طفل، ومنذ تلك المقابلة تبناه أحمد شوقى.
وتعتبر السبع سنوات التى قضاها عبد الوهاب مع أحمد شوقى من أهم مراحل حياته، حيث اعتبر أحمد شوقى مثله الأعلى، فكان أحمد شوقى يتدخل فى تفاصيل حياة عبد الوهاب وعلمه طريقة الكلام وكيفية الأكل والشراب، وأحضر له مدرس لتعليمه اللغة الفرنسية لغة الطبقات الراقية. بدأ نجم محمد عبد الوهاب يبزغ على إثر تقديم أحمد شوقى له فى الحفلات، فقدمه إلى رجال الصحافة مثل طه حسين وعباس محمود العقاد والمازنى، وكذلك رجال السياسة مثل أحمد ماهر باشا وسعد زغلول ومحمود فهمى النقراشي. إلا أن ذلك لم يمنع الآخرين من مهاجمته وخاصة من المطربين الذين تخوفوا من شهرته مثل منيرة المهدية التى طردته من أوبريت كليوباترا ومارك انطوان وكذلك هاجمه العقاد والمازنى (كان العقاد والمازنى قد أصدرا كتاب الديوان هاجما فيه أحمد شوقي). يمكن القول أن العلاقة بين عبد الوهاب وأحمد شوقى علاقة وثيقة ذكرها عبد الوهاب كثيراً فى أحاديثه وكان دائما يعترف بفضل أحمد شوقى عليه، ولحن له العديد من القصائد مثل: دمشق، النيل نجاشى، مضناك جفاه مرقده.
ذكر عبد الوهاب أن أول لقاء جمعه بأم كلثوم عام 1925 كان بمنزل أحد الأثرياء (محمود خيرت) والد الموسيقار أبو بكر خيرت وجد الموسيقار عمر خيرت حيث غنيا معاً دويتو "على قد الليل مايطوّل" ألحان سيد درويش بعد ذلك لحن لها أغنية "غاير من اللى هواكى قبلى ولو كنت جاهلة"، رفضت أم كلثوم أن تغنيها فغناها عبد الوهاب، ومن بداية الثلاثينيات وحتى أواخر الأربعينات كانت الصحف تلقب كلاً من عبد الوهاب وأم كلثوم بالعدوين إلا أنه جرت محاولات للجمع بينهما.
المحاولة الأولى: كانت لطلعت حرب الذى أطلع عبد الوهاب وأم كلثوم برغبته فى جمعهما فى فيلم يتولى استديو مصر إنتاجه ووافق الطرفان على القيام بالفيلم لكن حدث اختلاف بينهما حول من يقوم بتلحين الأغانى المشتركة بين البطلين ونتيجة إصرار كل طرف على موقفه تأجل المشروع لتفشل محاولة طلعت حرب.
المحاولة الثانية: وهذه المحاولة غير موثوق بها ولكن يقال أن الذى قام بها الرئيس جمال عبد الناصر حيث انتهز احتفالات أعياد الثورة وعاتبهما على عدم قيامهما بأى عمل فنى مشترك أثناء لقائه بهما فوعداه بالعمل على ذلك وجاءت أغنية "أنت عمرى" كأول عمل مشترك بينهما وحققت الأغنية نجاحا ساحقا شجعهما على المزيد من التعاون لتغنى أم كلثوم عشر أغنيات من ألحان عبد الوهاب خلال تسع سنوات فقط.