يمكنك أن تلقبه بالعاشق المتيم للغتنا العربية، فقد أخذ على عاتقه منذ سنوات أن يصحح أخطاءنا اللغوية، التى تدمر اللغة العربية وتؤثر بشكل واضح على ثقافة أجيال كاملة.
هو الكاتب الصحفى ورئيس تحرير موقع "أكتب صح" ومسئول المراجعة اللغوية لمطبوعات منظّمة العمل الدولية فى مصر حسام مصطفى إبراهيم، الذى اقترح مؤخرًا مبادرة شخصية لتصحيح الأخطاء اللغوية فى لافتات محطات مترو الأنفاق المختلفة، والتى رصد الكثير منها خلال رحلاته اليومية.
يؤكد حسام أن تلك الأخطاء البسيطة المتواجدة بشكل متكرر فى 53 محطة تضمها الخطوط الثلاثة لشبكة مترو الأنفاق، والتى تقع عليها عيون 3,5 مليون راكب يوميًا، تنطبع فى ذاكرة الراكب وتصبح جزءا متأصلا من ثقافته، ينقلها لأبنائه ويكتبها فى أوراقه وهو ما يشوه لغتنا الجميلة مع الوقت.. فماذا لو حدث العكس؟
لذلك طالب حسام خلال مبادرته التى طرحها عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك أن يسمح له المسئولون عن شبكة مترو الأنفاق باصطحاب خطاط ليجوبا معا محطات مترو الأنفاق مصححاً تلك الأخطاء، ليرى المواطن المصرى الكلمة مكتوبة بشكل صحيح، فتنطبع فى ذاكرته تلقائيا، مساهما بذلك فى نشر اللغة العربية الصحيحة دون تكاليف مادية تذكر. حيث أكد حسام أنه لن يقوم بتغيير اللافتات ولن يحمل إدارة المترو تكاليف الخطاط التى قرر أن يتحملها بشكل شخصى.
يقول حسام: وإذا نجحت التجربة نقوم بتعميمها على كل اللافتات المشابهة كلافتات المرور والطرق والكبارى وماكينات صرف النقود، ثم لافتات المحلات فيما بعد، وصولا لسن قانون يجرم الأخطاء الإملائية فى اللافتات العامة، وعدم جواز طبع أى شىء إلا بعد المرور على مراجع لغوى.
تعليم اللغة العربية الصحيحة وتصحيح الأخطاء اللغوية مهمة أخذها حسام على عاتقه، حيث قدم العديد من الورش التعليمية فى أماكن وهيئات مختلفة.
ويؤكد حسام أن الأخطاء اللغوية أمر لا يمكن تجاهله أو التغاضى عنه، فهى قضية مصير وعقيدة ووعى، والتهاون معها مدخل من مداخل الفهم الخاطئ للنصوص والآيات وبالتالى الوقوع فريسة للاستهواء والتطرف.
ويرى حسام أن مبادرته تستحق الاهتمام من المسئولين، وأننا كدولة قد تأخرنا كثيرًا فى الاهتمام بشكل واضح بلغتنا الأم. ففى السعودية مثلا يوجد قانون يمنع كتابة اللافتات بغير اللغة العربية، وفى الأردن يوجد قانون لحماية اللغة العربية، ويفرض عقوبات على المخالفين. وفى نيويورك، يوجد قسم فى المترو يضم محررين لكتابة التعليمات ليس فقط بلغة سليمة، إنما راقية للغاية.
تجدر الإشارة إلى أن مبادرة تصحيح لافتات المترو ليست المبادرة المجتمعية الأولى لحسام التى تهتم بنشر لغتنا العربية بشكلها الصحيح. فلقد أسس من قبل مبادرة أكتب صح التى بدأها على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، فى نوفمبر 2013، بغرض مساعدة الصحفيين والإعلاميين والطلاب ومحبّى اللغة العربية ومتعلميها، على تلافى الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية الشائعة، والكتابة بلغة سليمة وراقية خالية من العيوب، وهى المبادرة التى حظيت بتفاعل كبير وملحوظ، ساعدها على النمو بشكل سريع، والوصول لقطاعات أكبر.