فى مثل هذا اليوم عام 1176، حاولت طائفة انفصلت عن الفاطميين، اغتيال القائد صلاح الدين الأيوبى فى مدينة حلب السورية، هذه الطائفة تدعى "الحشاشين" أو "الحشيشة"، لم ينجحوا فى محاولاتهم العديدة فى اغتيال الأيوبى لكن بحسب دراسة لدكتور عثمان الخميس أوضح أنهم تمكنوا من اغتيال الخليفة العباسى المستنصر والخليفة الراشد وملك بيت المقدس كونراد لحساب الصليبيين.
ظهرت طائفة الحشاشين فى أواخر القرن الخامس هجرى/الحادى عشر ميلادى لتدعو إلى إمامة نزار المصطفى لدين الله ومن جاء مِن نسله، كانت معاقلهم الأساسية فى بلاد فارس وفى الشام بعد أن هاجر إليها بعضهم من إيران. أسّس الطائفة الحسن بن الصباح الذى اتخذ من قلعة الموت فى فارس مركزاً لنشر دعوته؛ وترسيخ أركان دولته.
اكتسبت طائفة الحشاشين عداء شديدًا مع الخلافة العباسية والفاطمية وتابعيهم كالسلاجقة والخوارزميين والزنكيين والأيوبيين بالإضافة إلى الصليبيين، إلا أن جميع تلك الدول فشلت فى استئصالهم طوال عشرات السنين من الحروب.
كانت الإستراتيجية العسكرية لحسن الصباح وأتباعه من فرقة الحشاشين تعتمد على الاغتيال الانتقائى للشخصيات البارزة فى دول الأعداء، وكان الفدائيون مدربين بشكل احترافى على فنون التنكر والفروسية والإستراتجيات والقتل. وكان أكثر مايميزهم هو استعدادهم للموت فى سبيل تحقيق هدفهم. وكان على الفدائيين الاندماج فى جيش الخصم أو البلاط الحاكم حتى يتمكنوا من الوصول لأماكن إستراتيجية تساعدهم على تنفيذ المهمات المنوطة بهم.
وقعت أول محاولة للحشاشين لاغتيال صلاح الدين فى ديسمبر 1174م بينما كان يحاصر حلب. حيث تمكن بعض الحشاشين من التسلل إلى معسكر صلاح الدين وقتل الأمير أبو قبيس وتلا ذاك عراك قتل فيه عدد كبير من الناس ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب بأذى.
وحدثت المحاولة الأخرى فى 22 مايو 1176م عندما كان صلاح الدين يحاصر "عزز" حيث تمكن بعض الحشاشين المتنكرين بزى جنود جيش صلاح الدين من التسلل لمعسكره ومهاجمته وتمكنوا من قتل العديد من الأمراء لكن صلاح الدين لم يصب سوى بجروح بسيطة بفضل الدروع التى كان يرتيدها. وقد اتخذ صلاح الدين بعد هذه الأحداث احتياطات واسعة للحفاظ على حياته، فكان ينام فى برج خشبى أقيم خصيصا له ولم يكن يسمح لأحد لايعرفه شخصيا بالاقتراب منه.
فى أغسطس 1176 تقدم صلاح الدين فى أراضى الحشاشين تحدوه الرغبة فى الانتقام وضرب حصار حول مصيف -كبرى قلاع الحشاشين- ولكنه لم يلبث أن فك الحصار وانصرف.
صمم صلاح الدين على أن يضع حداً لهذه الحركة التى وضح خطرها فى بلاد الشام، وجهز حملة عسكرية فى شهر محرم عام 572هـ/ عام 1176م، فحاصر حصونهم ونصب المجانيق الكبار عليها وأوسعهم قتلاً وأسراً وساق أبقارهم وخَّرب ديارهم، وهدم أعمارهم وهتك أستارهم حتى شفع فيهم خاله شهاب الدين محمود تكشى صاحب حماة، وكانوا قد راسلوه فى ذلك لأنهم جيرانه، فرحل عنهم وقد انتقم منهم، ودمّر قوتهم.
اضطر الحشاشون إلى التفاهم مع صلاح الدين بعد فشل محاولاتهم المتكررة لاغتياله، وعدم قدرتهم على التصدى لقواته، لذلك فضَّلوا وقوفه على الحياد على أن يكون عدواً مباشراً لهم، لم تشر المصادر التاريخية بعد إبرام الصلح، إلى أى احتكاك بين الطرفين وانفرد ابن الأثير برواية تشير إلى تعاونهما عندما طلب صلاح الدين من رشيد الدين سنان قتل ريتشارد قلب الأسد، وكونراد مونتفيرات صاحب صور، ووعده بدفع الأموال مقابل ذلك، لكن سنان خشى أن يتخلص صلاح الدين من أعدائه فيتفرغ للحشيشة ويقضى عليهم، لذلك اكتفى بقتل كونراد وعدل عن قتل ريتشارد.