من النجمات المنسيات فى الفن المصرى والعربى الفنانة لولا صدقى، التى اشتهرت بتقديم شخصية المرأة الشريرة التى تدبر المكائد لغريماتها أو المرأة اللعوب التى يقع في حبها الرجال المتزوجون فتخرب لهم بيوتهم.
لولا صدقي نجمة من المنسيين في الفن وهم كما ذكرنا من قبل هم كوكبة من الفنانين الذين أمتعونا بأدوارهم حتى ولو كانت صغيرة، فهم كما أطلق عليهم الفنان رشدى أباظة "طبق السلطة الشهى على مائدة الفن"، والكثير منا لا يعرف أسماءهم الحقيقية وقصص حياتهم وكيفية دخولهم عالم الفن وهم بالمناسبة ليسوا كومبارس بقدر كونهم فنانين لهم أدوار مؤثرة فى السينما أو يقدمون أدوارا مساعدة، وبعضهم تطور من تقديم أدوار صغيرة لتقديم أدوار أساسية فى الأفلام مع أبطالها، وحقهم علينا أن نعرف الجمهور بهم ليعرف أسماءهم مثلما يحفظ وجوههم وهم بالمناسبة يتعدى عددهم الـ1000 فنان وفنانة وأغلبهم لم ينالوا حظهم من النجومية والشهرة كغيرهم من نجوم الصف الأول والثاني، إلا أنهم بأدائهم الصادق وتفانيهم فى العمل نالوا محبة الجمهور، وتركوا بصمة خاصة فى تاريخ السينما المصرية.
نعود للفنانة لولا صدقي سنجد والدها هو الكاتب الكبير أمين صدقي الذي تزوج من إيطالية وأنجبها وكان في البداية رافضا تمام لعملها بالفن ولكن أزمة مالية مر بها تسببت في موافقته على عملها، لتبدأ مطربة بأحد الكباريهات تغني باللغة الفرنسية، ثم عملت بالمسرح بعد ذلك اتجهت إلى السينما بسبب معاناتها مع "الأنيميا"، وعدم قدرتها على التعب والمشقة ومواصلة ساعات العمل، بحسب ما يتطلبه الوقوف على المسرح.
شاركت الفنانة لولا صدقى فى عدد من الإعلانات كموديل، قبل شهرتها ودخولها لعالم الفن وجاء دخولها السينما على يد المخرج أحمد بدرخان في فيلم "حياة الظلام" وانطلقت بعدها لتقدم 49 فيلما، من كلاسيكيات السينما المصرية وشاركت فى عدد من الأفلام السينمائية المهمة، أبرزها "الاستاذة فاطمة"، "حرام عليك"، "عريس مراتي"، "أبو حلموس"، "أحبك إنت"، "عفريتة هانم"، "المنزل رقم 13"، "النمر"، "شهرزاد"، وغيرها من الأعمال.
ويقال رواية أخرى فى قصة التحاقها بالفن هي أنها ظلت حبيسة منزلها تبكى على عدم تنفيذ رغبتها من قبل والدها وعرضت مأساتها على شقيقتها صفية، فاصطحبتها إلى الريجيسير قاسم وجدى، الذى قدمها إلى صاحب ملهى ليلي شهير لتتعاقد معه على الغناء باللغة الفرنسية والرقص الذي تعلمته من راقص إيطالي شهير يقيم في مصر، هو بوللو باستاني، الذي أخضعها لدورات تدريبية في الرقص الشرقي لتصبح أشهر راقصة في أشهر قليلة ومطربة باللغتين الايطالية والفرنسية في الملاهي الليلة واعتادت على غناء الأدوار المشهورة مثل: "يا مصطفى"، "أنا هويت وانتهيت" لسيد درويش، مما تسبب في شهرتها سريعًا وهو ما أزعج والدها ولكنه رضخ بالموافقة تحت وطأة الفقر والحاجة، خاصة بعد أن ساءت أحواله المادية بشدة، ليتوسط لها بعد ذلك للمشاركة في مسرحية مع فرقة دكتور أمين توفيق فى دور صغير لتعتلي خشبة المسرح وتعشقه وتودع حياة العمل في الملهى الليلي، حيث وجدت متعتها في التمثيل.
ومن المعروف عن لولا كثرة وقوعها في الحب، فهى فى حالة عشق مستمر، ويُقال إنها عشقت فريد الأطرش خلال تمثيل فيلم "عفريتة هانم"، ويبدو أنها حاولت أن تعرض عليه حبها بأسلوب خفي، ولكنه أدرك ما تسعى إليه وأفهمها بأسلوب منمق أنه يعتبرها كشقيقته الصغرى، فداعبته قائلة: "ألم أكن أولى أن أكون أنا العفريتة وليست سامية جمال؟!"، فعلق فريد بذكاء قائلًا: "أنت بالفعل عفريتة الفن".
تزوجت لولا صدقي تسع مرات، فكان زواجها الأول بأشهر رسام للإفيشات السينمائية، محمد راغب، أما الزوج الثاني فكان يعتمد في دخله على ثراء أسرته، والثالث مصور سينمائي إيطالي اسمه جياني دالمانو، أشهر إسلامه وسمي باسم أمين المهدي، والرابع ثري من ذوي الأملاك، ويعيش على ثراء أبيه وأمه، وكان يطلق على هذه الفئة من الشباب في القرن الماضي "من ذوي الأملاك"، أما خامس أزواجها فكان محللاً للزوج الرابع الذي طلقها ثلاث مرات، والزوج السادس كان رساماً فرنسيا، ولم يستمر زواجهما طويلاً لكونه استدعي للعودة الى باريس، وكان الزوج السابع إيطاليّا، يشغل منصب مدير فندقي المقطم والمنتزه، ولم يعرف أحد شيئا عن هذا الزواج، إلا بعد أن وقع بينهما الطلاق، وتزوجت الرجل الثامن، وهو علي رضوان مدير انتاج شركة أفلامها السينمائية، وظروف زواجها وطلاقها منه ما زالت مجهولة حتى الآن، أما الزوج التاسع والأخير، فهو رجل أعمال أرمني، التقت به في لبنان، ومن غير المعلوم اذا ماكانت قد قضت سنوات عمرها الأخيرة معه، أم انفصلا..
وفي عام 1964 اعتزلت لولا صدقي التمثيل وهاجرت الى ايطاليا وعملت هناك في العديد من الأفلام الإيطالية والفرنسية والأميركية، وعاشت حياتها في هدوء حتى قضت نحبها في المهجر عام 2001 من دون أي أخبار أو معلومات عنها.. فلم يكن العالم مفتوحاً على بعضه كما هو الحال اليوم.