كانت مصر من أولى الدول التى عرفت السينما بعد باريس، التى شهدت أول عرض سينمائى تجارى عام 1895، وشهد عام 1907 بداية أول إنتاج سينمائى مصرى من خلال أفلام تسجيلية لبعض المناطق والمناظر المصرية، وكان أول إنتاج لأفلام روائية مصرية عام 1917.
ولكن هل فكرت من هو أول شخص شاهد السينما فى مصر؟ وهل تعرف أنه أديب كبير؟
فى عدد نادر من مجلة الكواكب، صدر عام 1953، أجرت المجلة حوارا صحفيا مع الأديب الكبير عباس محمود العقاد عن السينما والفن فى مصر، تحت عنوان "جاء على لسان الأديب الكبير" يقول فيه: "السينما فى مصر رقص وغنا وخناق".
وخلال الحوار سأل محرر الكواكب الأديب الكبير عن أول مرة شاهد فيها السينما، فكانت المفاجأة فى إجابة العقاد، حيث قال: "أنا أول من رأى السينما فى القطر المصرى كله".
وعندما اندهش المحرر قال الأديب الكبير: "كان ذلك عام 1902، وكنت ما زلت طفلا فى مسقط رأسى أسوان التى كانت مشتى عالميا، يزوره أعظم شخصيات أوروبا، وبها عدد من الفنادق على أعلى مستوى تهتم بعمل حفلات ترفيهية للسياح، وكانت الفنادق تنظم رحلات للسياح فى مناطق المدينة، ومنها المدارس، وتدعو الطلبة المتفوقين لحضور الحفلات التى تقام فيها".
وتابع العقاد: "وقع على الاختيار لحضور إحدى الحفلات مع بعض الطلبة المتفوقين، وكانت السينما قد ظهرت فى أوروبا، وعرضوا خلال الحفل بعض المشاهد التى تم تصويرها، وهكذا كنت أول من شاهد السينما فى مصر، حيث لم يشاهدها جموع الناس فى مصر إلا بعد حوالى 14 عاما من هذا التاريخ".
وعندما سئل العقاد عن علاقته بالفنانين المصريين أجاب بأنه ارتبط بعلاقة صداقة مع عدد منهم، مثل: يوسف وهبى وفاطمة رشدى وأنور وجدى وأمينة رزق وزينب صدقى وروزاليوسف ومديحة يسرى وروحية خالد.
وأشار الأديب الكبير إلى أنه تعرف على رواد الفن فى طفولتهم وبداياتهم، موضحاً أنه رأى فاطمة رشدى قبل أن يتجاوز عمرها 15 عاما، وكانت تمثل فى فرقة الفنان عزيز عيد، ورآها وهى تجلس كل يوم فى ركن لتأكل حلواها المفضلة "الفروت سلاد"، مثل باقى الأطفال فى المسرح، ورأى يوسف وهبى وهو طفل فى المدرسة، حيث كان العقاد مدرسا فى مدرسة وادى النيل التى كان يملكها ويديرها عمه محمد وهبى، وكان يوسف وهبى يزور عمه فى المدرسة ويشترك فى الحفلات التمثيلية بها، وشاهده فى إحدى هذه الحفلات يقلد أحد الشيوخ الذين حضروا الحفل وقتها.